مقالات وآراء سياسية

أطرح أحلامك جنبا وكن وطنيا

زهير عثمان حمد


نحاول دوما أن نجد للساسة التفسير المعقول والتحليل الرصين عندما نتاول مواقفهم , وهنا نسقط الخصومة السياسية ويكون القياس بالعقلانية والضمير الحي والواقعية التي هي بمثابة الحق والحقيقة التي نبحث عنها, لست معني هنا بالشخصية وذاتية السياسي بقدر ما أنا مشغول بما يحمل لنا خطه السياسي ومشروع نهضته الذي وضعه لسوقنا لبناء الوطن

أن الذي نراه  الآن كما تقول النكتة الأميركيةالقديمة (كيف يمكنك معرفة ما إذا كان السياسي يكذب؟) الجواب “شفتاه تتحركان قد هكذا لا تتضح وخطورة وعيوب مسالكهم بالقول المنمق أحيانا و الإجابات الدبلوماسية فهم يعلمون أو لا يريدون  معرفة رأي الآخر المختلف معهم كنخبة أو عامة عليهم مراجعة الانهيار المريع الذي حَدَثَ هؤلاء الساسة القادمين وذاتهم مفتونة بالسلطة والاضواء  لن يبرئوا من الانغماس في الخطايا والمسؤولية فيما يتصل بالتردي الوطني العام أو فيما يرتبط بالكارثة الإنسانية الصدمة المؤلمة ,الانحراف الإنساني المذل لشعبنا واستغلال المناصب في جمع الاموال والاراضي وكذلك القتل من جنوب النيل الازرق الي جبال النوبة ودارفور وتكريس القبلية والجهوية

أن الذين وقعوا اتفاق سلام جوبا لن يغفروا لهم بشقيها أن كانوا من أهل السلطة الانية أو حركات الكفاح المسلح كل الجرائم و الخطايا والعذابات التي كاهل الوطن وهم في الضلال وأحلام والهيمنة غارقون وهم يعرفون أننا نعي جيدا مأربهم أفعالهم المعطلة لحركة التقدم الاجتماعي والاقتصادي هؤلاء لا يعنيهم حالياً كيف يكون الانتقال الديمقراطي ولا الانشغال بمستقبلنا وما تكون عليه الدولة بقدر ما يركزون على مكاسبهم

و من حقنا سؤال الذين وقعوا سلام جوبا لماذا لم يرفع أي من قيادات الحركات المسلحة الدارفورية شعار المطالبة بانفصال الإقليم رغم كثرة شكاواهم من التهميش والتعالي بكل الأشكال؟  ونسوا الدماء والجرائم الانسانية بحق أهلهم وهم يفاوضون القتلة بدون خجل أو المطالبة بالقصاص لعل في بعض الإجابات ما يفهم منه أننا أمام نموذج من القيادات التي فقط تسعي للمناصب بلا حياء أو حتي تحاول التدرج من العمل المسلح إلى النضال السياسي المدني نعرف عن أهل المسارات السابع كل ما هو مخجل وغريب وغير أخلاقي ومن الغرائب  بينهم من رهن قرره للاحلاف الإقليمية ودول الجوار بلا مواربة و مزاعم بأنهم على حق

يا أهل سلام جوبا لازلنا نرى أنكم ليسوا الاجدر بمنحة السلام وكان الطرح الذي عجز عن الإصرار عليه قادة الحرية والتغيير هو أن سبب حمل السلاح بعد سقوط النظام البائد انتفاء وعليه يعود كل أهل الكفاح المسلح للوطنيين بلا سجل تجريم ويبدأ الانخراط في الحياة العامة وتأهيل أنفسهم للعمل السياسي ولكن خوف القتلة من جرائمهم جعلهم يضعون هذا الاتفاق الهزيل الذي لا يمثل الحركات وقيادات الجنجويد والعسكر الذين لهم باع في العنف بالمناطق الثلاثة

هل يعي هؤلاء معنى للوطنية وأإنتماء الوطني غير هذا  الإنتساب لبقعة الأرض المقيم عليها الفرد وحيثُ يكون متوحداً ومندمجاً فيها ، وله شرف الإنتماء لها وقيمها وثقافتها ، وشعوره بالأمان للعيش ضمن حدودها ، والولاء المطلق لها والتضحية والإيثار من أجلها ، والتفاعل الإيجابي والاندماج مع افرادها والشعور بالانصهار الكلّي في وعاداتها وتراثها ، والإنتماء الوطني صفة مكتسبة في حالة الولادة على تلك البقعة لا يمكن التخلي عنها بسهولة أو استبدالها بإنتماء آخر  إنه الوطن الذي يحاولون سرقة ثورته وهضم حقوق سكان المعسكرات واللاجئين لن نرفع هذه المرة الاكوف فقط لله ولكن سوف نقتص نهمش هؤلاء الذين يظنون أنهم الاجدر منا في إدارة البلاد وقيادة الامة أنه من سخرية الاقدار أن تكون فئة من هؤلاء أهل حل وربط

