مقالات وآراء

سوداني بشريحتين

محمد حسن شوربجي

بعضنا في بلاد المهجر ملائكة يحترم القوانين ولا يقطع الإشارات المروريه.
ملتزم بالوقت.
لا يتجاوز الانظمة .
ولكن عندما يعود إلى الوطن تتغير فيه كل هذه السلوكيات الجميلة .
فيبدأها من المطار بحثا عن قريب أو صديق لإنهاء كل  إجراءات المطار ليتخطى  كل الطوابير.
ثم ينطلق بسيارته في المدينة  دون التزام بحزام الأمان الذي ظل يستخدمه   في بلاد المهجر.
وكأنه في شوق لكسر حاجز الالتزام بالقوانين الذي تعود عليه  في بلاد المهجر  وقد بدل شريحة سلوكه الجميلة  باخري قبيحه.
فهو كالمتلبس  لشخصيتين مزدوجتين جميلة في بلاد المهجر وقبيحة في بلادنا.
ولعل مسببات هذه الآفة مردها تلك التنشئة الخاطئة التي كانت في عهد الانقاذ المظلم لثلاثون عاما  والتي غرست في  نفسه كل قبيح.
لذا لزام علينا تقويم  هذا السلوك المشين وكل عادات الخداع والكذب والنفاق والرشوه والواسطه وحب ذات  التي تلبسته في ذلك الزمان .
رغم كل ما كان من اكلاشيهات اسلاميه مثالية عن الحرية وحقوق الإنسان والتعددية  و حرية للصحافة والإعلام وحقوق للمرأة و التي كانت مرفوعة .
انها والله تأثيرات تلك المنظومة التي تبلورت طيلة الثلاثون عاما لتخلق لنا شخصية سودانيه متناقضة و غريبة الأطوار.
والمصيبة ان بلادنا قد فرخت أعدادا كبيرة من هذا النموذج السيئ من أساتذة للجامعات وأطباء ومهندسين وغيرهم وان كانوا علي مستوى كبير من العمق الفكري والاستشراف المستقبلي والتمكن العلمي.
ولعل هذا هو سبب تخلف  السودان.
فالإسلامي  ولثلاثون  عاما ظل ملتزما بتنفيذ مناهج وتوجيهات حسن البنا  والدين بحر ونحن كيزانه وباكراه الناس على اتباعها وبكل تناقضاتها وسوءاتها.
و الشيوعي  كذلك نجده الآن قابضا علي مناهج وتوجيهات ماركس ولينين وانجلز  والدين أفيون الشعوب يحاول زرعها في المجتمع.
و البعثي كذلك وميشيل عفلق  وامة عربية واحدة ذات رساله خالده.
و الناصري و مناهج وتوجيهات جمال عبد الناصر والقومية العربيه.
والانصاري و مناهج وتوجيهات الصادق المهدي.
والاتحادي وتوجيهات محمد عثمان الميرغني.
انها والله مأساتنا و ما نحن فيه من تجاذبات وخلل بنيوي  في منظوماتنا الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية.
ولهذا  نجد  كل هذا التمزق المجتمعي والتشرزم الفكري  و الفوضى  والحروب وأزمة الحكم والخلاف.
وظني انه لا حل لنا الا  باصلاح كل هذه المنظومات السياسيه والفكرية والاجتماعية والثقافية القائمة.
لابد من إصلاحات لاحزابنا حتى تنشأ لنا مواطنا متفردا وليس متناقضا.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..