مقالات سياسية

الحزب الشيوعي السوداني :حرق علم أم احتراق رؤية

علي الجربندي

التحية لشعب السودان ولثواره الاماجد من الشباب والشفاتة والكنداكات وهم يحيون ذكرى ثورتهم المجيدة في كل ارجاء السودان وعاجل الشفاء للثائر خالد محجوب الذي فقد يده اليمنى في حادثة فض اعتصام البرلمان يوم أمس. وعلى حكومة الثورة دفع دية مغلظة لأسرته ومتابعة مستقبله من تعليم وعمل وما إلى ذلك.

دافعي لهذه الأسطر مشهد مؤلم ومؤسف جدا وهو حرق علم للحزب الشيوعي السوداني في مظاهرات الأمس. وبالرغم من صعوبة تحديد الموقع إلا أن الملاحظ ان بعض الذين قاموا بحرق العلم يرتدون كمامات مما يشير إلى وقت الحادثة.

في البداية لابد من إدانة هذا العمل باعتباره عنف غير مبرر ويناقض قيم الديمقراطية وحرية التعبير.

من المؤسف والصادم أن يرى الفرد من جيلنا إحراق علم للحزب الشيوعي ولهذا الأسف أسبابه طبعا. في التظاهرات ضد كل الانظمة الديكتاتورية كانت اعلام الحزب الشيوعي السوداني وشعاراته هي الاعلا صورة وصوت. وكانت تجد الحماية من من يحملونها ومن عامة المتظاهرين وما كانت تترك لتسقط على الأرض ناهيك من أن تحرق.

حرق العلم بالأمس لم يكن وليد لحظة وإنما هو رد فعل تجاه مواقف الحزب الشيوعي السوداني منذ سقوط نظام الإنقاذ وإلى اليوم. بدأ من مقاطعة المشاركة في الحكومة الإنتقالية وانتهاءً بالانسحاب من المجلس المركزي لقحت. مقاطعة المشاركة في أجهزة الحكومة الإنتقالية استغلتها أحزاب صغيرة عددا وخبرة مما أسهم في ضعف اداءها وعجزها عن تحقيق أهداف الثورة. اخيرا انسحب الحزب الشيوعي من قحت وترك الجمل بما حمل مما هدد وجود ثورة ديسمبر نفسها.

انعكس هذا الموقف الانسحابي على مجمل عمل الحزب الجماهيري واصابه بالضبابية وعدم الوضوح. مثال على ذلك الموقف من حراك الأمس. أعلن الحزب ان الغرض حراك أعياد الثورة هو إسقاط الحكومة الإنتقالية ثم ظهر موقف آخر يدعو إلى تصحيح مسار الثورة عبر والمطالبة بإسقاط بعض هياكل الحكم الانتقالي.

وبالامس شارك الحزب في الحراك الجماهيري بعضويته ومؤيديه واعلامه لكنه فقد دوره التاريخي في قيادة وتوجيه الجماهير وذلك بسبب ضبابية الموقف حول أهداف الحراك وشعاراته الذي هو امتداد لموقف الحزب من الحكومة الإنتقالية واجهزتها. كما أن شعار إسقاط الحكومة لم يجد القبول الجماهيري المتوقع.

لا يمكن تحميل ثورة ديسمبر اكثر مما تحتمل كما لا يمكن أن نطلب منها أكثر من قدرتها. والثورة، وهذه نصيحة لايحتاجها الحزب الشيوعي عمل مستمر يصعد ويهبط وفقا لمنطق الحراك المجتمعي والجماهيري.

المطلوب من الحزب الشيوعي مراجعة موقفه من الحكومة الإنتقالية وأن يفعل خبرته في بناء التحالفات القصيرة والطويلة الأجل لتحقيق أهداف ثورة ديسمبر خاصة والثورة الوطنية الديمقراطية عامة.

كما على الحزب مراجعة مجمل برنامجه بما يستصحب روح العصر والتحولات الاجتماعية العميقة التي تعرض لها المجتمع السوداني.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..