أهم الأخبار والمقالات

وسط دارفور.. خروج “اليوناميد”.. المهددات والمخاطر

تقرير: محمد مصطفى الزاكي

المعروف أن الشوارع والطرقات والساحات المفتوحة هي أماكن يخرج إليها المتظاهرون للتعبير عن احتجاجاتهم على جور الأنظمة الحاكمة أو لتصحيح مسار  الحكومات أو على بعض الإجراءات الخاطئة في نظرهم تتخذها الشركات أو المؤسسات أو المنظمات، إلا أن الأمر مختلف في حال النازحين في معسكرات دارفور، فهم يغلقون عليهم مداخل معسكراتهم بإحكام ويحتشدون في الداخل يستمعون إلى خطابات الشيوخ والشباب والمرأة وأحيانًا يصدح القائد عبد الواحد محمد نور عبر اتصالات  الأقمار الصناعية بحديثه الملهم، وفي النهاية يصدرون بيانًا يخاطبون به المجتمع الدولي يسلمونه باليد إلى ممثلي المنظمات الأممية الموجودة في المنطقة وأهمها البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة (اليناميد) التي تدفع بصدى تلك الهتافات والخطابات المستترة داخل أسوار المعسكر إلى فضاءات بعيدة حتى تبلغ آذان مسئولي الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقى والمنظمات الحقوقية، فتعود ضغوطاً دولية مرتدة على صدر الحكومة السودانية.

يبدو أن ذلك هو ما دفع النازحين لتنظيم احتجاجات على قرار خروج اليوناميد من دارفور الذي حدد له نهاية العام الجاري.

ساق النازحون عدة مبررات تجعل من خروج بعثة اليوناميد تهديدًا لحياتهم وممتلكاتهم، حيث عبر الأستاذ هارون آدم عبد الشافع رئيس معسكر الحصاحيصا للنازحين عن قلقه الشديد من قرار خروج اليوناميد، مبرراً بأنه رغم عدم التدخل المباشر لقوات هذه البعثة في الأحداث والاعتداءات التي يتعرض لها النازحون هنا وهناك، إلا أن وجودها يشكل حاجزاً أمام المليشيات المسلحة من اقتحام  المعسكرات، كما أن للبعثة آليات للرصد والتقصي حول تلك الاعتداءات وحفظها كأدلة إدانة بجانب أنها بمثابة شاهد إدانة ورسول أمين على احتجاجات وشكاوى النازحين إلى المجتمع الدولي، الشيء الذي يخيف كل متربص بالنازحين حسب قوله.

وأشار عبد الشافع إلى وجود أكثر من مائة ألف مواطن مالي طردتهم حكومتهم إلى تشاد فاستعان بهم نظام البشير في حرق القرى وتشريد أهلها واستيطانهم في مناطق النازحين، وأنهم لا زالوا يتحينون فرصة الانقضاض على المعسكرات للنهب والتقتيل، وتقف اليوناميد سدًا منيعًا أمام طموحاتهم تلك، مؤكدا على أن تلك المليشيات لازالت تمارس اعتداءاتها الجسدية والنفسية على النازحين أينما وجدتهم، وتحظى برعاية الحكومة حتى بعد زوال نظام البشير، مضيفًا بأن حملات جمع السلاح التي روجت لها كثيراً كانت مسرحية سيئة الإخراج حسب قوله، لأن السلاح لازال منتشراً بكثافة وهو نذر حرب شاملة ستكون أكثر عنفًا من سابقتها، واصفاً سلام جوبا بالهش وغير المقنع حتى عند الأطراف التي وقعت على وثيقته حسب قوله.

ممثل شباب المعسكر هارون عبد الرحمن بركة، ذكر أن قوات الاحتياطي المركزي هي البديل المطروح لقوات اليوناميد  في حماية المعسكرات وهو طرح مرفوض من قبل النازحين حسب قوله، وذلك لعدم حياديتها كما أنها سبق أن ساهمت إلى جانب مليشيات الجنجويد في الاعتداء على قرى النازحين في دارفور، وأضاف أنهم سوف لن يقبلوا بأي بديل لليوناميد إلا في حال سلمت الحكومة السودانية المتهمين المتورطين في جرائم دارفور للعدالة ونزعت السلاح من المليشيات، وطردت المستوطنين الجدد من السودان، وتوقع عودة الحرب في حال الإصرار  على خرو ج اليوناميد من دارفور، مستشهدًا بأحداث التي وقعت في معسكر (كرندنق) بغرب دارفور دليلاً على الترصد بالنازحين وأربعة اعتداءات وقعت قبل يومين ضمنهم إمراتان تعرضتا لمحاولة اغتصاب,

وفيما يتعلق بسلام جوبا، قال بركة أن الاتفاق لم يخاطب قضايا النازحينـ وأن كل الحركات الموقعة لا تحظى بتأييد نازح واحد من جملة السبعين ألفاً داخل معسكرات دارفور المنتشرة، مضيفًا بأن جبريل ومناوي وصلا حد اليأس والفتور وباتا يبحثان عن مدخل للولوج إلى قصور الخرطوم الفارهة بغرض الاستجمام من عناء الحرب والنضال، وأن معظم المنتسبين لتلك الحركات كانوا في السابق يتعاونون مع جهاز أمن البشير وسبق لهم أن تسببوا بمشاكل كبيرة داخل المعسكرات خاصة في (كلمة) ولن يستطيعوا الآن دخولها، مبيناً أن النازحين هم أكثر الفئات حاجة  للسلام لكن ليس بطريقة سلام جوبا فهم يريدون سلاماً عادلًا ملبياً لقضاياهم.

من جانبها أضافت فاطمة حسين موسى ممثلة المرأة بالمعسكر، أن الظلم الذي وقع على النازحين خاصة فئة النساء عجز سلام جوبا من مخاطبته، حيث ظلت المرأة النازحة عرضة للاعتداءات الجسدية والنفسية  أينما ذهبت في المزارع وداخل البيوت وحتى في الأسواق، ولا تجد الإنصافـ كما لا تجد فرصتها في التوظيف كغيرها من النساء،  وقالت إن الاعتداءات الجسدية والاستغلال نجم عنها واقع أليم يصعب وصفه حسب قولها، لكنها عادت وصرحت بالقول (نتج أطفال فاقدو الأبوين وهم الآن يواجهون مصيرًا مجهولًا حتى إن  إدارة السجل المدني ترفض استخراج الأوراق الثبوتية لهم لعدم انتسابهم إلى أباء معروفين، وهذا نموذج لقضية تجاهلها اتفاق جوبا من جملة قضايا كثيرة لم يتطرق إليها المفاوض.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..