
هل هو طبعٌ قديم في الثيران و البشر؟؟
ظللت أعجب – كلما رأيت قطيعاً ضخماً من الثيران البرِّيَّة يعدو فارَّاً أمام بضعة أسود – كيف تجرؤ الأسود على مطاردة قطيع من كائنات يستطيع فردٌ واحدٌ منها ، إن هو غيَّر اتجاهه إلى الخلف ، أن يصرع بقوّته الهائلة ، ثلاثة منها؟..
ثم أتابع المشهد ، لأرى قطيع الأسود الذي لا يتجاوز الخمسة ، ينفرد بعجلٍ منها أخيراً ، يحاصره من كل جهة ، فلا يجد الضحيّة ، بعد أن أنهكه الجري فراراً ، لا يجدُ مفرَّاً من الدفاع عن نفسه .. فإذا به ، رغم تكاثر الأعداء و جراءتهم و قوّتهم ، يُبلي فيهم بلاءهُ ، و لا ينهارُ إلى الأرض إلا بعد أن يبقر بطن أحدهم، أو يفقأ عينه، أو يكسر له ساقاً .. ثم يموت بين أنيابها و قد أدرك – بعد فوات الأوان – أن الأسود أضعف كثيراً مما كان يظن القطيع..
أتساءلٌ عجباً : ألا يعرف قطيع الثيران أنّه لو انقلب راجعاً لفرَّت الأسود من أمامه تبغي النجاة؟؟.. سيقول أحد الساخرين :
– و من أين للثيران بالعقل لتعرف أنّ في الاتِّحاد قوَّة؟
و لكنَّ البشر يعرفون .. منذ القِدَم يعرفون ، و يظلُّ أمرُهم رغم ذلك لا يختلف كثيراً عن أمر الثيران البرِّيّة!!
كم أمَّةٍ من البشر ظلّت تعاني الظلم و الاحتقار و “الافتراس” ، بأيدي عصابةٍ صغيرةٍ يقودُها “فُتوَّة” مختلّ العقل .. ربَّما سمّى نفسه (رئيساً) أو (ملكاً) أو (جنرالاً)؟؟.. كم من الملايين يتجرَّعون الظلم و الهوان بأيدي بضعةِ مئاتٍ من “شذّاذ الآفاق” جمعتهم المطامع ؟؟ ما الذي يمنع تلك الملايين من الفتك بأولئك المئات؟؟..
إنَّها (رُوحُ القطيع).. ذلك الرُّوحُ الحيواني الذي ظلَّ يؤكِّد – على مدى تاريخنا على الأرض – أنّنا جزءٌ من مملكة الحيوان ، و أنَّنا – مع ذلك – الجزء الوحيد في تلك المملكة الذي يستطيع في لحظات تجلٍّ نادرة أن يتحرَّر من روح القطيع ، تلك اللحظات التي كانت إيذاناً ببناء حضاراتنا العظيمة .. ثم ما نلبث أن نرتدّ إلى أصلنا ما إن نركن إلى حياة الدعة و الرَّفاه ، فنستسلم مرَّةً أخرى لروح القطيع ..
العجيب حقَّاً أنَّ جميع رسالات السَّماء جاءت لتحرِّر الإنسان ، قبل كلِّ شيء، من “روح القطيع” هذا .. جميع رسالات السَّماء جاءت لتحرِّر الإنسان ممّا (وجد عليه آباءه) – روح القطيع الرأسي – ، ثم لتحرِّرهُ من التقليد الأعمى لمجتمعه الحاضر ، فلا يكون (إمِّعة يقول أنا مع الناس إن أساءوا أسأت و إن أحسنُوا أحسنت) ، أي روح القطيع الأُفقي ، و مع ذلك ، كافح المستبدُّون الطغاة لجعل روح القطيع الحيواني هذا جزءاً أساسيَّاً من الدين!! .. و لم يتورَّعُوا في سبيل ذلك من الافتراء على الأنبياء و الرسل .. و بين المسلمين تحديداً افتروا على رسول الإسلام ، صلوات الله عليه و سلامه ، أحاديث تجعلُ طاعة “الحاكم” ، أيَّاً كانت الطريقة التي جاء بها ، و كيفما كانت أخلاقه و سلوكه ، فرضاً على المسلم ، بل شرطاً لإسلامه!!.. حتى إن أخَذَ أموالَ النّاس و ضَرَبَ ظهورَهم .. حتى إن كان منافقاً ظاهر النفاق .. !!!..
