مقالات وآراء

لماذا نبكى مع الشيخ في الجامع ؟

كنت في القاهرة والتقيت صديق وزميل دراسة من جنوب السودان (كاثوليكي) وكان يعمل موظفا هناك في مجمع الكنائيس العالمي في حي الزمالك وزرته في احد المرات بالصدفة في مكان عمله وفي لحظة وجودي وهم يؤدون الصلاة رأيت الكثيرين منهم تنهمر دموعهم من فرط التأثر وهم يستمعون الى تراتيل يلقيها عليهم القس . بعد نهاية الصلاة سألت صديقي (سبت) عن هذا البكاء وهذه الدموع فكان رده التالي :
كما يحدث للمسلمين في صلاة التراويح في رمضان او سماع خطبة للشيخ انهم يتأثرون بسماع القران من الامام فكذلك المسيحيين عند سماعهم التراتيل تنهمر دموعهم من الخشوع وانداح في الحديث وحكى لي عن معجزات العذراء وانها كانت تظهر كل ليلة كطيف يحلق في السماء وكان الناس يتوافدون الى الكنيسة وكانت تشفى المرضى ولكن لقد اختفت بسبب قلة الايمان وهو يحكي بهذا مؤمن تماما بما يقول

وهناك حكاوي وقصص مشابهة للمسلمين تحدث عنها بعض من ذهبوا الى الحرب في الجنوب او في مناطق الجهاد المختلفة في العالم وهم يحكون عن المعجزات والحيوانات التي تتقدمهم لتفجير الالغام والغمام الذي يغطي الشمس والغزالة التي نادت المجاهدين لكي يذبحوها والملائكة التي كانت تغطيهم من الاعداء كلها كانت قصص تحكى في القنوات الفضائية

وجميع هذه الحكاوي والقصص في جميع الأديان لا تعرف النقاش كما انها لا تخضع للمنطق.

هذه التجربة الروحية تحدث في جميع الأديان عندما تسيطر العواطف الدينية على المؤمن فيستشعر الرهبة من الخالق ويتذكر الذنوب التي اقترفها في حياته ويرجو المغفرة من الله. لكن بعض المسلمين يستكثرون على غيرهم هذه العواطف الدينية ويعتبرونها تخص المسلمين وحدهم دون غيرهم ولا يبحثون عن الحقيقة وانما تسيطر عليهم مشاعرهم الدينية ويتشبثون بما يلقنه لهم شيوخهم… عندما تسيطر العواطف الدينية علي الشخص ليس باستطاعتك استنكارها امامه كما لا يمكن زعزعتها من اي شاب مسلما او مسيحيا او هندوسيا او من اي دين اخر

العواطف الدينية ظاهرة انسانية طبيعية في كل الاديان ومقبولة ولا احد يعترض عليها او يرفضها فايمانك وعواطفك الجياشة شي يخصك ولا احد يتضرر منها مادمنا نمارسها داخل نطاق الدين لكن المشاكل تحدث دائما عندما نمارس عواطفنا الدينية خارج نطاق الدين او نألب بها رأي الشعب كما يحدث الان من بعض المشائخ وتسيسهم للقضايا. وزج الدين في السياسة يضر كثيرا … الدين ثابت اما السياسة متغلبة وخاضعة لكثير من الاراء والدول الغربية لم تتطور الا بعد فصل الدين عن مؤسسات الدولة وأصبحوا يمارسون الدين فقط في المعابد وعندما يذهبون إلى البرلمان والمكاتب الحكومية يدرسون الواقع بدون عواطف دينية

فان لم نفصل الدين عن الممارسات السياسية وليس فصله عن المجتمع كما يعتقد البعض لن نتقدم وسنقحم العواطف الدينية في كل خلاف سياسي وهذا لا يفيد أحد ولن نتقدم خطوة واحدة

ياسر عبد الكريم
[email protected]

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..