مقالات وآراء

خَمْ رَماد العَّام ٢٠٢٠: و مَلامِح العَّامْ الثَّورِي الجَّدِيد.

د. مقبول التجاني

جَاءت الذَّكرَى الثانِيَة لِلثَّورة السُّودانِيَة المجِيدة، مَليئة بالعِبَر و الدروس الكبيرة، فقد حَمَلت مِليُونِيَة ١٩ديسمبر ٢٠٢٠ م الكثير مَنْ الرسائل الهامَة و التطلُعَات الشَّعبية المشرُوعَة، و عَمَقَت الرَّغبَة العامَة المُلِحَة لإجراء المُراجَعَات و الدراسات الضرورِيَة المُختَلِفَة، و مَنْ ثَم تَطوِير التكتيكَات الثورِيَة.

كَانَتْ السِّمة البارِزَة فِي مِليونِيَة ١٩ ديسمبر ٢٠٢٠ م، هو إنقسام الشارِع الثَّورِي السُّودانِي، مَا بين “تَسقُط ثالث” و “إستَكمَال مَهام الثَّورَة”.

أيضاً قُوبِلَت تِلك المِليونِية الشعبِيَة بِعُنفٍ مُفرِط، و تَم التعامُل مَع الثوار بِوحشِيَة، و خصوصاً فِي مُواجَهات فَضْ إعتِصَامَي البرلمان و القصر الجمهوري.

بَعد يوم واحِد فَقَط مِنْ مِليونِيَة ١٩ ديسمبِر، حَدَث زلزال وَفَاة الشهِيد بَهَاء الدين نوري، يوم ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٠ م، بَعد تَعرُضِه لِلإعتِقَال و التَّعذِيب مِنْ قِبَلْ قُوات الدَّعم السَّرِيع.

كَمَا إعتذر قاضي مَحكمة مُدبِرِي إنقلاب الإنقَاذ، مَولانَا عصام الدين محمد إبراهِيم، يوم ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٠ م، عَن مُواصَلَة سير القضِيَة، بَعد تَعرُضه لِضغوط كبيرة مِنْ قِبَل الكيزان الشعبيين، لأنهُ رَفَض شَطب القضِيَة.

كُل تِلك المُؤشِرات السَّالِبَة الثَّلاثة، لا تَدُل عَلى أن الثَّورة السًّودانِيَة تَمضِي فِي إتجاه وجهتَهَا الصَّحِيحَة المرجُوة، فِي طريق الإستِكمَال، مِنْ أجل تحقِيق قِيَمْ الحرية و السلام و العدالة، و هذا الأمر يَجعَل شِعار “تسقُط ثالث” أكثر وجَاهَة و مَنطِقِيَة.

إجازة قانُون إستِعَادَة حَصَانة السُّودان السيادِيَة، بِواسِطَة الكونغِرِس الأَمريكي ( قانون السلام العادِل للسودان)، يوم ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٠ م، تَم فِيهِ إستثنَاء قَضَايا ١١ سبتمبِر المرفُوعَة أَمَامْ القَضَاء الأمرِيكِي، لَتُمَثِل عَصَا نَايمَة أَخِيرَة بِيَد الولايات المتحَدَة.

القرار السَّابِق بِرَفع إسم السُّودان مِنْ قَائمة الدُّوَل الرَّاعِيَة للإرهاب، قَدْ يُؤدِي إلى إيقَاف التدهور الإقتِصَادِي مؤقَتَاً فَي النصف الأَوَل مِنْ العَّام الجديد، و لَكِنَهُ غير كافِي وَحدَهُ لإحداث التنمِيَة الإقتِصَادِيَة المنشُودَة، و غير كَافِي لإِعفَاء ديون السُّودان المُستَحَقَة لَدَى مَجمًوعَة نَادِي بَارِيس، و التي تَبلُغ حَوالَي ٦٠ مِليَار دُولار.

لَيس بإمكان السُّودان، أن يُطالِب باعفاء ديون مَجمُوعَة نَادِي بَارِيس جزئيا أو كلياً وفقاً لِمُبادرة الهيبك، لأن الإستِفَادَة مَن مُبادَرَة الهيبك تقتَضِي التوقِيع على مِيثَاق رُوما المؤسِس لِلمَحكَمَة الجنائيَة الدولِيَة.

لكِن قد يَتَمَكن السُّودان مِنْ شَطب ٨ مِليَار دُولار، عِبَارة عَن ديون مُستَحَقَة لَدَي البنك الدولي و البنك الإفرِيقَي لِلتنمِيَة.

