مقالات وآراء

شوقي أنا للبلد بي حالا والشوق لي تراب أهلي (6)

بعض ذكريات ..
أحلام اسماعيل حسن

الآن يتجه القطار نحو (أبوحمد) وكان الوقت قبل المغرب بقليل، حيث موقعي بجانب النافذة، أنظر من خلالها، أتابع حركة الشمس وهي تعلن عن رحيل يوم، فصارت الشمس تتلون بألوان تتغير بين كل لحظة وأخرى. فبينما أتعمَّق في اصفرارها إذا بي أراها قد تحوَّلت إلى اللون الأحمر الفاقع ثم الداكن، وكأنَّها كرة نارية تحلق في السماء.

كانت هذه الألوان الصادرة من الشمس تنعكس على الأفق في تناغم جميل يحكي عظمة الخالق لرسم لوحة بديعة يعجز كل رسامي البشر عن رسم ما يشابهها ولو اجتمعوا، سبحان الله، ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك.

نظرت إلى مجموعتنا؛ فوجدت أنَّ هنالك بعضاً من الفنانين المسرحيين قد انضموا إلينا، وعلمت أنَّهم في رحلة إلى مدن الشمال لعرض بعض أعمالهم المسرحية، وأنَّهم قدَّموا بعضاً منها في عطبرة وبربر، وأنَّهم بصدد التوجه إلى (أبوحمد)، ومنها إلى كريمة ودنقلا لنشر هذا الفن المسرحي خارج العاصمة، وللترفيه عن جمهورهم ومحبيهم في أطراف المدن.

لقد كان في معية هؤلاء المسرحيين شاشة عرض وماكينة تشغيل لبعض الأفلام للترفيه بها على المرافقين، ولقضاء أوقات الانتظار إن انقطع بهم الطريق في مكان ما، وبدأ أحد الفنيين في تشغيل أحد الأفلام لركاب عربة القطار التي نستغلها، وبذلك فإني أرى أنَّ القطار لم يكن وسيلة لنقل الركاب والبضائع فقط، وإنَّما هو أيضاً وسيلة مهمة لنقل الثقافة والمعرفة لكل منطقة امتدت لها خطوط السكك الحديدية، حيث ينقل الصحف والكتب والأخبار، لذلك نجد أنَّ سكان المناطق المجاورة لمحطات القطار هم أكثر الناس تأثراً بثقافات المدن الكبرى، ويكاد يظهر ذلك حتى في أزيائهم ولهجتهم ومأكلهم.

الآن وقد انقضى الوقت بسرعة في معية الرفقاء الجدد؛ ها هي (أبوحمد) تلوح من بعيد، وتدب الحركة وسط المسافرين إشارة إلى أنَّ هذه المحطة المقبلة هي محطة مهمة، ولقد سمعت عن (أبوحمد) المحطة الرباطابية، وتمنيت أن أراها، وها هي الآن قاب قوسين أو أدنى.

لابد من الاستعداد للنزول فيها وملاقاة أهلها والتعرف على طبيعتها، والمقارنة بين ما سمعته وما سألمسه على أرض الواقع. وقبل كل هذا وذاك الاستمتاع بكاسة شاي (صاموطي) اتقاء لبردها، وتكون لي وقاية من رد سريع وربما مسيخ من أحد سكان المنطقة.

(أبوحمد) هي المحطة التي تمثل نقطة تلاقي قطارين مهمين هما: قطر حلفا، وقطر كريمة، إذن هي نقطة تلاقح بين منطقتي الشايقية والحلفاويين، لذلك سنبقى فيها لفترة أطول حتى يتم تبادل العربات والركاب الذين ينوون تغيير مساراتهم فيها.

يا حليلِك يا بلدنا

الفيكِ ربَّونا اتولدنا

يا كريم يا الله حلحل لي وثاقي

أصلي مشتاق

أصلي غرقان في اشتياقي

لي نخيلنا .. ولي جروفنا وللسواقي

لي صديرياتا لي لبس الطواقي

يا حليلك يا بلدنا

شوف دموعي الكابَّة مِنْ ساعة فراقي

بي وراكم أصلو ما فضَّلتا باقي

يا حليل ناس آمنة عِنْ ساعة التلاقي

يا حليلك يا بلدنا

يا حليلو لعبنا فوق رمل الجزاير

نرعى في وديانا فوقنا الطير دا طاير

كنا فرحانين ومرتاحين ضماير

لا زعل بيناتنا خاتين الصغاير

شوف بناتنا بُدور ومِنْ فوقِن ضفاير

يا حليل ناس آمنة سِتَّات الحراير

جن تقول غزلان واردات للحفاير

يا حليلك يا بلدنا

وقت الليل يروق بطراك يا العشاوي

الدليب إنْ دقَّهَ بَسْمَعو في مِسّاوي

الطنابير الترِنْ تروي الحكاوي

واللبيب بي صوته لي جرحي بيداوي

يا حليلك .. يا بلدنا

يا حليلي اللي بلدنا بقيتَ غاوي

الحنين والغربة ديل خلوني راوي

يا حليلك .. يا بلدنا

في الليل كنا عاد نمشي الخلاوي

شيخنا واقف سوطو في إيديهو لاوي

نقرا في ليحانا

صوتنا الديمة عاوي

وبي حطب السلم ساحاتنا ضاوي

يا حليلك .. يا بلدنا

يابا ودحاج .. ويابا أبنعوف

يابا تور الزومة العطوف

ود حجر يا راجل الدفوفْ

ود بليل في مورة معروف

الحقوني أنا .. لِمّوا الصفوف

قصدي لي قببكم أشوف

يا بلدنا أزورك وأطوف

يا حليلك يا بلدنا

ويا حليلك يا بلدنا

ويا حليلك يا بلدنا

ويا حليلك يا بلدنا

ويا حليلك يا بلدنا

المصدر: مداميك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..