مقالات وآراء

دم البعوض

شكرى عبد القيوم

 

في موسمِ حج , سألَ رجُلٌ عبدَ اللهِ بن عمر، عنِ دمِ البعوض يُصيبُ المُحْرِم .فسألهُ ابنُ عمر : من أيِّ البلاد أنت.? . قالَ : من العراق . فقالَ ابنُ عمر : عجباً لقومٍ يسألونُ من دم البعوض ، وقد سفكوا دمَ ابن بنت نبيِّهم .
كُنْتُ أربأُ بقلمي أن ينغمس في هذا الحبر البائس .لكن طالما كبلتني الأقدار بالكتابة ، فلا بُدَّ أنِّي طالبٌ من القارئ التفاتاً .والقارئ – العادي – لا يلتفت إلا لما يمس اهتمامه اللحظي مَسَّاً مباشراً .ومنذ البدء كانَ رأيي مستقراً على أنَّ زوبعة القَرَّاي مفتعلة ومُدبّٓرة بإحكام لأغراض صرف الأنظار عن الطامَّةِ الكُبْرى .خطف بهاء الدين نوري وتعذيبه حتى الموت في قَبْو سِرِّي من أقبية مليشيات الجنجويد .وبدون سبب معروف حتى الآن .وما تبع ذلك من بوادر تشكُّل رأي عام قوي بضرورة تفكيك هذه المليشيات ودمجها وابعادها إلى الحدود والثكنات ومواقع عملها الطبيعية خارج المدن. هذا من جهة .
ومن الجهة المقابلة فأنا لم أطلب من مناهج الدرس إلا تعلُّم الحروف الأبجدية وكيفية تركيب الكلمات.وقد علَّمنيها الأستاذ صلاح بابكر في سنة أولى بمدرسة سِمِتْ الابتدائية شمال السودان.وتعلَّمْتُ مبادئ الحساب من أستاذنا جابر عبد الصادق. ثُمَّ وأنا في الصف الرابع تسلَّمني الأستاذ عبد الودود خيري. بيَدٍ كريمة، فعلَّمني القواعد والنحو.ليسَ ما هو مقرر في رابعة أو خامسة أو المتوسط أو الثانوي أو الجامعة .لا. بل قواعد اللغة العربية كُلَّها نَدِيَّةً طَرِيَّةً كما أنزل الله .وعلَّمني البلاغة وأصولها ، والشعر الجاهلي ،وشعرَ ما بعد الإسلام ،وأخبار الشعراء والأدباء .وحفَّظني سبعةَ المُعلَّقات عن ظهرِ غيب. لاحظ ولا تنسى أنني في الصف الرابع الابتدائي .وكانَ رفاقتي يعودون للمدرسة عصراً للعصرية ، بينما كُنْتُ أنا انسلُّ إلى الشيخ الخليفة محمد عثمان الخليفة فيعلَّمني القرآن .وبينما كانَ القوم يَصِلون الليل بالنهار مذاكرةً استعداداً لامتحان الشهادة الابتدائية ، كنتُ أنا أراجع القرآن مع الشيخ حفظاً من البقرة إلى الناس .وعندما ظهرت نتائج العام كُنْتُ الأوَّل على الشهادة .
كانَ الأستاذ صالحين بابكر منتدباً في اليمن. ولما عادَ وجدني في سنة تالتة. فأمرَ بنقلي مباشرةً لسنة سادسة .كانَ هو المدير وكانَ لا بُدَّ من تنفيذ توجيهه .فتمَّ نقلي واستمرَّ النقاش ساخناً والأخذ والرد. ثُمَّ أعادوني إلى صَفِّي. ثُمَّ لم انتظم في قاعة درس إلى يوم الناسِ هذا .. إلا لماماً ولأغراض أداء الامتحان البرجوازي.
بالنتيجة ،فمسألة المناهج مِمَّا لا استطيع القولَ فيها. لأنّني لم ألتزم بها تلميذاً وأخضع.لكن, ومع ذلك، وبِرَغْمِه ،لدينا اليوم فيما أتابع نوعان من المناهج. منهج الكيزان ومنهج القَرَّاي .لا يوجد منهج ثالث ولا يُمْكِن جمع المنهجين على صعيد واحِد .وأنا ليسَ لي ولد وليسَ في نِيَّتي أن يكونَ لي ولد في يوم من الأيَّام .وده شهر ما عندي فيهو نفقة. ف لكُم الخيار في اختيار ما ترون من منهج درس لأولادكم وبناتكم ،ولكُم القرار .
“شُكْرِي”

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..