مقالات سياسية

الرواية السودانية والنقد المنهجي !!!

د. منتصر نابلسي

الرواية السودانية، عبر نموها مرت بأطوار متباينة لعبت مؤثرات كثيرة في تكوينها وتطورها منها عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية سلباً كانت أو إيجاباً، وتمخضت عن تلك التجارب نتائج تراكمية، لعبت دورها في بناء شخصيتها.

وبما إن الرواية جنس أدبي له ثقله الفني، يتأثر بالتحولات والمتغيرات التي تقتضيها كل حقبة تاريخية بكل زخمها، فهي بالتالي تنقل لنا تلك الصور الإنسانية المتباينة التي كان لها فعلها وتفاعلها الخاص ،و لها كل السمات المميزة، التي تحمل في جوهرها خاصية فنية تتمتع بها تلك الحقبة الزمنية، وذلك الواقع وما يحيط به من متغيرات.

هل تستطيع الرواية السودانية التطور وأداء رسالتها الأخلاقية والفنية بدون حركة نقدية فاعلة؟
الرواية كغيرها من الفنون الأدبية التي إذا فقدت الجانب النقدي الذوقي والمنهجي العلمي فقدت روح النجاح، فإن كان النقد عبر التفسير والتقويم خلال التحليل والشرح يكشف عن جوانب النضج الفني وتمييز الغث من السمين، فإن الرواية لا يمكن أن تبلغ مرحلة الانطلاق والكمال الإبداعي والتطوير نحو الأفضل، بدون حركة نقدية فاعلة يحكمها الذوق السليم والنهج المتوازن القويم.

ففقدان النص للجاذبية التي قد لا تكون بالكيفية الناضجة الوافية التي تشبع نهم القارئ وتستفزه إلى حيز الإعجاب والتأثر وهناك البساطة ووضوح الرؤيا, وواقعية النص وسلاسة الأسلوب, وربط هذه الشخصيات بالصراع الذي هو المحور الجاذب للقارئ كل هذه النقاط تحتاج إلى تسليط الضوء عليها، ومن ثم طرح المعالجات المتاحة حتى نكون قد ساهمنا في إعادة  هذا الفن الإنساني إلى مكانه الطبيعي الذي يستحقه.
هل وجدت الرواية السودانية ما تستحقه من نقد بناء؟

الرواية السودانية لم تحظى بقدر كاف من النقد الهادف ولم تجد التوجيه الايجابي المطلوب، الذي يمهد لها الطريق ويفتح أمامها آفاق المستقبل حتى لا تظل حبيسة المكتبات بعيدة عن التفاعل النقدي.
ربما هناك سؤال ملح متى كانت بدايات الرواية السودانية ميلادها ومراحلها، وما هي الصعوبات التي واجهتها؟  وكيف وجدت طريقها ومتى اخترقت واقعنا؟

تضاربت الآراء حول الزمن الذي كان بداية الرواية السودانية وما هي الرواية التي تعتبر الميلاد الحقيقي لها وما هي الإشكالات التي واجهت انتشار الرواية يقول عبد الله علي إبراهيم في مقاله: (الحبوبة غروب شمس مؤسسة ثقافية) المنشور بمجلة الدوحة بداية الثمانينيات” إذ هناك مدة زمنية تفصل عادة بين تاريخ كتابة الرواية، وتاريخ نشرها نسبة لإشكالات النشر المعقدة في السودان، ورفع الدولة يدها عن النشر الثقافي، وافتقار الكاتب السوداني إلى طريق ممهد لنشر إنتاجه، ولذا نجد أن الرواية قد تقبع سنوات في حوزة صاحبها قبل أن تجد طريقها إلى القراء، وآية ذلك أن أغلب الباحثين درجوا على اعتبار رواية (إنّهم بشر) للرائد خليل عبد الله الحاج الرواية السادسة في تاريخ الروايات السودانية”.

لم يكن ميلاد فن الرواية مجرد شغف تعلق بمعطيات العصر، ولكن أثبتت الحقائق من خلال التفاعل الاجتماعي خاصة بين الطبقة المثقفة،وحول قدرة الرواية نفسها ككائن حي له فعله وتفاعله في التأثير والتأثر.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..