مقالات وآراء2

“كيف لنا أن نقدم الوطن على مصالحنا”

الباقر علي محمد الحسن

لا أريد في هذه الخاطرة الفكرة ، أن أجوب في فيافي الصراع الحزبي والآيديولوجي الذي أصبح يعاني منه السودان كدولة وكنظام حكم منذ الإستقلال في عام 1956 , وكان المأمول بعد نجاح التغيير والثورة التي شهد لها العالم بسلميتها ووضوح شعاراتها التي لم تتجاوز في مجملها ( حرية ، سلام وعدالة ) ، شعارات خاطبت وجدان الأمة وحلمها وأملها وتطلعاتها في مستقبل يضعها في موضعها الطبيعي والطليعي بين الأمم ، شعارات نابعة من قلوب صادقة تضع الوطن في سويداء الفؤاد وقرة العيون ، شعارات دفعوا ثمنها غاليا ، شهداء وجرحى ومفقودين .
خرجت القوى الثورية الحية في ذكرى الثورة في 19 ديسمبر ، تطالب بتصحيح مسار الثورة ، التصحيح الذي يشمل الفكرة ، والخطة ، المعالجات والإصلاح وكذلك الذين يقودون قافلة المسير في مرحلة الإنتقال ، هتفوا بملء حناجرهم أن يتبدل الخطاب السياسي الهتافي الى خطة عمل واضحة المعالم ، طالبوا بأن تكون القيادة صاحبة  فكر وطني و معرفي وأخلاقي ، قيادة صاحبة رسالة و رؤية( الوطن وبس ) ، لأننا بالغلبة والإرادة والعزيمة  الجمعية يمكننا تحقيق كل تصبو إليه الجماهير ، كان هدفنا في ما بعد أن (  تسقط بس ) ، وليس الغاية أن(  تسقط بس ) ، عن ماذا نبحث بعد ؟  ،  دولة تذخر بموارد بشرية هائلة ومؤهلة ، دولة تذخر بالموارد تحت الأرض ، مياه ومعادن نفيسة  وبترول ، فوق الأرض ، أنهار وأراض خصبة وغابات  وثروات حيوانية وثروات سمكية نيلية وبحرية  تجرفها المياه دون إنتفاع بخيرها ، موقع إستراتيجي للعبور من القارات ، شمالا وجنوبا شرقا وغربا ، البحر الأحمر لم تستغل مرآفئه ولا مياءه ولا خيراته.
البلاد تحتاج الى فرمتة وصياغة الذات السودانية ، نخبها السياسية ، القوئ المنتجة فيه ، والأطفال الذين لم يدخلوا دائرة العمل والإنتاج ، أن تعاد صياغة الفرد نفسيا وعقديا ، أن نقدس الوطن من خلال تقديسنا لمعتقدنا ، أن يكون  الهم الوطني في لب الإهتمام ، وأن نعلي من قيمة الإنسان السوداني ، من خلال المنهج الأكاديمي ومن خلال منابرنا الدينية والإجتماعية ، أن تتعاقد أحزابنا على سقف وطني ، في وحدتنا وفي الحفاظ على نسيجنا الإجتماعي قويا متماسكا ، بعيدا عن الإثنية والجهوية والقبلية ، أن لا يفرقنا التنوع الثقافي ، بل أن يكون مدعاة لتشكيل إبداع خلاق ومتميز نسوقه للعالم من حولنا .
السودان يتمتع بموارد ذاخرة قل أن توجد في بلاد أخرى ، حتى في تلك البلدان التي تخطتنا في النصف قرن الماضي ، كوريا الجنوبية ، والبرازيل ، وسنغافورة وغيرهم من بلدان العالم ، السودانيون يتميزون بالمعرفة والعلم ويفتقدون للتربية الوطنية ، ما زلنا تحكمنا قوى ( الأنا ) ونحن صفة متنحية في السلوك والممارسة  ، السودانيون يجيدون فن الإنتقاد للآخرين  ويفتقرون للنظر الى مثالبهم وعيوبهم الوطنية ، شاركوا في بناء الأمم ومازالوا وأخفوا معاول البناء في بلادهم ، نكران الذات في سبيل الوطن لم يكن حليفهم طيلة الخمسة عقود الماضية ، لم نخرج من الدائرة الخبيثة كما قال البروفسير محمد حسين صالح ، دائرة ، تسقط بس ، سقط حكم عبود ، وسقط حكم جعفر نميري وسقط حكم عمر البشير ، وتوالى من بعدهم حكم النخب السياسية بلا برنامج وبلا رؤية ، أحزاب تتصارع على كراسي الحكم أو تتآمر على الحكم بلا مشاريع إستراتيجية تتغول على السلطة وتسهم في خلق روح الإحباط الوطني والتي تقود  لفشل متبادل متكرر ، وتعود البيانات العسكرية ، بطغم عسكرية ديكتاتورية  تحميها قوى حزبية فاسدة وهي أيضا تحكمنا بلا رؤية واضحة في الإقتصاد والتعليم والصحة وإستغلال الموارد  .
نحن أحوج ما نكون ، أن يتسنم نظام الحكم في بلادنا ، شباب مسلحون بالوطنية والعلم المتخصصن والمعرفة الشاملة لطبيعة التنوع الثقافي والتراثي ، أن يسخروا موارد البلاد الثرة في خدمة المواطن ، مؤمنون بأنهم خدامه لا آمريه ولا مستعبديه ، يعلمون ويقدرون ويدركون ،  لمعاني  ،ماذا ينبغي أن نكون ؟ ومن نحن ؟
وفي هذا المقام ،علينا الإشارة الى معرفة سلبيات الماضي التي أقعدت مسير البلاد وجعلها في مؤخرة البلدان تتسول الصدقات لسد حاجتها من الغذاء ، علينا الإنكفاء على الداخل ، والإعتماد على الموارد الذاتية الداخلية دون النظر للقروض والديون والصدقات والمعونات من الخارج ، إحياء الأرض البكرة وتطوير آليات الإنتاج رأسيا وإفقيا ، هذا هو الجواز الذي يدخلنا السوق العالمي في ظل الإنفجارات السكانية وشح الغذاء في مناطق تعوزها الإمكانات الطبيعية التي حبانا بها الله ، مساحات بكرة ، مياه ومناخ وقدرات بشرية.

