مقالات سياسية

التعليم في زمن (الكورونا)

عبد الله الشيخ

خط الاستواء

وردت إلى بريد الزاوية هذه الرسالة من المعلم أحمد مختار البيت:

الشعوب العظيمة هي التي تتخذ المواقف المناسبة والقرارات الصعبة حين يتطلب الأمر ذلك..اليوم يمر السودان بأخطر المنعطفات في تاريخه، يحتاج لقرارات تتناسب وحجم الأزمة الشاملة التي تعصف به. وهنا أناقش موقف العام الدراسي والحالة الصحية وقلق المجتمع من ضياع العام الدراسي ،فقد تقاطع من خلال التصريحات موقف وزارة التربية وتقييمها مع رؤية وزارة الصحة والجهات المعنية، الأمر الذى أدخل الجميع في حيرة، ولجأ بعض الميسورين إلى الحلول الفردية،فقد تعودنا في السودان أن الذي يصنع القرارات والمواقف هو المال لا الحقائق والعلم، وتلك إحدى مصائبنا الكبيرة التي اوردتنا مانحن فيه الآن. فبعملية مسح  سريعة يمكن أن نصل إلى حقيقة أن  جزء ضيئل من الأموال التي يدفعها البعض رسوم في المدارس التجارية الخاصة، يمكن أن يؤسس مدارس حكومية بمواصفات نموذجية تستوعب كل أبناء المقتدرين والفقراء من أهل السودان،ولكن خطل السياسات وغياب الرؤية والأنانية والفردية التي نمَّتها الإنقاذ، أقعدت همة المجتمع ودوره في تنمية وطنه فانحسر دور الرأسماليين الوطنيين والمحسنين،الذين كانوا يشيِّدون المدارس ودُور العلم بجهدهم الذاتي، وحولت سياسات الكيزان الاقتصادية المتوحشة التعليم إلى مجال للاستثمار والبزنيس بلا ضوابط أو معايير، حتى غدا التعليم الخاص هو المهيمن على قطاع التعليم بنسبة 75 في المائة حسب دراسة اعدها، أحد المستثمرين فيه.

لم  لا تتخذ الدولة قرارات بقامة الأزمة التي نعيشها اليوم؟

ما الذي يمنع أن تتخذ الدولة قرارا  بتجميد الدراسة عاما كاملا وتوجه فيه طاقات الشباب والطلاب للعمل والتنمية والنظافة والتشجير والبناء على الأقل في المدارس؟

لم لا تشكل وزارة التربية لجان متخصصة، تعكف على دراسة واقع التعليم وإمكانية مساهمة المجتمع فيه وفق تقديرات صحيحة لمداخيل أولياء امور  الطﻻب، وتوظيف الأموال المتوفرة في صندوق خاص لبناء وتأهيل مدارس تتهيأ فيها يسئة تعليمية سليمة ومعافاة ،بدل هذا التمزق النفسي للأسر والتلاميذ  والتوهان والضياع والجري وراء سراب وأحلام الدعايات التلفزيونية المضللة؟

أغلب الأسر تتعرض لضغوط رهيبة من ابنائها في سبيل ايجاد فرص لهم في مدارس محددة، ذات مواصفات شكلها الإعلام و ورسمتها الدعاية في مخيلتهم وفي ذهنية المجتمع  فأصبح أولئك الصغار فريسة لتلك الصور الملونة المعلقة في الشوارع والبنايات الشاهقة…. مدارس تعلن حتى في فصل الشتاء عن فصولها المكيفة و عن التعاقد مع جهابذة معلمين ،ويظل الصغار في انتظار مؤتمرات صحفية – مؤتمرات النجاح والتفوق – مؤتمرات لن تأتي لكي تزفهم إلى الشهرة والتفوق،،، وبذلك اصبحنا نساهم من حيث ندري  ولا ندرى، في تحطيم نفوس آﻻف  التلاميذ والطلاب الذين  ظنوا – وبعض الظن إثم  – أن النجاح والتفوق لا يتحقق إلا بالدراسة في تلك المدارس المحددة، وليس بالمثابرة والإجتهاد والمذاكرة والتحصيل والصبر،.. بهذا  نساهم جميعا في خلق مشكلات نفسية واجتماعية وخلافات داخل الأسر لا تليق بالتربية والتعليم.

هل  يعلم هؤلاء الصغار أن آباءهم والكثير من المعلمين الذين يعملون في تلك المدارس التي يحلمون بها  تلقوا تعليمهم تحت ظلال الأشجار ولم يمنع ذلك تفوقهم ونجاحهم حين كان المعلم وليس المبنى ركيزة العملية التربوية والتعليمية؟

ما الذي يمنع تنظيم مساهمات المجتمع في التعليم، وبناء مدارس ذات بيئات مقنعة، طالما أن هناك كثيرين قادرون على دفع أموال طائلة لتعليم أبنائهم في المدارس التجارية أو الخاصة- سمها ما شئت..

نحتاج لوقفة مع الذات ومراجعة سياساتنا تجاه التعليم، خشية ان نقع في دوامة الفشل، إن لم نوقف هذا التردي الذي أصابنا في أخلاقنا.

أحمد مختار البيت

نقلاً عن المواكب

عبد الله الشيخ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..