عجيب وغريب أمر ( من أين جاء هؤلاء ) ! ومن لف لفهم !
يعمهون في غيهم ، ويعتقدون ان سلطة المفسدة والفتنة ستاتيهم ثانية من خلف صفوف الخبز والوقود والمواصلات العامة ! ربما ذهبت بهم أحلام اليقظة الي البعيد ،حيث تخيلوا ان المخلوع سيعود مجددا للتهليل والتكبير ! او ربما يحلمون بالصلاة في مسجد النور، حيث تقام للصلاة حواجزا بين اهل السلطة وبين العوام من الأهالي الغبش! لعلها سكرة السلطة، فلا يتخيل الطغاة يوما ان السلطة قد ذهبت عنهم هكذا فجأة !خاصة سلطة الإنقاذ التي كان يظن اهلها أنها مستدامة ومحروسة ببيوت الأشباح وتسهر عليها علي مدار الساعة 8 من الاجهزة الامنية، التي تتراوح بين مليشيات، وكتائب ظل ،وامن شعبي، وأمن طلابي، وقوات الجنجويد .
كلها تتباري وتتنفاس في القتل ببشاعة والتعذيب بوحشية ! الشعب السوداني ما كان محتاجا لكل هذا الكم من القوات والعتاد العسكري لمنازلتهم ، فقط تأبط صدوره العارية بالإرادة الصلبة ، وإمتشق سلاح السلمية، وملا الحناجر بالهتاف ( تسقط بس ) فسقطت ! وهل كان ( من اين جاء هؤلاء ) وحدهم الذين حاولوا وراثة ثورتنا ! كلا ، بل هناك آخرون، بينهم وبين الانقاذ صلة الرحم ، فحاولوا ان يبيعونا وهما جديدا : هو ان الثورة بدأت في إكتوبر من هذا العام و من جوبا وليس من الخرطوم ! ونصبوا المنصات ورفعوا اصوات المايكرفونات زاعقة ليقولوا لنا في خطابات التهديد والوعيد ان تجمع المهنيين وقوي إعلان الحرية والتغيير ما عاد لهما وجودا ! لدينا حاضنة جديدة ،ولدينا مجلس شركاء جديد وليس مجلس تشريعي ! ياسلام يا سلام !
هل يعتقد هؤلاء ان هذه الثورة ( بت حرام ) ؟ ام (مقطوعة من شجرة) ؟ ام ( يتيمة الام والاب ) ؟ ام ( هاملة ما عندها اهل ) ؟ ام ماذا ؟
هذه الثورة تشكل تراكما نضاليا متجذرا في اعماق حضارة عمرها 7 الف سنة .لم تبدا في اكتوبر 1964 ، ولا في ابريل 1985، ولا في ديسمبر 2018 ! هذا الوعي العميق جاء متناسلا من كوش ومروي القديمة ونضال الكنداكات المرويات شقيقات بعانخي وتهراقا ومحمد احمد المهدي وودحبوبة وعلي عبد اللطيف واحمد القرشي طه ، مرورا بكل الشهداء منذ يونيو 1989 علي راسهم ضباط رمضان البواسل، وكل شهداء بيوت الاشباح ،ومن خارج بيوت الاشباح الذين لايسع حيز هذا المقال المحدود لذكرهم ،مرورا بشهداء سبتمبر 2013 ودارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان والعيلفون وكجبار وبورسودان
وغيرهم .إذن لم تكن ثورة ديسمبر العظيمة مجرد خبط عشواء ، او هكذا ضربة لازب ! إنها ثورة وعي عميق ، هذا مايميزها عن سابقاتها من الثورات . ماذا نعني بانها ثورة وعي عميق ؟ نقصد ان هذه الثورة تحديدا دخلت البيوت السودانية من ابوابها ليس دخولا ” حركيا” فحسب ، بل دخلت وتغلغلت في نفوس الناس ،وسكنت في قاع وجدانهم واصبحت جزءا من مشاعرهم الوطنية ، بل جرت في شرايينهم مجري الدم . بدا المواطن السوداني يحس إحساسا عميقا وصادقا بان هذه الثورة تمثل له شرفه الأسري، وكرامته الإنسانية التي لا تكون الحياة بدونها ، هكذا ارتبط الدفاع عن الثورة بالدفاع عن شرف البيت وسمعة الاسرة . بهذا الفهم تصبح ثورة ديسمبر جزءا اصيلا من منظومتنا القيمية، ونسيجنا الاخلاقي والإجتماعي . كيف تشكل هذا الوعي العبقري ؟ تشكل من شدة وطاة حمولة البطش والقهر والتسلط والتنكيل والمهانة والمذلة التي كان يحملها الشعب السوداني علي ظهره خلال ثلاثين عاماحسوما ! ليت الامر كان قاصرا علي هذه الحمولة الثقيلة وحدها ! فوق هذه كانوا هم يركبون علي ظهورنا مثلنا مثل الدواب ،ويهشون علينا تارة بالعصا وتارة بالسياط ويشتموننا باقذع الشتائم ! كل هذا الكم المهول من القهر والصلف والإستبداد والإذدراء فجر هذا البركان الضخم من الوعي الذي ميز ثورة ديسمبر العظيمة . الشوارع التي خرجت يوم 19 في الذكري الثانية لثورة ديسمبر ،لتصحيح مسار الثورة ، وستظل جاهزة ان تلبي نداء الخروج متي ناداها المنادي ، هي شرعا صاحبة هذه الثورة دون منازع . هذه الشوارع التي لا تخون ستظل مرابطة في عرين الثورة “يوهطون” مداميكها ويوسعون متاريسها .
فما من جهة من الجهات المتربصة بالثورة في الداخل او الخارج ، بإذن الله وإرادة شعبنا الصلبة ، تستطيع ان تنال منها ، مادام الشعب السوداني مسلحا بمثل هذا الوعي الراسخ ، ويقظا وحذرا ومتحوطا لكل محاولات الغدر والتآمر والخيانة . لكن للأسف الشوارع وحدها لا تكفي ، خاصة وحكومة الثورة ” تعافر” في ظل مقاومة الدولة العميقة بغضها وغضيضها في محاولاتها المستميتة لإفشالها المرحلة الإنتقالية ،والعودة بنا القهقري من جهة ، ومن جهة ثانية ، الدولة الموازية التي ماإنفكت تتمدد و “تبرطع ” من اجل ان تحكم السودان حكما عسكريا في زي ديكور مدني !
لو إشتغلنا بذكاء وحذق علي الإستفادة من هذه الوصفة السحرية ( الشوارع التي لا تخون في حماية الثورة + المجلس التشريعي +البعثة الاممية لبناء السلام + مشروع الكونغرس الامريكي لدعم التحول الديمقراطي+ العمل علي ترجمة قرار رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في دعم الوضع الإقتصادي المتردي، بما يرفع عن الناس معاناة المعيشة ويخفف عنهم ضنكها ) . آمل ان افرد مقال الاسبوع القادم لهذا الموضوع .
يسعدني ان ارحب بتعليقات القراء وملاحظاتهم حول هذه الكتابات المتواضعة ، بصدر رحب وقلب مفتوح علي الإيميل ادناه:
نقلاً عن صحيفة (الحداثة)
دعك من الفلسفه…إذا ما وفرتوا الخبز والوقود والكهرباء على الثورة السلام
لو ما وفرتوا؟!!!! الخبز والكهربا
كلم العساكر يفكوا لينا قروشنا… يا ذكي
مخذل
هههههه
والله يا Mohd جبتها له من الآخر.. دا كلام الشعب السوداني كله، نحن لسنا بحاجة لكلام انصرافي من لزوم ما لا يلزم..
في مالطا كانوا يناقشون هل البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة والأعداء كانوا يهدون حصون المدينة وينقضون عليها..
واليوم الراجل دا يناقش من سيرثون الثورة بينما البيضة الواحدة التي اصبحت بي 30 الف جنيه تهدد حياة الثورة نفسها قبل ان يرثها اي شخص!