ظل صديقى الاردنى ابويوسف يدندن باغنية الهرم الفنى الكبير محمد الامين ” يا جميل يا رائع” بدون كلل لمدة ليست بالقصيرة وهو يردد ” شادد عصب الحس السادس” وكما ذكر لى انه قد وجدها بالمصادفة فى اليوتيوب عندما كان يبحث عن اغنية لمطرب عربى اخر فتشابه عليه البقر كما يقولون وفى البداية لم يصدق بانها اغنية سودانية مية فى المية نسبة للصورة النمطية التى يضعها العرب عن الموسيقى السودانية التى تنتمى الى السلم الخماسى الغير مالوف بالنسبة لهم , وقال لى ان هذه الاغنية لو كان غناها مطرب اخر لطبقت شهرتها الافاق لجمالها و روعتها و لكنه كما قال لى ” انتم السودانيون هذا هو حالكم لاتجيدون عرض بضاعتكم للعالم مع انها هى الاجود ! و تساءل هل هذا هو نوع من التواضع ام التقصير ام ؟؟ واضاف بتساؤل لماذا لا تكون كل اغانيكم على مثل هذا المنوال ؟ وبالطبع فقد كنت سعيدا بهذا الثناء فهكذا نحن السودانيون نحب و نرغب فى سماع كلمات الثناء و الاعجاب باشيائنا السودانية من الاخرين وبنفس القدر لدينا رفض تام لكل النقد الموجه الينا حتى ولو كان به بعض الصحة !! من المؤكد ان الفنان محمد الامين ” الباشكاتب ” لايحتاج منا ان نذكر الناس بموقعه فى قمة الهرم الموسيقى السودانى , فالرجل صاحب بصمات و اسهامات جليلة و جسيمة فى مسيرة تطور فن الغناء السودانى بحيث لا يمكن الحديث عن الموسيقى السودانية بدون ذكر محمد الامين , فهو حامل لواء التجديد منذ ولوجه عالم الغناء فى الستينيات من القرن الماضى و صاحب االالحان المتميزة التى لا تشبه الحان الاخرين , كما عرف عنه بانه واحد من امهر عازفى الة العود فى االعالم وبدون مبالغة او انحياز ! وفوق كل ذلك صاحب صوت جميل وقوى يصنف فى طبقة الباص باريتون , كما انه ايضا يصنف بانه الملحن السودانى الاكثر استخداما للسلم الموسيقى السباعى فى اغانيه الى جانب الفنان عبدالقادر سالم والذى يستخدم السلم السباعى بنكهة المقامات العربية المتجذرة فى غرب السودان . وبما ان الكثير من الناس لا يعرفون ما هو الفرق بين السلم الخماسى الذى يفضله السودانيون على غيره و السلم السباعى الذى لا يلقى نفس قبول اخيه الخماسى لدى السودانيين , فنود ان نشرح هذا الامر بطريقة مبسطة يستطيع الجميع فهمها , فالسلم الموسيقى السباعى وهو الاغلب استخداما فى العالم يستخدم بنوعيه الاثنين ( السلم الكبير و الصغير( Major and minor) فى الموسيقى الغربية , وفى الموسيقى الشرقية و العربية يستخدم فى شكل مقامات وهو يتكون من ال7 اصوات الرئيسة فى الموسيقى , وهى : دو , رى , مى , فا , صول , لا , سى ” اى انه يتكون من كل الاصوات الموسيقية , اما السلم الخماسى فيتكون من 5 اصوات فقط , وفى السلم دو الكبير ( ابو السلالم الموسيقية) نجد ان الاصوات فا ( الدرجة الرابعة) و السى ( الدرجة السابعة) غير مستخدمة او محذوفة , من اوضح الامثلة لها نجد اغنية ” خدارى” لحسن عطية و ” الامانى العذبة ” لخليل اسماعيل . هذه الخاصية تجعل من الملحن او الموسيقار الذى يستخدم السلم الخماسى لديه مساحات اقل للتاليف من تلك التى يجدها فى السلم