مقالات وآراء سياسية

رسالة في بريد السيد رئيس مجلس الوزراء ..!

محمد عبدالله ابراهيم

لقد أجمع الثوار وقطاعات الشعب السوداني العريض علي تأيدك عندما تم ترشيحك إلى منصب رئيس مجلس الوزراء، ولقد حظيت بإجماع وقبول من مختلف مكونات الشعب السوداني ومؤسساتهم الحزبية والتنظيمية لم يحظى به أحداً من السياسيين السودانيين، ولقد قمت بأداء القسم في 21 اغسطس 2019م وتم تعيينك رئيساً لمجلس الوزراء، ولقد قمت بتشكيل حكومتك في 5 سبتمبر 2019م، وكان الشعب السوداني كله أمل في أن تكون حكومتك راشدة وعادلة تحقق له ما فشلت فيه كآفة الحكومات السابقة التي تعاقبة على السودان، والسودانيين يمنون أنفسهم في أن يعيشوا في كرامة ورخاء اقتصادي في ظل دولة تسودها الحرية والسلام والعدالة، دولة تصون الحقوق وتحقق المساواة والمواطنة بلا تمييز، دولة ناهضة تنمو وتزدهر إقتصاديا واجتماعياً وسياسياً تحقق الرفاهية لشعبها وتلحق ركب الدول المتقدمة، وهكذا كانت أماني الجماهير العريضة التي أيدتك، وكانت تمثل أهداف سامية لثورتها العظيمة، وان الجماهير العريضة التي خرجت تهتف في شوارع وطرقات المدن والقرى السودانية تأيدك كانت تنظر إليك كمنقذ لها من الجهل والمرض والجوع والفقر والنهب، ولبلادها من التخلف والشتات والضياع، إلا أنه وللأسف الشديد كل تلك الأماني تبخرت والأحلام تحطمت، واذدادت الأوضاع سُوءاً على سُوء وأصبحت أسوأ مما كانت عليها، وحيث مسخت الحياة وأصبحت لا طعم لها ولا لون، وبئس حال الناس واصبحوا لا حولا لهم ولا قوة، وعم الفوضى في والأسواق والتلاعب في الأسعار وانعدمت المسؤولية والأخلاق، وأصبحت بلادنا على شفا حفرة من نار، وانت تعلم ذلك ولكنك لا تحرك ساكنا سوى الخطابات التى تخرج بها إلينا من حين لآخر، والتى لا تحمل في طيأتها شيئاً ذا بال سوى كلمتين “سوف نعبر و سوف ننتصر” .

السيد رئيس مجلس الوزراء:
أننا ندرك الصعوبات والتحديات التى تواجهها ونقدر مجهوداتك وما تقوم به من عمل، ولكن عندما تمس الأمور قوت ومعاش الناس وتجعل حياتهم في خطر فأعلم أن السوء قد بلغ الذروة والمصيبة كبرى وان بلادنا على كف عفريت، وانت تعلم أن الثورة السودانية المجيدة قامت من أجل مطالب وأهداف مشروعة لبناء سودان جديد، وان إسقاط الثورة للنظام السابق ليس انتقاما من قياداته، وانما من أجل الإنتقام من سلوك وسياسات النظام البائد التى أورثت بلادنا الجهل والفقر والمرض والفساد والفشل الذي أحاط بنا من كل جانب حتى أصبحت سمة ملازمة لكآفة قطاعات ومؤسسات الدولة، وعلي الرغم من إسقاط النظام إلا أن مسببات قيام ثورة أخرى حاضرة أكثر من أي وقت مضى.

السيد رئيس مجلس الوزراء:
لم يراودنا أدنى شك في انحيازك للثورة السودانية وثقتنا فيك كبيرة ولن تتزحزح أبداً في مدى دعمك لأهداف الثورة السودانية والانحياز إلى جانب قضايا الجماهير، ولكنك لم تكن بقدر حجم هذه الثورة العظيمة لتقودها، وذلك نتيجة للضعف الشديد في شخصيتك التى أصبحت تتوارى خجلاً خلف كلمتين فقط “سوف نعبر و سوف ننتصر” ولا تقوى على فعل شيء آخر.

السيد رئيس مجلس الوزراء:
نحن نعلم كما الآخرين وكما تعلم انت، أن ترشحك لمنصب رئيس مجلس الوزراء تم من قبل قوى الحرية والتغيير، وان كآفة قطاعات ومؤسسات الشعب السوداني أيدت ذلك، ولكننا لا ندري هل انت تعلم ام لا بانك تمثل إرادة الشعب فى رئاسة مجلس الوزراء وليس قوى الحرية والتغيير ولا اي جهة أخرى، ونحن ندرك بأن إحدى اسباب التعقيدات في المشهد السياسي الراهن لبلادنا هو عدم وحدة قوى الحرية والتغيير التى ظلت منذ اليوم الأول من سقوط النظام تدور حول صراعات داخلية معقدة ومشاكسات سياسية فارغة وحزبية فاشلة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تمد إلى الثورة السودانية العظيمة باي صلة، وانت تعلم قبل غيرك بأن اسباب تأخر تشكيل حكومتك في سبتمبر 2019م يرجع إلى خلافات داخل مكون قوى الحرية والتغيير، كما أنك تحدثت صراحة إلى السودانيين في الرياض إبان زيارتك في أكتوبر 2019م “أن حكومتك لا تمتلك اي برنامج وان قوى الحرية والتغيير لم تعد أي برنامج أو رؤية للفترة الانتقالية”، وعليه عليك أن تعلم أن من اسباب ضعف شخصيك تتمثل في الأسئلة الآتي:

