مقالات وآراء

السُّلطة والصراع بين الصفوة السيّـاسية والعسـّكرية

صدام البدوي

مُنذ أنْ خرج المستعمر ظلّت الصراعات والأزمات تشّكل عائقاً في أقامة دولة سودانية حديثة، واصبح الصراع حول السلطة يدفع ثمنه ُ الوطن بصورة ٍ عامة، الحروب والتوترات السياسية هي السبب الرئيسي في الأزمات ِ ، ورغم حدوث ثورات عديدة من ٲجل ترسيخ عملية التّحول الديمقراطي إلاّ أن طبيعة الصراع والفشل تجعل من كل ثورة معبراً لتسلق الصفوة العسكرية علي المشهد السياسي والإنقضاض علي السلطة، وتكررت تلك التجارب وأتت بعد كل ثورة حقبة ديكتاتورية مستبدة…
والآن وفي ظل الظروف الغامضة وتصاعد الأزمات الأقتصادية والسياسية لم يتبقي من الثورة شيء سوى الأحزان وبعضُ الهُتافات الساخنة؛ الثورة التي ذابت تحت التآمر والخيانة تركت التساؤلات في حلقات مفتوحة – لماذا لم يتم القصاص والمحاكمات حتي الآن….؟ لماذا لم يتم محاربة الفساد الذي كان نهجاً للنظام البائد ….؟ كيف هبطت القوي السياسية تجآه هذا التغيير المظلم ….؟ لماذا لم تكتمل هياكل السلطة بعد….؟
الثورة لا تزال في تحديات ٍ كثيرة، والوضع الأقتصادي يفسّــر ذلك، وطبيعة الصراع بين الصفوة السياسية والعسكرية هي التحدي الأعظم للثورة، وإذا نظرنا في منهجية الصفوة العسكرية (المجلس العسكري) لا تختلف عن منهجية النظام البائد – نفس التربية ونفس اللغة ونفس الفساد لم يتغيير شيئاً ، «وهذا ما يجعل الثورة وعملية التحول الديمقراطي رهناً بين الأختناق والرصاص» حينما يرمى القادة العسكريين رصاصهم ضد الثورة بتلك التصريحات التي تظهر عمق نيّتهم تجآه مصالحهم لا مصالح الشعب حينها تدرك حجم التآمر ضد اقامة دولة ذات سيادة وقانون يحفظ للجميع حقوقهم …
السلطة الآن تعريّ كل الحقائق وتكشف لنا كل الوجوه الزائفة، الذين كانوا يدّعون النضال المسلح وثورة الهامش حينما وقعواْ السّـلام الورقي اسقطواْ نضالاتهم في الفنادق الفاخرة والسباق نحو المناصب ،، الأحزاب التي انحرفت عن الخط الثوري وهبطت من أجل السلطة ما هي إلاّ احزاب مرتزقة ،وكل ذلك هو اغتيال للثورة في الخفاء، ما زال الفساد يتناسل في الدولة، ما زال القتل مستمراً، لا شيء يحسب للثورة غير أنها فتحت جسراً للمنظومة العسكرية لأستنساخ نظام عسكري جديد، ورغم الهبوط السياسي للصفوة المدنية لم تحقق أية مطالب تحسب رصيداً للثورة – ازمات مستمرة – عدالة عمياء، تهريب مقنن – كل المظاهر التي تهدد روح الدولة الآن هي مفتعلة و دور الصفوة العسكرية هو التعريض والسخرية من الثورة بينما هم يملكون التحكم في كل شيء ولا يفعلون شيئاً من اجل صحة الوطن – أنه التناغم في ابهــى صوره ِ ….! تناغم يعطيك احساس بعد وجود دولة …
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..