عربي | BBC News

قمة العلا: بعد عناق تميم وبن سلمان، ما الذي حققته دول المقاطعة في أربع سنوات؟

بعيدا عن الأجواء الاحتفالية، على وسائل التواصل الاجتماعي، التي أثارتها لقطات استقبال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالعناق، قبل بدء قمة العلا الخليجية، فإن تسارع وتيرة المصالحة، بين قطر وجيرانها الخليجيين، بعد مايقارب الأربع سنوات من المقاطعة، أو الحصار كما تسميه قطر، يطرح أسئلة كثيرة أهمها، ما الذي حققته الدول المقاطعة لقطر بعد هذه المقاطعة الطويلة؟ وهل تمثل المصالحة انتصارا لقطر؟ ولماذا غاب عن قمة العلا قادة بعض الدول من أطراف النزاع؟.

فتح الأجواء والحدود

مثل الاتفاق على فتح الأجواء، والحدود البرية والبحرية بين قطر والسعوديّة، المغلقة منذ اندلاع الأزمة الخليجية في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، أول خطوة في طريق إنهاء الأزمة الخليجية، ويبدو من خلال كل التقارير المنشورة حتى الآن، أن الرياض أو أي من الدول المقاطعة لقطر، لم تتشبث بمطالبها الثلاثة عشر، التي طرحتها منذ بداية الأزمة، كشرط لإنهاء مقاطعتها للدوحة، ومنها إغلاق قناة الجزيرة، وتخفيف العلاقة مع إيران، وقطع علاقاتها مع الحركات الإسلامية، خاصة الإخوان المسلمين.

ووفقا لمعظم التقارير، فإن قطر لم تقدم سوى تنازل واحد حتى الآن، وهو تنازلها عن الدعاوى القضائية، التي كانت قد أقامتها ضد دول المقاطعة، بتهم التمييز ضدها، وهو ما كان الشرط الوحيد، مقابل فتح الحدود معها، كما أشارت مصادر أمريكية، مقربة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تقول صحيفة النيويورك تايمز، في تقرير لها حول قرار الرياض، بإنهاء الحصار الجوي والبري والبحري على دولة قطر، والمستمر منذ أكثر من ثلاثة أعوام، إن القليل تغير منذ إعلان دول الحصار مقاطعة قطر عام 2017، مما يطرح أسئلة حول ما أنجزته تلك المقاطعة، وفيما إن كان الحل الذي فشل في حل الخلافات العالقة سيصمد طويلا.
وتنقل النيويورك تايمز عن الدكتور “أتش إي هيللر”، المحلل في المعهد الملكي للخدمات في لندن، إنه في غياب تنازلات من قبل قطر “فلا أعتقد أن السعوديين سيظهرون بمظهر من قاموا بتحرك مهم في السياسة الخارجية قبل عدة سنوات” و” لكنهم سيتلقون الثناء من قبل واشنطن التي رعت هذا الاتفاق لتراجعهم عما قاموا به الآن “.

وتكمن كلمة السر وفقا للعديد من المراقبين، وراء التغير في موقف السعودية، والدول التي تحالفت معها، في التغير السياسي الحاصل في واشنطن، وانتقال السلطة من إدارة ترامب الجمهورية، إلى إدارة بايدن الديمقراطية.

فمن ناحية بدا أن ترامب وجد في إتمام المصالحة، فرصة له كي ينسب لإدارته إنجازا في أيامه الأخيرة، في البيت الأبيض، ومن ثم فقد وقف بقوة وراءها، وقد كان صهره جاريد كوشنر، صاحب دور مهم فيها، وكان من بين الحاضرين للقمة الخليجية. ومن ناحية أخرى ووفق المراقبين أيضا، فإن الرياض ترى أن إنهاء الأزمة، يعد سبيلا لبدء علاقات جيدة، مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، والذي كان قد هدد مرارا بتبني نهج متشدد معها.

غياب بعض القادة

غاب عن قمة المصالحة الخليجية في السعودية، قادة كل من مصر والإمارات والبحرين وسلطنة عمان، وأوفدت مصر وزير خارجيتها للقمة، كما أوفدت البحرين ولي عهد البلاد، في حين أوفدت الإمارات للقمة، حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتحظى كل من مصر والإمارات والبحرين بعضوية ضمن مجموعة الدول التي قررت فرض المقاطعة على الدوحة.

أما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي كان قد تلقى دعوة من العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، لحضور القمة، فقد قرر عدم الحضور، في اللحظة الأخيرة وإرسال وزير خارجيته سامح شكري عوضا عنه للمشاركة بالقمة، وتشير تقارير إلى أن السيسي قرر عدم الحضور، بعد قرار الرياض فتح حدودها مع الدوحة، في حين أكد إعلاميون مقربون من السلطة في مصر، على أن عدم حضور السيسي جاء على خلفية عدم استجابة الدوحة للمطالب المصرية.

