مقالات وآراء

لا يكون قتال المخالف قطُ عن “ايمان”، وإنما يكون عن “عقيدة”

صديق النعمة الطيب

الكثير منا يدعي أنه يدافع عن الله تعالى، والبعض الآخر يعمل على تمكين دين الله تعالى في الأرض، بينما الحقيقية أننا، نبشر لأفكارنا وأنماط تديننا نحن، التي نسميها “العقيدة” (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).

لن تجد “العقيدة” إلا وهي منسوبة إلى صاحبها الذي وضعها وصاغها بحسب فهمه ورؤيته ونمط تدينه هو، لذلك فهي دائماً وأبداً مرتبطة باسم صاحبها لتتميز عن غيرها، فتجد العقيدة الطحاوية، والحنبلية، والسلفية، والاعتزالية، والأشعرية، والماتوريدية، والشيعية بأنواعها، والإباضية، وعقيدة أهل السنة والجماعة بأنواعها، هذا غير العقائد “الذرية” فلكل شيخ عقيدته، وهكذا نجد لكل مجموعة من الناس “عقيدة” تؤطر أفكارهم وتلجم عقولهم وتُسكِّن توْق قلوبهم، حتى الجيوش لا بد لها من “عقيدة” تبرر للنفس ازهاق أرواح اعدائها!

بعكس الايمان، فإنك لا تجد الايمان مرتبط بشخص، وإنما فقط “الايمان بالله”، لذلك قبل أن تحمل سيفك وتندفع، اسأل نفسك عقيدة من تلك التي تدافع عنها، وتقاتل من أجلها؟ فليس في الاسلام ما يُجيز القتال إلا في سياق الدفاع عن النفس (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، وكتاب الله تعالى لا توجد فيه “عقيدة” وإنما فقط ايمان بالله تعالى، وغير ذلك فهو من عند الناس (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ)!

كلما شعرت برغبة في قمع أعداء الله، فاعلم أنك إنما تريد أن تبسط نفوذك أنت، وتمارس سيطرتك أنت، فالله تعالى لم يكلفك بذلك، وإنما جبل سبحانه وتعالى الكون كله على السجود له (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)!

لا يحتاج الله تعالى لمن يدافع عنه (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)! وإنما بعث الله الرسل والانبياء لخدمة الناس وارشادهم إلى الحق والعدل والسعادة (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)، نحن هنا يا سيدي لنعبد الله تعالى عن طريق مجاهدة أنفسنا وترقيتها، لتتصف بصفاته تعالى، ولتعرج في ملكوته، لا أن نكون نحن آلهة نحاكم الناس على معتقداتهم (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ)!

دافع عن نفسك بالبحث عن ذاتك، فمن عرف نفسه عرف ربه، الايمان بالله قسم مشترك بين الناس، أما كيف تؤمن بالله فذلك اعتقادك انت فقط إذا عرفته فالزمه، عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام “يَا حَارِثُ عَرَفْتَ فَالْزَمْ. ثَلاثًا!”

صديق النعمة الطيب <[email protected]>

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..