و لكن الطواغيت لم يكتفوا بتجارة الدين وحدها ، و قد علموا أنَّه مهما تكاثر الدعاة لدين الفراعنة الذي يجعلُ روح القطيع عبادة ، فإن هنالك دائماً من يوقظ الأفئدة لدين الله ، دين الفطرة الذي يُحرِّمُ قبول الظلم و الاستضعاف، و يجرِّمُ طاعة الظالم، فلجأوا إلى تكتيكات عديدة ، بجانب الدين ، ليحفظوا لدى رعاياهم روح القطيع التي تجعلهم قطعاناً متفرِّقة يجري كلٌّ منها في اتجاه.. عمل الطواغيت دائماً على بث الفرقة التي تمنعُ احتشاد الضحايا في وجوههم .. بإحياء روح القبيلة تارة، أو ببث روح الاستعلاء الديني أو العرقي أو الجهوي أو الثقافي .. بل أوغل المستبدُّون حتى عمدوا إلى نشر المخدرات بين شباب رعاياهم حتى يقتلوا في نفوسهم روح التمرُّد على الظلم ..
لن تسلم دنيانا و لا ديننا إن لم نتحرَّر من “روح القطيع” التي تزدري العقل و تقدِّسُ “الغريزة”.. يجب أن نكون قادرين على فعل ما لم يستطع فعلهُ قطيع الثيران البرِّيَّة أمام شرذمة من الأسود الانتهازيَّة..
يجب أن تكون الملايين قادرة على سحق المئات المتسلَّطة عليها، و لن تستطيع أن تفعل ذلك حتى تؤمنُ بأنها أمَّةٌ واحدة ، ليست قبائل ، و لا ألوان ، و لا أديان..
ظللت أعجب – كلما رأيت قطيعاً ضخماً من الثيران البرِّيَّة يعدو فارَّاً أمام بضعة أسود – كيف تجرؤ الأسود على مطاردة قطيع من كائنات يستطيع فردٌ واحدٌ منها ، إن هو غيَّر اتجاهه إلى الخلف ، أن يصرع بقوّته الهائلة ، ثلاثة منها؟..
ثم أتابع المشهد ، لأرى قطيع الأسود الذي لا يتجاوز الخمسة ، ينفرد بعجلٍ منها أخيراً ، يحاصره من كل جهة ، فلا يجد الضحيّة ، بعد أن أنهكه الجري فراراً ، لا يجدُ مفرَّاً من الدفاع عن نفسه .. فإذا به ، رغم تكاثر الأعداء و جراءتهم و قوّتهم ، يُبلي فيهم بلاءهُ ، و لا ينهارُ إلى الأرض إلا بعد أن يبقر بطن أحدهم، أو يفقأ عينه، أو يكسر له ساقاً .. ثم يموت بين أنيابها و قد أدرك – بعد فوات الأوان – أن الأسود أضعف كثيراً مما كان يظن القطيع..
أتساءلٌ عجباً : ألا يعرف قطيع الثيران أنّه لو انقلب راجعاً لفرَّت الأسود من أمامه تبغي النجاة؟؟.. سيقول أحد الساخرين :
– و من أين للثيران بالعقل لتعرف أنّ في الاتِّحاد قوَّة؟
و لكنَّ البشر يعرفون .. منذ القِدَم يعرفون ، و يظلُّ أمرُهم رغم ذلك لا يختلف كثيراً عن أمر الثيران البرِّيّة!!
كم أمَّةٍ من البشر ظلّت تعاني الظلم و الاحتقار و “الافتراس” ، بأيدي عصابةٍ صغيرةٍ يقودُها “فُتوَّة” مختلّ العقل .. ربَّما سمّى نفسه (رئيساً) أو (ملكاً) أو (جنرالاً)؟؟.. كم من الملايين يتجرَّعون الظلم و الهوان بأيدي بضعةِ مئاتٍ من “شذّاذ الآفاق” جمعتهم المطامع ؟؟ ما الذي يمنع تلك الملايين من الفتك بأولئك المئات؟؟..
