صرف النظر الى ….

تعمل جهات حكومية معتبره في الاعلام والإدارات الوزارية المختلفه علي التاكيد وتكريس ان رفع اسم السودان من القائمة الامريكية للدول الراعية للإرهاب ، هو الحل السحري والشامل والنهائي لمشكل ومعضلات الاقتصاد السوداني ، وذلك بجلب المعونات والقروض وقطع الغيار والاسبيرات والبرامج التقنية الحديثه والتحويلات والبنكية ثم الاستثمارات العالمية الكبري ، وإعفاء ديون السودان وهذا كله صحيح وممكن وطبيعي ، ولكن غير أن حالة كوننا دوله مصنفة إرهابية في العهد السابق المنهار ، إلا ان النهج الذي بني عليه إقتصاد الوطن يرجع لعهود سابقة طوال الدكتاتوريات العسكرية التي هيمنت علي الدولة بنهج التبعية الاقتصاديه للنظام الراسمالي العالمي الغير إنساني ، وللتدليل علي ذلك كل دول العالم الثالث النامية (النائمة) وكذلك استمرار نظام الانقاذ في الحكم رغم إهداره لحقوق الانسان والحريات بتعاون مع أنظمة حكم وكيلة لأمريكا في المحيط الاقليمي، كل ماتقدم مما ذكرت بهدف التأكيد علي ان رفع اسم السودان .. ليس هو البلسم الشافي والنهائي لما نعاني منه إقتصاديا .
إن بناء اقتصاد وطني علي قاعدة الانتاج متعدد الأوجه في المجالات المختلفه زراعي وحيواني وصناعي تحويلي بسيط ومتطور ، وإصلاح نظام التجارة الخارجية ، في التصدير والإستيراد ، وضرب الإحتكارات الكبري التي تسيطر علي الإحتياجات الاساسية للسلع الاساسية لحياة الإنسان في السودان ، دون النظر القاصر للسكان علي اعتبارهم جميعا موظفي دولة واصحاب رواتب شهرية ، وغض النظر علي القطاع العريض من المزارعين والرعاة في المشروعات المروية والمطرية علي امتداد احزمة السافنا الفقيرة والغنية، ورعاة قطعان في مختلف فئات الحيوان ، وفوق هذا قطاع عريض من شباب العطاله الخريجين وغيرهم و صغار التجار والحرفيين والعمال وصغار الكسبة من الفراشين والتشاشين ، من لفظتعم سياسة التبعية الاقتصادية خارج دائرة الإنتاج المثمر وجعلتهم فقراء مدن وريف ، وتكرست نظمة الاستغلال ، لهذه الطاقات وتحولت لتسود البني المعرفية للطفيلية الراسمالية وترويج أنظمة الربح السريع دون جهد أوعمل مقابل لذلك المال ، لتنمو وتزدهر طبقات من السماسرة وعبدة الكسب السهل، وتراجعت تحت حماية النظام الأخواني اللصوصي المنهار ، قيم شرف العمل والإنتاج.
فإن الإحتفاء برفع اسم السودان من القائمة المعنية بالارهاب لدي امريكا ، بهذه الحفاوة ، يخفي خلفه ، إتباع نفس ذات النهج في السعي للحصول علي المنح و القروض وإستمرار الوكالاء الغير مباشرين في ظل النظام السابق إلي ولكلاء مباشرين تحت الحكم الإنتقالي ، ذات الشركات بل ذات الشخصيات والاسماء ، فإن خلع البزة العسكرية لمانح العطاء ولباسه البدلة وربطة العنق ، او الجلباب والعمة فقط ، ليس هو التحول المرجو للنظام الاقتصادي لبناء الوطن ، لابد من القطيعة الكلية والنهائية مع سماسرة ما سمي السياسات البديلة وهي نفس السياسات السابقة ، ويتم بعد (المؤتمر الاقتصادي المجازي والشكلي) الإستمرار في ذات سياسة التجاهل برفع الدعم ، والدولة هي المستهلك الأكبر لكل موارد الطاقة من الجازولين وبنزين وكهرباء وكذلك الرابح الأكبر، لتمول رواتب كبار موظفيها في القصر ومجلس السيادة والوزراء ومستشاريهاو الولاة وكبار ضباط الجيش والشرطة والامن ، ومكاتب إداراتهم المترهلة في الوزرات والتي تزداد يوما بعد يوم ، وتستمر أسعار السلع الضرورية لحياة كل الناس وبالأخص علي منهم خارج القطاع الحكومي، وهم من يمولون بالرسوم والجبايات والضرائب والجمارك رواتب من السادة في الوظائف العليا للدولة ، دون ان تحدث سياسة حكومة الثورة الإنتقالية التحول الحتمي (من إقتصاد حكومة الانقاذ التبعي) ، نهنئ برفع اسم السودان ، ليس من قائمة الارهاب فحسب ولكن برفع اسم السودان عاليا كدولة قادرة علي بناء إقتصاد السيادة والإستقلال والوطنية الحقة ، الذي يوفر لمواطنية الأسس المعيشة بعزة وكرامة ، ويتقدم الصفوف كدولة تبني ذاتها بقوة مشروعات البحث العلمي التطبيقي، وعزم شبابها الثائر .
علي الامين
فنان تشكيلي
الخرطوم
١٥ ديسمبر ٢٠٢٠م
اوافيكم الراي…لا بد من ثورة تصحيحية حقيقية فى الاقتصاد