وان اتهموا زماننا بزمن الرويبضة التي أخبر به الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه حين قال : (سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يصدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ قيلَ وما الرُّوَيْبضةُ يا رسول الله قالَ الرَّجلُ التَّافِهُ يتكلم في أمرِ العامَّةِ).
فالكل في زماننا هذا يتكلم.
والكل ينظر.
والكل يتفلسف.
والكل يحلف.
والكل يشتم.
والكل يدعى.
والكل يؤكد.
والكل يفرض.
والكل ينقض.
والكل يجادل.
والكل يكفر غيره.
والكل يشكر المسؤول.
وظهر بيننا دعاة الحق.
و دعاة الشذوذ.
ودعاة التغيير.
ودعاة الفضيلة.
ودعاة إشاعة الفاحشة.
والمثليين.
ودعاة الفلسفة.
ودعاة العنصريه.
ودعاة الانفصال.
و كلهم يتحدثون في الوسائط والميديا
وفي كل القنوات
وفي كل الساحات
وفي كل الندوات.
ولم تعد في بلادنا حدودا للنقاش
أو حكرا للافكار ..
وأصبحت كل القضايا معروضة..
ولم تعد للألسنةِ والأقلامِ موجها ..
ولم تعد للمحظورات حدودا ..
وبعد الثورة وكأن شيءٌ ما قد تغيّرُ في بلادناَ!
فلقد تكسرت كل الحدود..
وظني ان السودان في الطريقٍ الصحيح..
وان بلادنا قد تحرّرت من كل القيودِ ..
فكلُّ شيء أصبح يُقال علنا..
وأصبحت التكنولوجيا المعلوماتية مكشوفه. وليست حكرا ..
وكلُّ المعلومات تقتحم البيوت .
وكل الممنوعات تشُق الحدود..
وبلمسة زر أصبحنا نطوف كل الدروب..
وأصبحت الشبكةُ العنكبوتيه صلة تواصلَ و بكلِّ اللغات
وأصبحت كلُّ المجالس مَنابرا وصلات ..
لقد خرج السودان من دنيا الصمت إلى دنيا العلَن..
انها والله الثورة في قلوب الجميع وقد دفعنا الثمن..
وانتهت هيبةُ العصا والجزرة وتغير الزمن..
وانتهت الهيمنة الذكورية..
وتلاشت الهيبةُ الابويه..
وتكسرت الاسلاك الحدودية..
وانتفت هيبةُ المعتقلات..
ولم تعد هناك جيوشا للتعذيب..
وتحررت الالسن واصبح ميسورا الصراخ العلَني..
وحقيقة العالمُ أصبح قريةً كما قالَوا..
ولم يعد أحد في هذا العالم قادرا على اسكات طفل يحلمَ بالعدالة والحرية..
فلقد انتهت كل الفوارق الطبقيه..
وأصبحت المرأةُ قاضيه وفي السياديه ..
و أصبحت سفيرة ووإليه في الشماليه ..
و أصبحت سفيره و وزيرة مالية..
والكل سواسيةٌ في الحقوق والواجبات..
صدقوني لقد تغير السودان..
وما ينطبق على الوزير ينطبق على الغفير..
و جميعنا حر طليق يتكلم ..
وجميعنا حر طليق و يعبر..
والكل يساهم في نهوض الوطن..
وهكذا ستتحقق الاماني والاحلام ..
وهكذا ستتحرر القيود وألاغلال..
ولن يصمتَ احد بعد اليوم امام الظلم والاذلال ..
ولن يصمتَ احد على القتل والتنكيل..
ولن يصمت احد على السراق الملاعين..
السودان هو٦ في الاتجاه الصحيح..
والوعي ينتشر في كل مكان..
وبلادنا تتحرر الآن من دولة الجهل..
وعِشْتَ يا سودان موفور القيم..
محمد حسن شوربجي