إنَّها (رُوحُ القطيع).. ذلك الرُّوحُ الحيواني الذي ظلَّ يؤكِّد – على مدى تاريخنا على الأرض – أنّنا جزءٌ من مملكة الحيوان ، و أنَّنا – مع ذلك – الجزء الوحيد في تلك المملكة الذي يستطيع في لحظات تجلٍّ نادرة أن يتحرَّر من روح القطيع ، تلك اللحظات التي كانت إيذاناً ببناء حضاراتنا العظيمة .. ثم ما نلبث أن نرتدّ إلى أصلنا ما إن نركن إلى حياة الدعة و الرَّفاه ، فنستسلم مرَّةً أخرى لروح القطيع ..
العجيب حقَّاً أنَّ جميع رسالات السَّماء جاءت لتحرِّر الإنسان ، قبل كلِّ شيء، من “روح القطيع” هذا .. جميع رسالات السَّماء جاءت لتحرِّر الإنسان ممّا (وجد عليه آباءه) – روح القطيع الرأسي – ، ثم لتحرِّرهُ من التقليد الأعمى لمجتمعه الحاضر ، فلا يكون (إمِّعة يقول أنا مع الناس إن أساءوا أسأت و إن أحسنُوا أحسنت) ، أي روح القطيع الأُفقي ، و مع ذلك ، كافح المستبدُّون الطغاة لجعل روح القطيع الحيواني هذا جزءاً أساسيَّاً من الدين!! .. و لم يتورَّعُوا في سبيل ذلك من الافتراء على الأنبياء و الرسل .. و بين المسلمين تحديداً افتروا على رسول الإسلام ، صلوات الله عليه و سلامه ، أحاديث تجعلُ طاعة “الحاكم” ، أيَّاً كانت الطريقة التي جاء بها ، و كيفما كانت أخلاقه و سلوكه ، فرضاً على المسلم ، بل شرطاً لإسلامه!!.. حتى إن أخَذَ أموالَ النّاس و ضَرَبَ ظهورَهم .. حتى إن كان منافقاً ظاهر النفاق .. !!!..
و لكن الطواغيت لم يكتفوا بتجارة الدين وحدها ، و قد علموا أنَّه مهما تكاثر الدعاة لدين الفراعنة الذي يجعلُ روح القطيع عبادة ، فإن هنالك دائماً من يوقظ الأفئدة لدين الله ، دين الفطرة الذي يُحرِّمُ قبول الظلم و الاستضعاف، و يجرِّمُ طاعة الظالم، فلجأوا إلى تكتيكات عديدة ، بجانب الدين ، ليحفظوا لدى رعاياهم روح القطيع التي تجعلهم قطعاناً متفرِّقة يجري كلٌّ منها في اتجاه.. عمل الطواغيت دائماً على بث الفرقة التي تمنعُ احتشاد الضحايا في وجوههم .. بإحياء روح القبيلة تارة، أو ببث روح الاستعلاء الديني أو العرقي أو الجهوي أو الثقافي .. بل أوغل المستبدُّون حتى عمدوا إلى نشر المخدرات بين شباب رعاياهم حتى يقتلوا في نفوسهم روح التمرُّد على الظلم ..
لن تسلم دنيانا و لا ديننا إن لم نتحرَّر من “روح القطيع” التي تزدري العقل و تقدِّسُ “الغريزة”.. يجب أن نكون قادرين على فعل ما لم يستطع فعلهُ قطيع الثيران البرِّيَّة أمام شرذمة من الأسود الانتهازيَّة..
يجب أن تكون الملايين قادرة على سحق المئات المتسلَّطة عليها، و لن تستطيع أن تفعل ذلك حتى تؤمنُ بأنها أمَّةٌ واحدة ، ليست قبائل ، و لا ألوان ، و لا أديان..
![]() | ردإعادة توجيه |