الكل يتابع السجالات السياسية في الوقت الراهن ، لكن لم ينبري حزب أو كتلة سياسية ، للإجابة على الأسئلة الأهم في الهم السوداني ، والتي أدخلته فيه النخب السياسية في عهدها الماضي ، لم تجب هذه الكتل والأحزاب السياسية ، عن من نحن ؟ وماذا ينبغي علينا أن نكون ؟ بخطط وبرامج مشحونة بالمعرفة والعلم والأخلاق والإبداع ونكران ذات نقدم فيه الوطن على المصالح الذاتية الضيقة، ماهي القوانين التي تحمي تلك البرامج والخطط التي تضع البلاد في خط التنمية والنماء ، في ظل منهج تعليمي يتوافق مع متطلبات المستقبل والمنافسة الدولية ، القادمون للحكم بلا كتاب وبلا خطط وأهداف تحمي صحة المواطن وحمايته من الأمراض التي تفتك به ، عليه أن يتأخر الصفوف ، نخب سياسية ترشحها الأحزاب بغرض المشاركة وكبر كومك  لا ينبغي أن تكون في كابينة القيادة لأن الوقت والظروف لا تسمح لأن الناس تبحث عن طوق النجاة من مآلات تفوق الإحتمال، وفي ظل منافسة سوقية محمومة .

في خلال الفترة الإنتقالية المتبقية ، وفي ظل هذا الدعم الشعبي لحكومة د عبدالله حمدوك  ، على حكومة الفترة الإنتقالية أن تضع على رأس أولوياتها  :
1) قضية الإمن
2) معاش الناس ومعالجة كل العوامل التي تؤثر فيه .
3) محاربة السوق الأسود ، عملات أجنبية ومعادن ،
4) توسيع قاعدة الإنتاج الزراعي في المشاريع المروية والمطرية
5) ضبط التعدين الأهلي وإعادة حصائل الصادر لخزينة الدولة
6 ) أن يتم تنظيم حركة الصادر للثروة الحيوانية وأن يتم تأهيلها للمنافسة
7) جذب رؤوس المال الأجنبي وخلق شراكات ذات عائد مجزي للدولة
8 ) توسع رقعة التنقيب عن البترول والمعادن النفيسة برعاية من الدولة وشراكات مع بيوت خبرة عالمية
أما على صعيد البنية التحتية ، المحافظة على الطرق والجسور الإقليمية والمحلية ، تفعيل الجهد الشعبي في إعادة بناء المدارس التي تأثرت بالسيول والأمطار ، وعلى الصعيد الصحي ، أن تولى الصحة الإهتمام الذي يؤهلها لأداء دورها في الوقاية والتشخيص والعلاج والدواء

الباقر علي محمد الحسن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..