مقالات وآراء سياسية

رؤية موضوعية هادئة لتداعيات لوحة مايكل أنجلو “خلق آدم”!

صديق النعمة الطيب

الحديث عن لوحة مايكل أنجلو بحياد، يعني أنك تُلقى بنفسك بين فكي حيوان مفترس، أحد فكيه أنصار دكتور القراي، والآخر  أعداء دكتور القراي.

من أهم وظائف لجان إعادة صياغة المناهج على الإطلاق، هي تنقية الدين من براثن السياسة، ليصبح الدين قيم أخلاقية وروحية تساهم في تحرير العقول من “التجسدات والرموز” التي خلقتها عقلية “الاسلام الوظيفي”، التي حولت الدين إلى مظاهر وثنية تخلو من أي عمق روحي، حيث أصبح الدين حاضراً في مستوى الشكليات والشعارات، التي لا تعصم المواطن عن ارتكاب أي فساد، طالما أن ظاهر فعله إيمان “كاذب”!

لذلك كانت مهمة تغيير المناهج شرط وجوب، لا محيد عنه، لإحداث النهضة المنشودة!

أما السؤال الصعب، طالما نحن نعمل على تحرير الدين من “براثن الفكر الانساني”، لماذا يتم استجلاب لوحة مايكل أنجلو “خلق آدم” بالتحديد، وهي لوحة دينية بامتياز، “تجسد علاقة الإله بآدم” وفق رؤية دينية بشرية سادت أوروبا في حقبة مارست فيها الكنيسة أبشع صور اضطهاد واذلال الانسان وحرمانه من كافة حرياته، وأوروبا لم تنعتق من ظلامها وتدخل عصر الانوار، إلا بعد أن تجاوزت هذه المراحل!؟

لنرى ماذا تقول ويكيبيديا عن اللوحة، ولكم أن ترجعوا لمواقع أخرى وكلها تحمل نفس التفسير:
(خلق آدم أو “خلق الإنسان” هي جزء من فريسكو مصور على سقف كنيسة سيستين في الفاتيكان. وتجسد حسب الإنجيل القصة الواردة في سفر التكوين حين قام “الله الآب بنفخ الحياة في آدم أول إنسان”. لوحة خلق آدم تعد حسب الترتيب اللوحة الرابعة في سقف كنيسة سيستين في الفاتيكان، والتي قام مايكل انجيلو برسمها في الفترة ما بين أعوام 1508-1512) ويكيبيديا!

تعتبر هذه اللوحة من الناحية الفنية من أرقى ما أبدعته عبقرية الانسان في محاولتها ترجمة مفاهيم دينية معينة، ولا يمكن فصل هذه اللوحة عن سياقها الرسالي الذي رسمت فيه ومن أجله. رغم حقيقة ان أوروبا لم تعد تنظر لهذه اللوحات في بعدها الديني، وإنما اصبحت مجرد مواضيع فنية خلابة، تؤرخ لحقبة تاريخية مفعمة دينياً، وشديدة الثراء الفني.

مرةً أخرى نسأل لماذا يتم محاربة الفكر الديني “الوظيفي”  ذي التجسدات المادية، بفكر ديني “وظيفي” آخر وبتجسدات مادية أخرى، لماذا لم تتم الاستعانة بلوحات أخرى أكثر انفتاحاً، لوحات تحرر الفكر الانساني من القيود العقدية الضيقة، وتهيئه للانطلاق الحر نحو المطلق، وليس للدوران داخل مُخيِّلة عجزت عن استيعاب “المطلق” رغم ابداعها الفني!

وفي ظني أن “دكتور القراي” نفسه قد تفاجأ بها، كما تفاجأ بها آخرون، لأن تحليله للوحة لم يكن بمستوى اللوحة الفني، فاللوحة تحوي مضامين كبرى ومعقدة أراد الفنان ايصالها بصورة فنية، وهي بالمناسبة متوفرة ويمكن استحضارها من “النت” بكبسة زر!

لا نريد مجرد تغيير للمناهج، وإنما نريد تحرير للعقول من سطوة “الأخ الأكبر”، عبر إبداعات عالمية تنشد الحرية مثل رواية “1984” لجورج أورويل، نريد تغيير موضوعي ومؤسس يُغلق الباب على أي محاولة لتجييش عواطف الناس ضد “ثورة” الوعي!

صديق النعمة الطيب <[email protected]>

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..