بين مجلس شركاء المرحلة الإنتقالية و مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني
د. أحمد محمد الحسن فقيري

يتردد في الساحة السياسية بعد أزمة مجلس شركاء المرحلة الإنتقالية ، إن إختصاصات المجلس يجب أن تقتصر على التنسيق دون سواه كمخرج لهذا الواقع المأزوم . و لكن هل هذا التوجه يصلح حلاً ؟ الإجابة قطعاً لا و ذلك لوصفه التنسيق بإعتباره إختصاص . و عليه يصبح ضرورياً ضبط المفاهيم علماً أن الجدل الحالي هدفه ، ظاهرياً، تحسين أداء إدارة الدولة _ و معلوم أن التنسيق و الإختصاصات مفاهيم إدارية لها مدلولات محددة.
فالتنسيق ليس إختصاص، بأية حال ، لكنه آلية لتنفيذ الإختصاصات و المهام من خلال أدواته الثلاث و هي :
التوجيه بالإشراف المباشر Direct Supervision ، و بالتعديلات المتبادلة في المواقف Mutual Adjustment ، و بتوحيد أنماط المخرجات من خلال القوانين و اللوائح Standardization .
أما الإختصاصات فهي مهام و أدوار و أنشطة يتم تفعيلها من خلال آلية التنسيق إستناداً على آلياته الثلاثة المشار إليها أعلاه .
و معلوم أن الجهاز الحكومي يتكون من الرئاسة و السلطة التنفيذية و التشريعية بالإضافة إلى السلطة القضائية. تباشر هذة الأجهزة كلياً أو جزئياً آليات التنسيق المشار إليها أعلاه.
و بالعودة إلى مجلس شركاء المرحلة الإنتقالية توضح القراءة المتأنية بين السطور أن إختصاصاته تتداخل مع إختصاصات المجلس التشريعي الذي يختص بتوجيه أعمال الجهاز الحكومي كسلطة أصيلة، من خلال الإشراف المباشر عليه ، و من ثم مسائلته ، و أيضاً بتوحيد أنماط مخرجاته من خلال إصداره التشريعات و القوانين ، بلإضافة إلى كونه منتدى للوصول لتوافقات بالتعديلات المتبادلة في المواقف بين مكوناته المختلفة .
عليه يصبح الحديث عن كيان جديد لإحداث التوافقات و التوجية ، تكراراً واضحاً و إزدواجية لأجهزة موجودة فعلاً و مؤسسة بموجب الوثيقة الدستورية وهو بالتالي لزوم ما لا يلزم .
أخيراً و ليس آخراً أريد التنبيه إلى أهمية الرجوع إلى إختصاصات و ممارسات مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني الفضفاضة و الغامضة ( مثلها مثل إختصاصات مجلس الشركاء ) و خاصة المادة 112 منه و ما يليها و التي جعلته المتحكم الرئيس في كل تفاصيل المشهد السياسي الإيراني. و بالمقارنة مع مجلس شركاء المرحلة الإنتقالية فهو لا يعدو أن يكون متطابقاً معه الحافر بالحافر و صنواً له _و معلوم أن مثل هذه الأجهزة هي في كل الأحوال لا تخرج عن كونها كيانات فوقية لتحجيم و تعطيل المسار الديمقراطي .