مقالات وآراء

الحرب الشؤم التي لا تبقي ولا تذر

الباقر علي محمد الحسن

لم يتبق على وجود الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض لأكثر من أربع وعشرين يوما ، إذا إنصاع لصوت العقل ، أو تعامل بواقعية مع الهزيمة التي مني بها في الإنتخابات الرئاسية ضد خصمه جو بايدن من الحزب الديمقراطي ، دونالد ترامب وبعض المقربين من مستشاريه لم يقبلوا ولم يقروا بالهزيمة ، الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته ، رجل لا يمكن التكهن بما يفعل ، رجل يعرف كيف يراوغ وكيف يلون الأشياء بحسب خياله وحسب إعتقاده الجازم بأنه كسب الإنتخابات لولاية ثانية .
تحركات الرئيس الأمريكي ، وتصريحاته المثيرة للجدل ، أطلقت العنان لكثير من التكهنات على صعيد الداخل الأمريكي وكذلك على الصعيد الدولي ، أما على صعيد الداخل الأمريكي ، فمن المتوقع أن الرئيس قد يصدر أحكاما عرفية وإعلان حالة الطوارئ في كل الولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك بسبب تهديدات نووية إيرانية تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة ومصالحه في منطقة الشرق الأوسط ، وبين الفينة والأخرى يشير الى أن الصين تتمدد على حساب الولايات المتحدة ولم يبرؤها دونالد ترامب من تصنيع فيروس كورونا الذي إجتاح العالم في موجته الأولى والثانية .في الثانية من إتهاماته لم يجد دليلا دامغا على إتهامه ويظل تراشقه في إطار الصراع الإقتصادي والتنامي الصيني .

إن صدور تشريع رئاسي بأحكام عرفية في الولايات المتحدة يعني تعطيل عمل مجلسي النواب والكونجرس والمحكمة الدستورية والقضاء ، ويحق للرئيس عندها  إنزال الجيش الى الشوارع لفرض القانون أي قانون الطوارئ والذي سيكون الوجه الآخر للأحكام العرفية التي صدر بحقها تشريع أحكام القانون العرفي ، كما أن هذا التشريع يدفع ببعض المتشددين من الملونين البيض من الحزب الجمهوري للقيام بأعمال فوضوية في الشارع الإمريكي بحجة تطبيق النظام والقانون في ظل الأحكام العرفية ، وبهذا سيعطل تسليم السلطة  للرئيس المنتخب جو بايدن في العشرين من يناير 2021 وذلك في ظل غياب المؤسسات القضائية ، فأمريكا مرشحة لفوضى ضاربة الأطناب على الصعيد الداخلي ، وهذه الحالة من الفوضى ستؤثر على الإقتصاد الأمريكي وكذلك الإقتصاد الدولي المرتبط بأقوى إقتصاد في العالم .
لن  يكون الرئيس دونالد ترامب وحده في التاريخ السياسي الأمريكي الذي إستصدر تشريعات بأحكام عرفية ، قد سبق وأن أعلن الرئيس فرانكلين روزفلت تفعيل الأحكام العرفية إبان الحرب الكونية الأولى ، والرئيس ترومان 1950 إبان الحرب الكورية ، كما إستصدر جورج بوش الأحكام العرفية وحالة الطوارئ عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001, لكن ظل تأثير تلك الأحكام في حدود ضيقة ولم تؤثر على النسيج الإجتماعي الأمريكي والذي يعيش أسوأ حالة إنقسام في تاريخه بعد الحرب الأهلية  ، صدور تلك الأحكام في ظل الإنقسام المجتمعي الأمريكي ستؤدي حتما الى تصفيات جسدية وإعتقالات وفوضى في ظل غياب تام للقانون وسلطة المؤسسات الدستورية .
إن دخول الغواصة النووية الإسرائيلية الى منطقة الخليج العربي عبر قناة السويس وبإذن مصري لتنضم الى الغواصة الأمريكية ( يو إس إس جورجيا_ 156 صاروخ توما هوك  ) والتي دخلت مياه الخليج عبر مضيق هرمز وحاملة طائرات وسفن حربية وفرقاطات  ، إن التبرير الإسرائيلي لهذا التواجد المتزامن مع التواجد الإمريكي الحربي الكثيف ، يخرج عن إطار العرض وإبراز القوة الى دائرة النوايا السيئة في خلط الأوراق في المنطقة وجرها للوقوع تحت تأثير أي حرب نووية محتملة بذرائع واهية  ، دونالد ترامب له أهداف ، تعطيل تسليم السلطة ، معاقبة الإمريكيين الذين لم يصوتوا له وكذلك حرمان الحزب الديمقراطي من تولي المسؤولية في إدارة الولايات المتحدة الأمريكية للفترة القادم ، كما أن هذا التواجد العسكري بالمنطقة قد يكلف منطقة الخليج ودولها تكاليف باهظة بحجة الحماية والدفاع عنها من الشبح الإيراني ،
لا قدر الله ، إن أي حماقة ترتكب من أي طرف من إطراف الصراع في منطقة الخليج ، أقصد الولايات المتحدة وإسرائيل من طرف وإيران من الطرف الآخر ، ستؤدي الى حرق المنطقة بكاملها،  مصادر طاقة وتعريض مصادر المياه في الخليج العربي وبحر عمان للتلوث النووي ،
إن التسهيلات التي توفرها دول الخليج العربي للتواجد الامريكي الإسرائيلي على تخوم دولة إيران سيزيد من الشحناء والبغضاء بين دول الخليج وإيران ولن يساعد في عملية إصلاح  العلاقات بين تلك الدول وإيران التي تمثل واقعا جغرافيا .
لا قدر الله ، إن أي حماقة ترتكب من أي طرف من إطراف الصراع في منطقة الخليج ، أقصد الولايات المتحدة وإسرائيل من طرف وإيران من الطرف الآخر ، ستؤدي الى حرق المنطقة بكاملها،  مصادر طاقة وتعريض مصادر المياه في الخليج العربي وبحر عمان للتلوث النووي .
إن التواجد الأمريكي العسكري النووي  في هذا التاريخ قد يخدم خطط دونالد ترامب في عدم تسليم السلطة بي أخوي وأخوك ، خلق فوضى أمنية في الداخل الأمريكي ، كما أنه سيمرر مشروع إبتزاز جديد لمنطقة الخليج ، ويخلق واقعا جديدا لإسرائيل في المنطقة العربية لتحقيق مشروع السلام مع الدول العربية ،
على الدول الخليجية إيقاف هذا العبث الإسرائيلي الأمريكي وإلا ستتحول المنطقة الى أطلال نبكي حاضرها وماضيها ، التعايش مع إيران ممكنا وإزالة التهديدات الإيرانية ممكنة بالجلوس الى طاولة مفاوضات تتسم بالحنكة والحكمة والكياسة وتبادل المصالح ،وإلا سنعيد سيناريوهات الحرب التي لا تبقي ولا تذر ، ويحق القول ، على نفسها جنت براقش.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..