مقالات وآراء سياسية

الحل في حل قوات الدعم الفظيع

أبو الحسن الشاعر

من الخطايا الكبرى ضمن خطاياه التي لا تعد ولا تحصى والتي ارتكبها المخلوع البشير تأسيس قوات الدعم ” الفظيع ” لتقاتل عنه وله في دارفور ومن ثم لحمايته من أي محاولات للانقلاب عليه من ” الجيش ” ..
هذا الكائن ولد مشوها و” خِلاقة ”  كما نقول بالعامية ” بلا أب معروف ينتمي له فأباه بالتبني هو المخلوع البشير  ، وذلك يكفي أن يكون نسبه ” شريفا ” وغايته وأهدافه نظيفة وعفيفة !!.. تعالوا نسمع قصة ولادته من ” خشم سيدو ” .. حيث قال المخلوع في تسجيل تلفزيوني مبثوث على الوسائط مفاخرا بهذا ” الوليد العاق ” ويقف خلفه حميدتي والمخلوع يصيح بصوت جهوري وهو يخاطب جمعا من قوات الدعم الفظيع : ( لأنو .. والله أشهد، وأحلف قسم  .. ما في رئيس جاهز الليلة زيي عندو رجال جاهزين زيكم كدا.. نعم ..رؤساء مخزونهم الاستراتيجي عيش وقمح أنا المخزون الاستراتيجي بتاعي رجال .. طوالي قلت ليهم .. أضربوا لي حميدتي يجيني .. وجيت قلت لي يا حميدتي أنا داير لي 5 ألف مع أن الدنيا كانت خريف .. قال لي حاضر .. ما جاب خمسة ألف جاب ستة ألف … ”   انتهي الاقتباس

وطبعا من ” ديك  وعيك ” .. فتحت لهم الخزائن ونقلت لهم الأسلحة ومنحوا جبال الذهب مما قوى شوكتهم ومكنهم من تجنيد عشرات الآلاف من كل سنخ وجنس ومسخ من الهاربين من بلدانهم والعاقين لأوطانهم وأصبحوا قوة ضاربة وكان أن أخمدوا بالحديد والنار أي جهة تقف أمام الحكومة ولا تساوي الدولة بأسا ،
وأطلقت السلطة أيديهم فبطشوا واستكبروا استكبارا .. أصبحوا مصدرين للمرتزقة ومهربين للسلاح ، يقاتلون في ليبيا واليمن وكل بقاع السودان .. توارى خلفهم جيش السودان في المهام العسكرية الصرفة واختفى تماما دور الشرطة في المشاكل والحوادث الأمنية .. ونسى الناس ذكر الشرطة العسكرية والبوليس والجيش وأصبح لا حديث يعلو فوق حديث ” الدعم السريع ” حتى أن دوائر سياسية عسكرية وأمنية داخلية وخارجية تتحدث علنا في الفضائيات عن قدرة الدعم السريع على مواجهة الجيش إن أضطر لذلك في حال حاول الأخير تجريده من سلطاته .

لا شك عندي أن الدعم السريع الذي قام بدور حامي حمى البشير في سنواته الأخيرة حين شعر بدنو أجله ، كان من أبرز عوامل الثورة عليه ومن أهم دواعي اقتلاع نظامه فقد كان صنوا لجهاز الأمن والمخابرات وهما معا أفسدا في الأرض وبطشا بالشعب .. كانت كل دماء الثوار التي أريقت والأرواح التي أزهقت ، وشهدت عليها تسجيلات الصورة والصوت ، بسلاح أفراد ” الدعم السريع ” وكانت كل السياط التي انهالت على ظهور الثوار من الدعم السريع وكل حوادث البيوت التي تم اقتحامها والحرائر اللاتي تم ركلهن من قوات ” الدعم الفظيع “..

كان الأولى أن يسقط الدعم الفظيع مع المخلوع لكن ” الفي إيدو السلاح ما بكتب نفسو شقي … ومسجون “..
ولعل عدم إسقاطه كانت سقطة الثورة وخطيئة كبرى توازي خطيئة البشير في تشكيل هذا النبت الشيطاني وهو ما أدى لاحقا لتفريغ الثورة من مضمونها وشل حركتها وقدرتها وحركة الحكومة كذلك في اتخاذ أي قرارات جدية تستهدف الإصلاح خاصة الأجهزة الأمنية والعسكرية.

وتوالت أخطاء الثورة حين سمحت لقوات غير الجيش الوطني،  تسمى نظامية وما هي بنظامية لا شكلا ولا مضمونا ، بالتواجد في كافة المؤسسات وأصبحت شريكا فعليا في قسمة ” الثورة ” بعد أن انفرد ” بالثروة ” وصارت وما زالت توزع المنح والهبات والعطايا بأكثر مما تفعل الدولة .
وتم التنازل مرة أخرى حين أصبحت تلك القوات في أعلى هرم السلطة ” مجلس السيادة ” بل ومفاوضا رئيسا في ما عرف بمحادثات السلام في جوبا ممثلة بقيادتها .. ومن ثم أضيف لها المزيد من الاعتراف.

