مقالات وآراء

دارفور ما بعد ثورة ديسمبر هل ستعود دارفور الي مربع الحرب من جديد ؟

إن صح التعبير ، يمكن أن نقول ووفقا لحال الصراخ والآلام ، وإنعدام الضمير الإنساني في الأحداث المتكررة في دارفور ، بأن دارفور الذي ظل منسيا في تاريخ السودان ، قد تعود الي مربع الحرب من جديد ، لأسباب كثيرة تتعلق بأصل تعقيدات الصراع والسياسات التي صنعتها الحركة الإسلامية وحولت دارفور الي ارض الموت وسفك الدماء bloodshed ، الأمر الذي جعل النظام البائد يرتكب جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية ، والذي لم يفهمها النجاة من تلك الموت ، فالصراع المستمر في دارفور هو حرب دولة لإقليم Systemated Warfare وهذا بناءا علي المشاهد المتكررة بشكل مرتب “Neatly ” علي مر تاريخ الحروب ، وكما يتكرر حاليا ، وليست صراعات قبلية التي تناقد حيثيات الواقع في دارفور، كما يفسرها البعض في تحليلاتهم لطبيعة الصراع في دارفور ، والتي تعتبر نفسها معوقا أساسا لإستمرارية الصراع ، وقد نتفق علي إختلاف أشكال ظروف الموت الطاحنة ومعاناتها حسب طبيعتها ، وأسبابها الفوقية ، والسلوكيات الشخصية والمجتمعية والثقافية المرتبطة بها بإختلاف المكونات الاجتماعية في دارفور ، وقد تأتي هذه الظروف بدرجات متفاوتة من الشدة ، بدءًا بالاحداث الخفيفة إلى معاناة لا تطاق ، قد تختلف المواقف وردود الفعل تجاه الحدث على نطاق واسع ، وذلك وفقًا لإمكانية تجنبها أو كونها لا مفر منها ، وفي كل الأحوال لن نبعد دور الدولة وقواتها الأمنية واجهزتها الشرطية في تعجيج الاوضاع عبر إنحيازات مباشرة لبعض الأطراف المتنازعة وبإستخدام أدوات الدولة الشرعية ، مع الأسف التام علي غياب المؤسسة العدلية لتقصي الحقائق وإتباع ما يلزم أمره قانونيا .

ولا شك أن ثورة ديسمبر المجيدة التي توج بها تحالف قوي الحرية والتغيير ، وبالإعتراف ” Unobjectionably ” كانت إمتدادا علي نضال طويل للمجتمع الدارفوري في مقاومة الحركة الإسلامية ” عسكريا وسياسيا ” استطاعوا بأن يلحقوا بقضيتهم الي محاكم دولية عادلة ، الأمر التي لم توغظ منها الحكومة الانتقالية في الخرطوم في وعن كيفية إحتواء ومعالجة جذور أزمة الصراع في دارفور ” بل تصورت لهم بأن الأزمة في دارفور ستنتهي بمكاسب فردية ، كما وجعل من الثورة نصيب أفراد وغنائم .

دارفور الذي عانى ويلات الحروب ، وشهد الإبادات الجماعية والقتل الممنهج في عهد النظام السابق ، لنأخذ بمنطق الاسئلة لفهم طبيعة الصراع فيها ، عندما كانت تطرح أسئلة في السابق عن مصير دارفور ، غالباً ما كانت تأتي الإجابات على شكل أسئلة آخر . فمثلا ” لماذا كان من الضروري إلى هذا الحد من الموتّ و إشعال الحرب في دارفور ؟! ، يحتمل الإجابة الآتية ” لو لم يكن ذلك ضرورياً جداً ، لماذا إذاً قام الحركة بحرق القري في دارفور برمّتها ؟ وبالإعتراف من قياداتها بتلك الجرائم ، هذا كانت تأكيدا علي تقنين الجرم وإشعال نيران الحرب ،

حاليا ومع بعد إنتصار الثورة التي تحتفي بها وتحتفل في الخرطوم ، فلنعود الي منطق الاسئلة ، لماذا تتباكي دارفور ؟ لماذا الموت المجاني ؟ مع العلم إنه كانت جزءا وشريكا أساسا في إسقاط الطاغية المباد ، إذ أيضا الإجابة علي شكل سؤال آخر الم تنتصر الثورة ؟!! ، وهذا بالضرورة لأن ما تم من التسويات السياسية بين قوي الحرية والتغيير والعسكر لن تمثل قضية دارفور ، وأن بوابة السلام التي وقعت في جوبا بالضرورة أيضا لن تمثل رائ أهل دارفور ، ولم تخاطب حيثيات واقع الحرب وقضية دارفور بصورة منطقية .
وإن ما يحصل من إنهيار في السودان سيما والدارفور خصوصا ، وإلانحياز الضيق لمساحة حركة الحكومة الانتقالية او حصرها في الخرطوم بالتأكيد تراجع وإنهزام للثورة السودانية التي قدمت شهدائنا مهرها ، فالأمر يتطلب علي الحكومة الانتقالية إعادة تعريف المصالح وتنظيمها بالممكن سياسيا لتحقيق مصلحة الدولة القومية إجتماعيا واقتصاديا ، وإن مسؤوليتها التوافق علي شرط ” ان بناء الدولة التنموية لن تأتي في ظل وجود العنف والحرب المسلح ” .

عبدالرؤوف إدريس “روبن”
[email protected]

تعليق واحد

  1. مقال جميل وسرد رائع للاحداث… وقلم مستنير… واضح ان الكاتب اما كان جزء من الضحايا او قريب منهم او شخص يعرف الاقليم وطيبعة الصراع جيدا…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..