انتم لا تعون ألا ما هو في مصلحتكم  هذه الحادثة الاولى في تاريخ السودان الحديث ان يشمل جسم دستوري شخصا واخيه ، لكن الأهم ان تمثيل الجنجويد  القاتل بشخصيتين وهذه  اشارة بتقنين وجود جيشين في البلاد  رغم ما نصت عليه مهام الفترة الانتقالية بالوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا بالدمج وتكوين جيش قومي مهني واحد أين عقولكم ولكن فتنة السلطة تعمي بحق وهي مبهرة أن جاءت بسهولة وحوافز عظيمة

حيث أرى ومعي كثيرون أن الحكومة القادمة سوف تكون ذات تناقضات حادة لتشكُّلها من أعضاء ينتمون لأحزاب يسارية وليبرالية كيانات كفاح مسلح، بالإضافة لعدم وجود مستقلين، ومن ثم فإنهم يمتلكون أيديولوجيات ورؤى مختلفة، كما أن درجة الثقة بينهم ضئيلة،و خاصة بين تيار اليسار وحركات الكفاح المسلح بالتحديد العدال والمساواة من جهة، وحزب الامة القومي من جهة أخرى، وهو ما عبّرت عنه حركة صغيرة  صراحة بتصريحها بأن الالتقاء مع الحرية التغيير في حكومة واحدة لا يعني التحالف السياسي والالتقاء على أرضية فكرية واحدة” الأمر الذي سيجعل من عمل الحكومة الجديدة أمرًا صعبًا وشديد التعقيد، وقد ينعكس بشكل أو بآخر على قدرتها على الإنجاز والوفاء بالالتزامات التي قطعتها حمدوك فالأمر سيتوقف على هامش المناورة الذي يمكن لأعضاء تلك الحكومة العمل من خلاله لفرض رؤيتها وتنفيذ البرنامج الا يتوافق مع مكوناتها التي ينتمي لها كل عضولفصيل فكري أو عقائدي أو تحركه جهات معلومة لأهل السودان

ويجد المتفحص لتشكيلة الحكومة القادمة، أنها جلبت من أطياف سياسية مختلفة، مُنحت فيها مقاعد مجلس السيادة للقيادات  لشخصيات غير مستقلة، فيما جرى توزيع بقية الوزارات بين الحركات والأحزاب. وقد جاء توزيع الأحزاب كالتالي: حركات سبع وزراء، والحرية والتغييرسبعةعشر وزارة ، فإن الأضلاع المكونة للحكومة لا تُنبئ بانسجام حكومي وتوافقات قادرة على الاستمرار. فوجود أطياف سياسية مختلفة لا تمتلك رؤية موحدة لمواجهة أزمات البلاد سيصعب من مهمة عمل الحكومة الجديدة، وقد يؤدي في ظل الضغوط من الشارع ولجان المقاومة إلى انهيار التشكيل الحكومي سريعًا

نكرر للعائدين من ساحات الكفاح المسلح نعلم أنكم لا تعرفون السياسية بمفهومها الاشمل وهي بالنسبة لكم مغانم ومكاسب

الشعب يتطلّع لأن تعيد تلك الحركات المسلحة بأعضائها تقييم مراحل وفترات نضالها تعلن بكل شفافية اخفاقها في الوصول الى أهدافها المعلنة والمصرّح بها في بيانتها وماكتبت ونشراتها ، وتغيّر بقايا معتقداتها الدخيلة تتمسك بمعتقد الإيمان المطلق بالوطن الواحد الموحد ، وحيثُ يكون معيار الإنتماء اليه من خلال الهوية الوطنية وليس من خلال الهويات الأخرى  شخصنة العمل العام ولابد  من ترسيخ ذلك لتحقيق انتماءاتها الوطنية عبر ولادة جديدة لوطن متجانس فكرياً ووطنياً يكون همّه الوحيد كيفية البناء التنمية المستدامة والنهوض به من كبوته ، ومصارحة تلك الحركات عليكم  طرحها لشعبكم البائس الحقائق وعدم التشبث إيديولوجيات أثبت الواقع عجزها عن تحقيق أدنى مقوّمات الحياة لمواطنيها.

 

زهير عثمان حمد <[email protected]>

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..