تَزَامن قَرار مَجلِس الأمنْ الدُّولي بإعتِمَاد إنتِهَاء عَمَلْ بِعثَة اليوناميد نهاية العام، يوم ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٠ م، مَع إستِمرار إعتِصام مُعسكَر كَلمَة للنازَحين الرافِض لِخروج اليونامِيد، و إستمرار تَعرُض المدنيين فِي دارفور للقتل علَى يَد مَليشيات الجنجويد، و بَصُورَة تكاد تكون شِبه يومِيَة.

تَوقِيع مُذكِرَة تَفاهُم بين حِزب المُؤتمر السوداني (الوطني الأصل) و حركة أركو مناوي يوم ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٠ م، يُعتَبَر مُؤشِر سَالِب و خَطِير، لِعِدة أسباب، خصوصاً إذا عَرَفنَا أن هَذا التَّحالُف الطُّفَيلِي المشبُوه، هُو المُتَهَم الأَول بِحادِثَة حَرق عَلَم الحزب الشيوعِي، عَلَى هَامِش إحدَى تَظاهُرات ١٩ ديسمبَر الفرعِيَة، و قَد حَرِصَت قَناة الحوش الفضائية المحسُوبَة على إعلام الهامِش، و بِصُورَة شِريرَة، على تَصوير و تَرويج مَسرحِيَة حَرق العلم الهزِيلَة.

الإعلان النهائي لِتَوصِيَات مُؤتَمَر النازِحِين و اللاجِئين بِولايَة غَرب دَارفُور، يوم ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٠ م، أكد علَى رَفض إتِفَاقِيَة مُحَاصَصَات جُوبا العبثِيَة المعيبَة، و أيضاً أكَد على رَفض خروج قُوات اليونَامِيد.

إلا أن ذلَك المؤتمر التاريخي الهَّام، لَم يَجِد حَظهُ فِي الإعلامين، الرسمِي و الشعبِي، و قُوبِل بِتجاهُل كَبير.

بَيان النيابة العَّامة السُّودَانِيَة بِخصُوص شَهِيد الكلاكلَة، يوم ٢٧ دِيسمبِر ٢٠٢٠ م، وَضَعَ مَسألَة تحقيق العدالَة فِي الواجَهَة مُجَدَداَ، و أكد أن شِعارات الثورة السودانِيَة لا تَزال بَعِيدَة المنال، و خصوصاً أننا نَنحدِر فِي إتِجَاه دولَة المليشيات المُسلحة.

إلا أن دولة كِتشِنَر الحَّدِيثَة، التي إبتلَعَت الإسلاميين بإبتلاءاتِها، قادِرَة أيضاً عَلى إبتِلاع المليشيات البدَوِيَة.

تُشِير التقارِير السرِيَة إلى وجُود أكثر مَن تِسعَة مَراكِز إعتِقَال للدعم السريع داخِل العاصِمَة القومِيَة، و حَوَالَي أكثر مِنْ ٣٠٠ مَركَز إعتِقَال فِي ولايات إقلِيم دارفور المُختَلِفَة، و يَقوم علَى بيوت الأشباح هذه ظباط سَابِقين فِي جَهَاز الأمن الكِيزَانِي.

الطَّريقَة الغامِضَة التي يَتِم بِهَا الآن إعدَاد مُوازَنَة العام المالِي ٢٠٢١ م، تُثير كثير مِنْ الريبَة، و تُوحِي بنتائج كارِثَيَة مُتَوَقعَة لِتِلك الميزانِيَة السرِيَة، و تُعتَبر هذه الطرِيقَة الغامِضَة ضِد مَبدأ الشفافِيَة، و لا تَصُب فِي مَصلَحَة التحول الديمُقرَاطِي.

بِمَا أن النَّتائج لا تَنفَصِل عن المُقدِمَات، فإن تَطور الثَّورة السَّودانِية خِلال العام الثَّورِي الجديد (٢٠٢١ م) لا يُمكِن أن يُقرأ إلا فِي سِيَاق تَفاعُلات الأحداث السَّابِقَة، و حصيلة جَمْع التَّصدِي اليومِي للتحدِيَات الوطنِيَة المُختَلِفَة، و نتاج المُواصَلَة الجَّادة المُثابِرَة لَعملِيَة إعادة تَنظِيم الصفوف، و إعادة الإصطِفاف، و القيام بالواجِبَات الثَّورِيَة المُختَلِفَة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..