فاطر زينب !!

لأحد يُنكر هذه الأيام أن الشارع (غضبان) بسبب ما يواجهه الشعب السوداني من ضيق في المعيشة نتيجة الزيادات التي طالت السلع الأساسية (وقود – خبز – دواء)، وشاهد العدل على ذلك خُروج الثوار في كثير من ضواحي الخرطوم والولايات معبرين عن استهجانهم لهذه الخطوة ، متخذين من ذات وسائل السلمية المجربة في الضغط على الحكومة طريقاً لقيادة الاحتجاج عليها.
وجدت هذه التحركات الضاغطة والنشاط المكثف للمقاومة لإثناء الحكومة عن التمادي في إصدار القرارات بزيادة السلع إستحساناً وقبولاً لدى أنصار النظام البائد وظنوا أن الطريق بات سالكاً أمامهم من أجل العودة إلى كرسي الحكم مرة أخرى ، فتجدهم يتناقلون الأخبار بأن (الثورات مترسه – شارع الأربعين قفل ، شمبات حرق فيها لساتك ، السوق المركزي ولع…والحكومة ستسقط خلال ساعات).
الغريب أن الفشل الذي يثلج صدورهم الآن ويعتبرونه بوابة العودة ، هو نفسه الذي أزاحهم عن السلطة لأن يومها صمتوا عن الحق وكانوا كالشيطان الأخرس في مقابل المحافظة على الكراسي حتى انتهى بهم المطاف بالخروج من السلطة والآن يريدون العودة إليها دون بذل جهد ولو حتى عبر مسيرات الزحف الأخضر لأنهم يظنون أن الشارع نسى أفاعيلهم وسيردد بسذاجة ( لا موية لا عيش يا بشة تعال معليش)!!
قلت لأحد الأصدقاء في (قروب) ..هذا الشيخ كان الاتجاه الإسلامي يُباهي به في الجامعة، ودائماً ما يذكُر إخوته أنه يحفظ أجزاء من القرآن، ولكن لماذا لم يعصمه هذا القرآن من الاستيلاء على هذه الاراضي دون وجه حق، حتى تنزعها منه لجنة إزالة التمكين .. قلت لصديقي المشكلة ليست في القرآن فهو كتاب الله الصالح لكل زمان ومكان ، ولكن الأزمة الحقيقية في المنهج الذي كنا نتبعه لفهم القرآن ولوقدر وقمنا بانزال ذلك القياس على كثير شيوخنا خاصة دعاة التفسخ (العنصريون) لوجدنا أنهم قاموا بأشياء لا يفعلها (المجرمين) ناهيك عن الدعاة ..والغريب أن أحد أعضاء (القروب) طلب عدم تجريح ذاك الشيخ وفقاً لما كشفته لجنة إزالة التمكين (جزاها الله خيراً) بالرغم من قناعته باستغلاله النفوذ وولوغه في الفساد مبرراً بقوله (نحن دعاة لا قضاة)!!
يحكى أن أحد الشبان من قبيلة المسيرية كان يجيد التعليقات الساخرة فجلس بالقرب من صاحبة الذوق الرفيع (ست الشاي) وما أن (صبت) له (الشاي) حتى رمقها بنظرة فابتسمت فإذا بفاطر ذهبي يسطع يبين أسنانها فقال صاحبنا على الفور (السبطة جِرا ..فرِقتا مُره..فَاطِر زينب أم كُنجو ودر مالا بالفَشُر …لكن ما لقى مال ولا لقى فشُر) , والشرح أن زينب بالرغم من انفاقها المال على فاطر الذهب لم يكسبها ذلك جمالاً فأضاعت (المال والجمال) , وهكذا الزواحف مهما حاولوا وتجملوا فمن الصعب قبولهم مرة أخرى في هذه الثورة أو تلك ، وعليهم بالمراجعة الكاملة لكل التجربة التي تتحمل وزر هذه الازمات المتداخلة والمتشعبة.
الجريدة