لماذا لم تقوم بذات نفسك وتعمل على إعداد برنامج ورؤية للفترة الانتقالية؟ وتستعين بما تراه مناسبا من شخصيات داخل او خارج قوى الحرية والتغيير ولا سيما الكفاءات الوطنية داخل وخارج السودان.

لماذا لا تتعامل مع قوى الحرية والتغيير وكآفة مكونات الحكومة الاخرى كشخصية قوية ومستقلة جاءت بها الثورة رئيسا لمجلس الوزراء وليس كشخصية ضعيفة ومتعاطفة تحرك بأيادي من قوى الحرية والتغيير من جانب وبقية مكونات الحكومة من جانب آخر، ورهينة في أيدي مجموعة من حولها تأمر بأمرهم وتنهى بنيهم؟

لماذا لم تفكر في أن تنظر إلى مجريات الأحداث من زاويتك الشخصية المستقلة وتتخذ ما تراه مناسبا من قرارات واضحة تصب في مصلحة بلادنا وتعالج قضايا الشعب خاصة الظروف المعيشية دون أن تلتفت إلى أولئك الذين من حولك؟

لماذا تكتفي بالجلوس في مكتبه دون أن تفكر في متابعة العمل بنفسك وتقوم بزيارات ميدانية تفقدية إلى مؤسسات ومرافق الدولة لمتابعة سير العمل والوقوف على الصعوبات والتحديات التي تواجهها تلك المؤسسات؟ ولماذا لم تكون لجان أو أجهزة لمتابعة سير العمل ومراقبة أداء وزراء حكومتك؟

لماذا لم تقوم بعقد لقاءات مكاشفة صريحة مع الشعب السوداني توضح فيها الأسباب الحقيقية والرئيسية وراء الأزمات الراهنة في البلاد، خاصة أزمتي الخبز والوقود، وتقوم بتشخيص وتوضيح أماكن الخلل بكل شفافية ووضوح عن الذين يقفون وراء تلك الأزمات هل هي الدولة العميقة وفلول النظام البائد، ام هم قوى الحرية والتغيير، ام المكون العسكري، ام هو فشل الجهات المسؤولة والمختصة بهذا الشأن في الدولة، ام هو ضعف إمكانية الدولة، … الخ.
وعليك أن تعلم أنه عندما تقوم بتحديد إماكن ومصادر الخلل والذين يقفون من وراءها ولم تتمكن من معالجتها، نحن على يقين تام بأن الشعب السوداني يمتلك الشجاعة والقدرة على معالجة الخلل وانه يستطيع ذلك.

السيد رئيس مجلس الوزراء:
اعلم أن الأوضاع الراهنة لبلادنا في غاية السوء وان الحكومة لم تقوم بواجبها على أكمل وجه، وان هنالك فوضى عارمة وتنصل عن المسؤوليات وقصور واضح عن المهام في كآفة اجهزة الدولة، وان الدولة فشلت في إدارة البلاد، وأننا ندرك بأن التحديات كبيرة ولكننا بالعزيمة والعمل الجاد يمكن أن نتجاوز كل الصعوبات، فقط عليك بالشفافية والوضوح مع الشعب، ومواجهة التحديات بكل جرأة وشجاعة وليس الهروب منها، ونعلم أن بلادنا لا تحتاج إلى ثورة آخرى ولا لإنقلاب، وذلك لأننا ندرك أن في ظل هذه الانقسامات سوف تكون أضرارها وخيمة على شعبنا وبلادنا، وتقودنا نحو اللا عودة، ونحن على مشارف العيد الثاني لثورتنا الشعبية العظيمة، وفي ظل السلام الذي انتظم ينفث في قلب الوطن نريدك أن تقوم بثورة داخل حكومتك وأجهزة الدولة المختلفة حتى تكون على قدر مقام الثورة وتضحيات شهداءنا،

السيد رئيس مجلس الوزراء:
أن بلادنا تحتاج إلى رؤية وبرنامج سياسي واضح وقيادة موحدة، ولن يتحقق ذلك مالم يكون هنالك شراكة حقيقية مع كآفة مكونات الثورة مدنيين وعسكريين وقوى الكفاح المسلحة، ومشاركة فاعلة للجان المقاومة وأسر الشهداء والنساء والشباب والطلاب دون مذايدة من أحد ودون تخوين أحد، ونأمل في تحقيق ذلك، ونحن لا نريدك أن تكون حمدوك بل إن تكون رئيس مجلس الوزراء…

وشكراً

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..