بعد 30 يونيو التي اطاحت بحكم الاخوان في مصر جمعنا لقاء في إحدى دور الحزب الشيوعي المصري و كان المتحدث الاستاذ الحاج وراق له التحية، و التقدير. قال وراق : “ان إزاحة الاخوان من حكم مصر له مبرر اخلاقي برغم وصولهم الي السلطة بصندوق الإنتخابات”. إستشهد بالنازية، و كيف وصل هتلر إلي السلطة بصندوق الإنتخابات بصورة ديمقراطية، فأتت بشمولية نازية اصبحت عار علي الإنسانية مدى الدهر، فحاربها العالم المتحضر حتي سقطت. اوافق الاستاذ الحاج وراق الرأي بأن الإسلام السياسي لا يقبل القسمة إلا علي الشمولية، كما كل الاحزاب العقائدية، و الايديولوجية الاخرى، والراسخ عندهم جميعاً ” إن لم تؤمن بفكري، و رأيّ إذن انت ضدي”. لدينا تجربة اليسار في مايو، و تجربة اليمين في الإنقاذ ليكون مجموع عمرنا تحت الشموليات الايديولوجية 46 سنة، فكانت سبب تأخرنا، و إنحطاطنا الي هذا الدرك المؤسف. يجب ان نذهب الي ابعد من ذلك حيث يجب التفريق بين الديمقراطية، و الدولة المدنية. إعتبار الديمقراطية في حد ذاتها هدف للتغيير دون غيرها، و الاهم ترسيخ المبادئ المدنية التي هي في مقابل الدولة الدينية، و العقائدية بمختلف اشكالها يمناً، او يساراً سنظل في ذات الحلقة الجهنمية، و البركة الآسنة من التخلف، و السوء. من السهل، و الطبيعي ان تأتي الديمقراطية بشمولية في حال غياب الوعي، و الإستمرار بالعقلية المُمنهجة للصراع حول السلطة ليكون حِكراً علي فئة بعينها من النخب الإنتهازية، و تهميش الشعب في السودان منذ قيام الدولة الوطنية دون الاخذ برأيه، او تطلعاته. لا يمكن لأحد ان يُنكر الشمولية الإنتهازية التي سطت علي ثورة ديسمبر المجيدة، لتزيل تمكين قبيح، و تأتي بآخر اقبح. اتحدى من يسهل خمه بشعارات، و اوهام فارغة، ان يأتي بوظيفة واحدة تم الإعلان عنها بعد الثورة للتنافس الحر بين فئات الشعب السوداني مفجر الثورة لينعم بالحرية، و السلام والعدالة. المبرر الاخلاقي الذي اسقط حكومة شرعية منتخبة، جدير بان يسقط شمولية العواطلية، و الإنتهازيين التي لم تأتي بصناديق الإنتخابات، بل إمتطت ظهر ثورة عظيمة حين غفلة من الزمان، كان مهرها غالياً، دماء طاهرة، و آلام، و دموع. تسقط حكومة العواطلية، و تبقى ثورتنا المباركة متقدة في الصدور ترددها الحناجر اناشيد للحرية، و السلام، و العدالة. لم يعد المبرر الاخلاقي كافي بعد استاذي الحاج وراق؟
|