مقالات وآراء

ثورة ديسمبر تكون أو “فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد!”

إن أمثال الدكتور محمد الأمين التوم وزير التربية و الدكتور عمر القراي المدير العام للمركز القومي للمناهج و البحث التربوي كان يجب أن يواصلوا المشوار مع من تبقى من الحادبين على الوطن على قلتهم داخل الحكومة الإنتقالية. و لكن في الواقع كان التآمر أشد ضراوة للدرجة التي لم يتبق أمام هؤلاء الثوار من سبيل غير مغادرة الوظيفة الرسمية إلى حيث فضاء الثورة الرحيب.

ليس كل ما يعلم يقال كما تقول الحكمة. فالقشة التي قصمت ظهر البعير هي قرار تجميد المناهج الذي نتج عن الضجة الكبرى في المساجد يقودها في الأساس أتباع العهد المباد مستغلين طيبة و بساطة رجل الشارع العادي مستغلين العاطفة الدينية التي يتم إستثارتها مستغلين في ذلك لوحة الفنان مايكل أنجلو الشهيرة.

أن من لم يقف على حجم المؤامرة التي تمت ليلة قيام ندوة معهد المعلمين العالي – كلية التربية حاليا – الشهيرة في الستينيات من القرن المنصرم و التي بسبب الطالب شوقي صرخت سعاد الفاتح “وا إسلاماه” فسوف لن يستوعب ما يحدث الآن بشأن لوحة مايكل أنجلو و الحملة ضد القراي.

إن من يعرف شخصية الدكتور القراي الصريحة و الشجاعة سوف لن يفاجأ حين يتصدى الدكتور للأمر بنفسه بدلا عن أن يقدم غيره من المرؤوسين أكباش فداء. فالدكتور القراي قائد حقيقي يواجه في الميدان و لا يستجدي الأعذار للتضحية بغيره تماما كأستاذه فهو رجل مسؤول من الطراز الرفيع.

أقول هذا و يستطيع المراقبون تصور مدى و ضخامة حجم التآمر الذي تم بدس تلك الصورة بين صفحات مقرر التاريخ في اللحظات الأخيرة و تمريره دون أن ينتبه له الدكتور القراي. هناك جهات تؤكد أن تلك الصورة لم تكن ضمن اللوحات التي كانت ستضمن فعلا في كتاب التاريخ. و ليس القصد من هذا الحديث الدفاع عن أحد لأن الدكتور إمتنع عن قول ذلك بحكم تكوينه الأخلاقي و السلوكي الذي يحتم عليه تحمل المسؤولية. كل هذا يحدث على الرغم من رأي الكثيرين من أساطين التربية و التعليم و على رأسهم السيد وزير التربية الذين لا يرون بأسا في الصورة نفسها كما شاهدنا في البيانات العديدة التي صدرت منهم مؤخرا.

سيعلم الشعب السوداني الحقيقة كاملة إن قدر للجنة التحقيق الإستمرار دون عوائق و بشفافية تامة لينكتشف حجم المؤامرة اللا أخلاقية التي تمت بهدف إبعاد رجال هم من أوفى الناس لهذه الثورة المباركة. عندئذ فقط سيعرف الكثيرون ممن يهرفون الآن بما لا يعلمون كم كانوا ضحية إعلام كذوب و يعضون ساعتها على أصابع الندم على اللبن المسكوب.

بهذا نريد أن نلفت الإنتباه نحو العدو الحقيقي لهذا الشعب و لثورته. إنه عدو لا يتورع عن إستخدام كل الوسائل اللا أخلاقية في سبيل إجهاض الثورة السودانية و يخطط لثلاثينية أخرى ليذيق فيها هذا الشعب الصابر المحتسب صنوف الذل و الهوان و لكن الله غالب على أمره.

م/ التجاني محمد صالح
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..