مولانا القاضي عبدالإله زمراوي:صدّاح العدالة الغائبة

د. فقيري حمد
سأل أبو جعفر المنصور ثاني خلفاء بني العباس أبا مسلم الخرساني: (بمَ كنت تحكم علي الخارجين علينا يا أبا مسلم، قال بالسيف يا أمير المؤمنين، قال إذاً ما ظلمناك إذ حكمنا عليك بذات الحكم و قد خرجت علينا).
أسوق هذه الواقعة لكل ظلوم جهول يجور علي خصومه و يقع في شر أعماله ليقضي عليه بما قضي.
الذين سلّطوا سيف السياسة علي قضائنا المستقل بوضع كبار رجالات الحركة الاسلامية على رئاسته و تشريد كل من تمسك بقدسية و استقلالية المؤسسات العدلية يخشون ان تدور الدائرة عليهم ويؤخذوا بما اقترفوا في حق الناس كما الخرساني.
المعترضون علي مولانا زمراوي في عضوية محكمة الطعون ضد قرارات لجنة التمكين يعلمون بأنه شرب من كأس ظلمهم و يخشون من ان ياخذهم بجريرة من أقالوه من قضاء مستقل بتهمه اللا إنتماء للحزب الحاكم.
أقول لهؤلاء علي رسلكم، توخوا الدقة في أقوالكم. أعلم عن مولانا زمراوي أنه قاضي مستقل مجرّدٍ من هوى النفس يقيم العدل علي نفسه و الاقربين.
زمراوي الذي أعرفه عن قرب لن يُظلم عنده احد كونه مناضلٌ من أجل العدالة، يُعظِّم من قدسية وحيادية القضاء و قد غرّد شعراً في مهجره ضد الظلم لثلاثين عاماً.
المرتجفون والمرجفون لم يكتفوا بدمغ مولانا بحزبية كاذبة ما رايتها فيه و انا معه في غُربةٍ و عبر حقبتين من الزمان بل قدحوا في شاعريته.
يا هؤلاء: مولانا زمراوي صدّاحُ العدالة شاعرٌ بالسَجيّة، صاحبُ مدرسةٍ متفردة في معانيها وأخيلتها، بل شاعرٌ يمتلكُ ناصية البيان يطوعُ اللغة لمشيئة الخيال.
عبدالإله زمراوي القاضي الشاعر متفردٌ في الوصف كما الاخطل و في الفخر كما الفرزدق و عفيف في النسيب كما عنترة بن شدّاد.
شعرية عبدالإله اصيلية تلقائية اذ ترعرع في بيئة رطبة قوامها النخل الباسق و النهر الدافق و حضارة متجذره في عمق التاريخ .
عبد الاله القادم من المؤسسة العدليه لم يقرض الشعر ترفاً بل ترياقاً للظلم و صوتاً للحق ظل في مهجره ماخوذاً بما يعانيه السودان من قهرٍ و تسلطٍ، لذا جاء شعره تعبيرا عن الثورة التي كانت كامنة في العمق الجماهيري.
عبدالإله ليس بدعاً من الشعراء القضاة و قد كان الامام الشافعي، ابو حنيفة، إبن عيينة، الثوري، الشيباني و الإمام علي قضاةً عدولاً و شعراء فحول.
عبدالإله ليس متحزباً كما يدّعي خصومه و لم أره في منشط حزب أو نفرة قبيل، إنّه قوميُ الانتماء ولاءه للمهوقني و الابنوس و النيل والنخيل عشقه للتربة السمراء من نمولي الي اشكيت، متمردٌ مثلي علي نتيجة الاستفتاء.
مولانا عبدالإله زمراوي اعرفه متصوفاً زاهداً مقيماً للجماعة والجمعة متبتلاً في خدمة السودان كونه قاضيا لمحكمة طعون عليا ضد قرارات لجنة التمكين في مصلحة رافضيه لانه قاضي شجاعٌ يكرهُ الظلم، يتوخي العدل، يتحري الدقة في أخذ البينة ، لن يأخذُ بالشبهات و لن يحكم بالهوي.
مولانا عبدالإله بصرامته، ووضوحه وخبراته المتراكمة من كندا و امريكا سيقوِّم الاعوجاج الذي يعتري لجنة التمكين، سيكبح هوي العسكر، يلجم جماح التحزب و يضمن عدلية و قانونية الاحكام.
د. فقيري حمد
[email protected]