
الذي حدث ليلة رأس السنة من فوضى، و إنفلات امني إن كان مخطط له تبقى مُصيبة، و إن كان عفوي تبقى ام المصائب.
في الحالتين غياب الشرطة، و الاجهزة الامنية غير مبرر إطلاقاً في بلد تذهب اغلب ميزانياته، و امواله الي قوى الامن المختلفة، و المليشيات.
المؤسف حتي الآن لم يتم القبض علي ايّ متفلت، او مجرم، برغم إنتشار الفيديوهات، و الصور علي وسائل التواصل الإجتماعي، و حجم الضرر الذي لحق بالمواطنين في وسط العاصمة الخرطوم.
المظاهر المؤسفة ليلة رأس السنة لا تُعتبر مهدد للأمن بقدر حرية الرأي، و التعبير، و الكلمة التي تواجه بالعسس، و المدججين بالسلاح بالزي المدني، والملثمين، و العربات بلا لوحات التي تجوب الشوارع، و الطرقات في وسط العاصمة نهاراً جهاراً.
لا يُعقل بعد ثورة ديسمبر المجيدة ان يظل الإعتقال، و التعذيب حتي الموت لأسباب سياسية، و لعدم سعة صدر حكومة ثورتنا، و الضيق بالآخر لدرجة التغييب القسري، و الإحتجاز خارج سلطة القانون، نظل في ذات مربع النظام البائد، و بركته الآسنة.
في مشهد عبثي يظل البلطجية، و العصابات المتفلتة يتحركون بحرية، و يجوبون الشوارع، لترويع الناس، بالإعتداء، و النهب، و إفشاء الفوضى في رابعة النهار.
المؤسف هناك اخبار بوجود حفلة إغتصاب جماعي في ذات الليلة المرعبة، فعدم صدور بيان من الشرطة يثبت او ينفي حادث الإغتصاب ستظل التساؤلات مطروحة علي كل الإحتمالات بما فيها نظرية المؤامرة، لطالما غابت الشفافية في تنوير الرأي العام، و تمليكه الحقيقة المجردة بلا محسنات لأنه صاحب الحق الحصري في ذلك.
مثل هذه الحوادث تؤخر البلاد لسنوات إذا استرقنا السمع لمعرفة الدوريات، و التقارير الغربية، و الاوربية التي تُقدم كنصائح لزوار السودان، كافراد، او مستثمرين، او شركات.
” شماشة الحرية و التغيير سلمهم الشعب الحكومة، افتكروها قعاد في المكاتب، و ركوب عربات فارهة، و سايبين الكيزان لافين في الشوارع بالليل و النهار و بجو لحدي عندنا نحن المساكين ديل و بياخدوا الفيها النصيب”
الحديث لسودانية بسيطة ” ست شاي” تشكو مرارة الوضع، و الالم بلا جدوى.
في حديث مع صديق صحفي من زوار مجلس الوزراء اكد انه اصبح عبارة عن حانة، و متكأ للعواطلية، و الارزقية، و كأن جغرافية المكان في احد ازقة العتبة، و حواريها.
الصورة الإيجابية في المشهد هي حالة الوعي الذي اسقط الإنقاذ بعد ثلاثة عقود، ففي اقل من عامين قد سقطت احزاب السجم المتمثلة في قحت، و العوطلية، وسماسرة الهبوط الناعم، فعاف الناس سلوكهم، و منهجهم القذر الذي تعلو فيه قيمة الذات، و المصالح الضيقة، فباعوا الثورة، و دماء الشهداء في سوق نخاسة الإرتزاق، و محاور الذل، و الجهل، و الهوان.
متى ستنام الخرطوم آمنة مطمئنة، و يهنأ الشعب السوداني بثورته المجيدة، و تتحقيق كل اهدافها غير منقوصة ان حرية سلام، و عدالة؟
الخرطوم مثل لبنان تحتاجون لشوام او ناس من اهل الشام خصوصا في خطوط صالحة
كنا نشاهد السفير الامريكي في مطلع التمنينات وهو يركض حول مطار الخرطوم بدون حراسه .. كنا ندخل سينما النيل الازرق و يجلس بجانبنا طاقم احد السفارات الغربيه باولادهم .. كنا نسير في شارع الجمهوريه وتجد سفراء بعض الدول العربيه وهم يتسوقون بجانبك في بوتيك سلوي او مليون صنف .. هذه كانت الخرطوم .. لا تجد رجل شرطه ولا تجد اي مشكله .. كل واحد في حاله … حصل شنو … انو هناك وجوه دخلت من عدة مناطق وهي تحمل حقد و حسد وغل تريد ان تخلق من هذه البقعه الامنه منطقة توتر … لكن لو كان هناك شرطه و قوات امنيه تتدخل علي وجه السرعه ما كنا نشوف هذه التفلتات الامنيه … ما يحدث في الخرطوم هو حلقه من حلقات التامر التي لم تنقطع منذ نجاح الثوره ….