السباعى انها تقريبا اشبه بالرسام الذى يرسم لوحاته ب 5 الوان بدلا من 7 الوان ! ! و بالرغم من ان الذوق السودانى عامة يتجاوب و يستسيغ السلم الخماسى الذى اعتادت عليه اذانه , الا اننا نجد عدد غير قليل من الاعمال الموسيقية على السلم السباعى فمثلا اغانى الفنان عبدالقادر سالم فى اغلبها سباعية الموسيقى وتستند الى التراث العربى فى غرب السودان حيث وجدت طريقها الى اذن وقلب المستمع السودانى مثل ” بسامة” ” اليلة غاب تومى” ” جيناكى” . وبالاضافة الى استخدام السلم السباعى فى اغانى غرب السودان فنجد ان هنالك عدد غير قليل من الاغانى على السلم السباعى مثل اغلب اغانى الفنان الموسيقار الراحل العاقب محمد حسن والذى كان من اكبر مناصرى و دعاة الموسيقى العربية ذات السلم السباعى ولعل اشهرها هى اغنية ” يا حبيب العمر” من كلمات الامير عبدالله الفيصل , كما لا ننسى اغنية ” بخاف” رائعة روائع ابو عركى البخيت والتى لا تزال محتفظة بالقها و توهجها ومعروف بان هذه الاغنية قد شارك بها ابوعركى فى مهرجان الاغنية العربية فى دمشق فى العام 1976 و حازت على المركز الاول عن جدارة متفوقة على جميع الاغنيات التى كانت فى المهرجان ! والفنان الجيلانى الواثق كانت لديه تجربة ناجحة جدا فى السبعينيات عندما قدم اغنية ” ديل عيونك ولا واحة” بمصاحبة الاوركسترا و الاستخدام المكثف للالات الوترية ( الكمنجات) الا انه لم يستمر فى هذا الاسلوب حيث اتجه بعدها الى الغناء باسلوب الجاز و ايقاعات الريقى و الار اند بى , وهنالك ايضا اغنية جميلة سودانية اخرى و متميزة على السلم السباعى , وهى اغنية ” عبر الاثير” التى غناها الراحل صديق عباس من الحان المرحوم الفاتح كسلاوى وهى كانت بحق اضافة حقيقية الى الاغنية السودانية , وفى اعتقادى بأن اغنية “يا جميل يا رائع ” واحدة من اجمل الاغانى السودانية التى تم تلحينها على السلم السباعى وحتى الان لم تجد ما تستحقه من احتفاء يليق بجماها و ابداعها ! وهى مواصلة و تتويج لمسيرة محمد الامين فى التعامل مع السلم السباعى حيث سبقتها اغنيات مثل ” حروف اسمك” ” حلم الاماسى” ” زاد الشجون” والتى يعتبرها النقاد تحفة فنية وهى المقابل لاغنية ” جميلة و مستحيلة” درة انتاج رفيقه و صديقه الراحل وردى . و اغنية يا جميل يا رائع التى كتبها الشاعر المبدع الجميل صلاح حاج سعيد و استخدم فيها مفردات جديدة و مبتكرة قد الهمت الاستاذ محمد الامين واثارت دواخله لتقديم لحن اثتثنائى يليق و يحتفى بعذوبة تلك الكلمات وهكذا ولدت الاغنية جميلة و رشيقة , بهية و باذخة الجمال , حيث تبدا الاغنية بالجملة الموسيقية الرئيسة بصوت الاورغن الصافى والتى اعتقد بان اختيار الاورغن كان موفقا تماما للتعبير عن الجمل الموسيقية والتى هى فى حد ذاتها مبتكرة و جديدة غير مكررة و بعدها نستمتع بعزف منفرد للغيتار واخر بالكمان و زيادة فى التحليق بنا فى سماوات الابداع الرحبة و اللانهائية قام الاستاذ بعزف منفرد على العود ليؤكد مرة اخر للجميع بانه لا مثيل او نظير له فى العزف على هذه الالة وكما يقولون فى الغرب Second to none
|