ما دفعني لهذا المقال هو الجريمة البشعة التي ارتكبتها ” دولة الدعم الفظيع ” بقتل مواطن بريء في مقتبل العمر يتم اختطافه في وضح النهار بعربة من دون أرقام دون أن يستطيع ” شعب الثورة ” أن يقول ” تلت التلاتة كم ؟ ” وهو الشهيد ” بهاء الدين الكلاكلة ” .. هل بلغت الجرأة بهم والهوان بنا هذا الحد ؟؟

وهذه واحدة من عشرات بل مئات الجرائم ولعل أكثرها فظاعة جريمة فض الاعتصام التي يعرف الجميع تفاصيلها الرهيبة في يوم الرعب ذاك ويوم التعدي على قيم الدين والأخلاق والحضارة والتقاليد السودانية الراسخة في السلم والحرب من قوات شكل لحمتها وسداها ” الدعم الفظيع ” ..

لم أكن أتصور أن يحدث هذا الحادث المريع وحشود الثورة ” تتفرج وتطالب بكشف ملابسات الجريمة وتقديم المسئولين عنها للعدالة ” !!.. كان رد الفعل باهتا لا يساوي حجم الجرم المرتكب .. لغة ” نطالب ” لم يعد لها موقع من الإعراب .. وبيانات النائب العام لن ترد حقا سليبا ولا أرواح أزهقت ودماء سفكت ولن تعاقب مجرما يعرف أنه فوق النيابة وفوق القانون وفوق سلطة الحكومة كلها بقضها وقضيضها ..

كان الأحرى ، بدل أن نترك لجان مقاومة الكلاكلة تقف منفردة عاجزة ، أن يخرج الثوار في كل السودان .. كل السودان بمطلب واحد لا غير وهو ” حل جهاز الدعم الفظيع ” ودون تسويف ودون منح مهلة للحكومة واشتراطات فارغة لأن أي يوم يمر  يعني أن  ” يبرد الدم ” وتتراجع القضية.
لكن للأسف الناس شغلها الخبز والخلافات ففرطوا في الأولويات لأن الموت على طريقة بهاء يهدد كل بيت في السودان إن لم نفطن لمعنى القول المأثور ” أكلت  يوم أكل الثور الأسود  ” ..
جرائم الدعم الفظيع سوف تتكرر مهما سمعتم من وعود زائفة وحديث عن إدعاء محاسبة المجرمين وتقديمهم للعدالة وتشكيل ” لجنة تحقيق ” وما إلى ذلك من ” الكلام الهايف ” ..
وحتى نخرج من دوامة القتل هذه ، يبقى أن يصدر وزير العدل أو النائب العام من الآن فصاعدا قرارا يسمح لأي مواطن أو أهل شخص تدعي الأجهزة الرسمية أنه مطلوب للعدالة بتصوير من يجيئون لاعتقاله أو استدعائه وتصوير السيارة سواء كانت بلوحات أو بدونها سواء كان ذلك في مكان عام أو خاص وعدم نشرها بل تسليمها للنيابة العامة في حال أعلنت أسرته أنها لا تعرف الجهة التي اعتقلته أو لم يسمح لها بمعرفة مكان احتجازه ..
وذلك بسبب أن البلد لم تعد آمنة وأن هناك جهات متعددة تدعي أنها جهات نظامية ، وحتى يستتب الأمن وتعرف الحكومة وقواتها النظامية ” شغلها ” ، عندها فقط يمكن وقف التوثيق من قبل المواطنين ويبقى هذا هو الحل الوحيد الذي يضمن أن الاعتقال يتم من جهات رسمية وأن المواطن لن يتعرض للتعذيب والقتل العمد في عهد “الثورة” التي ما اندلعت شرارتها إلا توقا للحرية والأمن .

ونبشر القاتل بالقتل .. ولو بعد حين ..

أبو الحسن الشاعر <[email protected]>

‫3 تعليقات

  1. لا يختلف اثنان في كل حرف ذكرته ولكن كيف السبيل لذلك هل يستطيع الجيش والحكومة الانتقالية بشقيها السيادي والتنفيذي حل الدعم الفظيع فعلا دون الدخول غي مهاترات فليضع احدكم خارطة طريقة واضجة وعملية لاستئصال هذا السرطان المدمر والنبت الشيطاني من حياتنا

  2. “الحل في الحل” كما قالها شيخ علي عبد الرحمن الضرير رحمه الله واسكنه فسيح جناته، كثير من السودانيين لا يعرفون مواقف هذا الرجل فرغم انه كان قاضي شرعي ورئيس حزب الشعب الديمقراطي الا ان للرجل مواقف تاريخيه ضد الاخوان المسلمين، وقد قال قولته الحل في الحل عندما عجزت حكومة الصادق.

  3. الحل: تجفيف مصادرهم الاقصادبة .. تجريدهم من السلاح .. مساءلة كل من يود الانتماء اليهم عسكريا .. عزلهم خارجيا والنظر في شأن الدول التي تتعامل معهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..