أما أبرز تلك المطالب، فهي وقف الانتقادات للسياسات المصرية، ولمواقف السيسي المختلفة داخلياً وخارجياً، في وسائل الإعلام القطرية، وتلك التي تعتبرها القاهرة مدعومة من قطر، حتى الموجودة منها في تركيا، وهاجم بعض الإعلاميين المصريين قطر، وانتقدوا أنباء المصالحة قائلين، إن الإخوان مايزالون في قطر كما أن قناة الجزيرة ماتزال تهاجم مصر. وكانت وكالة أنباء رويترز قد نقلت في وقت سابق، عن مصدرين من المخابرات المصرية، قولهما إن مصر ما تزال تضع قطع الدوحة، دعمها لزعماء الإخوان بالخارج شرطا لاستئناف العلاقات مع قطر.

أما دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي غاب ولي عهدها محمد بن زايد عن القمة، وأوفد بدلا منه حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فهي على مايبدو ووفقا للعديد من التقارير، متحفظة على المصالحة مع قطر، وكانت صحيفة الـ”واشنطن بوست” الأمريكية، قد كشفت عن أن الإمارات، قاومت المصالحة مع قطر، واختلفت مع السعودية، حول ما إذا كان ينبغي إنهاء المقاطعة، لكن الرياض “أرادت إنهاء المقاطعة، وعدم بقاء الأزمة على طاولتها مع قرب دخول إدارة جو بايدن البيت الأبيض”.

وكانت عدة تقارير قد قالت، إن العقل المدبر وراء المقاطعة هو ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في وقت كانت تشير فيه الصحافة الدولية دوما، إلى أن دولة الإمارات، باتت الدولة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط، وأنها تمسك بالعديد من ملفاتها، وهو ماكان يفخر به قادة أبو ظبي، لكن ووفقا للمراقبين، فإنه ومع تغير الأوضاع السياسية خاصة مع رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقدوم الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن، فإن أبو ظبي ربما تتخوف من تراجع دورها، لكنها لا ترغب في فقدانه. وأشارت بعض التقارير إلى أن ولي عهد أبو ظبي قلق من عدم إصرار الرياض، على تحقيق الشروط التي أعلنت، من أجل إنهاء المقاطعة لقطر، وأنه يخشى من تبدل في موقف السعودية تجاهه.

نظرة على المستقبل

رغم أن الوصول إلى نهاية للأزمة الخليجية، وباعتراف كثير من المعلقين، مايزال غير قريب، إلا أن الخطوات التي أتخذت برفع الحصار المفروض على قطر، تمثل البداية على طريق بناء الثقة، وفقا لاتفاق المبادئ الموقع خلال قمة العلا، والذي يحدد خطوات تالية، وإجراءات قد تعيد المياه لمجاريها، في نهاية المطاف، وهو مايمثل انفراجة كبيرة بعد ما يقارب الأربع سنوات، من المقاطعة والشقاق.

وتمثل تلك المصالحة الكثير، بالنسبة للمواطنين الخليجيين، الذين أدت المقاطعة وإغلاق الحدود إلى تقييد حريتهم، وتشتيت عائلاتهم في ظل ماهو معروف عن علاقات المصاهرة الشائعة، بين عائلات دول الخليج ووجود نفس القبائل في بلدان متجاورة.

وبعيدا عن لم شمل العائلات الخليجية، فإن هناك متفائلين ومتشائمين على الجانب السياسي، إذ يرى المتفائلون أن الأمور ستمضي قدما في اتجاه الوحدة الخليجية، وتفادي الخلافات مستقبلا، في حين يخشى المتشائمون من بعض الدول، التي أبدت تحفظا على المصالحة، وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، وما إذا كانت ستلقي بثقلها في اتجاه العودة إلى علاقات طبيعية أم لا.

وكان رئيس الوزراء القطري السابق، حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، قد قال في تغريدة له على تويتر، إن الأزمة الخليجية، بدأت وطالت لكنها انتهت، داعيا في ظل أجواء القمة الخليجية إلى “أخذ العبر لتجنب نشوب ذات الأزمة مستقبلا”.

وقال بن جاسم : “إنني إذ أرحب بكل تأكيد من أعماق قلبي بانتهاء الأزمة، فإنني أناشد وأدعو الجميع لأخذ العبر لتجنب نشوب مثل هذه الأزمات مستقبلا. وكي نضمن ذلك، فلا بد من أن تكون هناك دراسة عميقة وصريحة لأسباب هذه الأزمة، وما خلفته من جراح نفسية آلمت المجتمع الخليجي كله، وهزت الثقة في المستقبل”.

ب

رأيكم:

ما الذي جنته الدول المقاطعة لقطر بعد حوالي أربع سنوات من مقاطعتها لها؟

من الفائز ومن الخاسر بعد التوصل لمصالحة خليجية وفتح حدود قطر مع السعودية؟

لماذا برأيكم تغيب قادة مثل السيسي وبن زايد عن القمة؟

ولماذا جاءت تلك المصالحة بهذه السرعة وبعد أعوام من الأزمة؟

إذا كنتم في دول الخليج حدثونا عن مدى تأثير تلك المصالحة عليكم وعلى عائلاتكم؟

سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 6 كانون الثاني/يناير .

خطوط الإتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.

إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على [email protected]

يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message

كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/hewarbbc

أو عبر تويتر على الوسم@nuqtat_hewar

كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..