أكاديميون أم دراويش؟ مأساة العلم والعقل النقدي في المناهج السودانية.

وهل يمتلك العقل الأكاديمي المحلي البنى المفاهيمية والمعرفية والأدوات النقدية التي يتمتع بها العقل الأكاديمي في الثقافات والمجتمعات العلمية والعقلانية الراقية كاليابان وأوروبا على سبيل المثال، أم أن رواسب المكونات الخرافية العائدة للقرون الوسطى وحقبة العصور القديمة المتأخرة وتصوراتها البدائية، تسيطر على العقل الأكاديمي المحلي كما تستبد الأساطير والخوارق بخيال الدرويش؟
إن الدليل الذي يطرحه الوضع المتدني للمناهج السودانية ومخرجات النظام التعليمي منذ خروج الإنجليز، ينفي وجود عقل أكاديمي نقدي محلي قادر على مواكبة النظريات والدراسات العلمية الحديثة، ويكشف هذا الدليل كذلك عن سيطرة النزعات الخرافية وإهمال منهجي لنظريات حظيت بتوافق في المجتمع العلمي، كنظرية الانفجار الكبير التي تقدم فرضيات وأدلة حول نشأة الكون، ونظرية التطور التي تقدم فرضيات وأدلة حول تطور أنواع الكائنات الحية على كوكب الأرض، ونشوء بعضها عن بعض، وارتقاء الإنسان، وهو إهمال جد مدهش يشرع الباب على مصراعيه للتساؤلات حول الأهلية العقلية العامة والنزاهة العلمية للمتورطين في جريرة الإهمال المنهجي للنظريات السائدة في المجتمع العلمي والأكاديمي المعاصر.
إن الوضع الماثل للمناهج والمخرجات التعليمية، يشير إلى أن العقل الأكاديمي المحلي ، بالنظر إلى عوامل بنيوية و معرفية وقيمية وآيدولوجية، عاجز تماماً عن مواكبة النظريات العلمية الحديثة، وتقديمها للطلاب.
الخلاصة أن الاعتماد على العقل الأكاديمي المحلي لإصلاح المناهج، خيار خاطئ بمعايير المنطق والعلم، حيث دلت التجربة الموضوعية القابلة للقياس والتكرار واستخلاص النتائج على عجز هذا العقل وعدم أهليته لهذه المهمة.
الحل من وجهة نظرنا، يكمن في استيراد المناهج المدرسية الحديثة من الدول المتقدمة في آسيا وأوروبا، وغيرها من القارات، كما نستورد اللواري والأجهزة الذكية ومسميات مؤسسات الدولة الحديثة ولقاحات فيروس كورونا المستجد وغيرها من السلع والمنتجات، ذلك أن العقل الأكاديمي المحلي عاجز تماماً عن إنتاجها ولو نظرياً. ولابد هنا من مخاطبة هؤلاء الحكام الجدد في الخرطوم للحكومات البريطانية والألمانية والفرنسية، وطلب إعداد مناهج موجزة للطلاب السودانيين تتضمن أحدث النظريات العلمية المعتمدة في الجامعات المرموقة بهذه الدول، حول علوم الكون وعلم الأنثروبولوجيا الذي يدرس نشأة الإنسان بيولوجياً وثقافياً، ونظريات ميكانيكا الكم والتاريخ الإسلامي خلال القرنين الهجريين الأولين خاصة، وغير ذلك من العلوم.
إن العديد من الكتب والأبحاث التي قدمها جماعة من أبرز العلماء والباحثين والمستشرقين الأكاديميين في الجامعات الأوروبية والأمريكية المرموقة، واطلعنا عليها ، حول علوم مثل الكونيات والبيولوجيا وتاريخ الشرق الأدنى القديم بما في ذلك الأبحاث والأدلة الأثرية الحديثة حول تاريخ الدولة الأموية لا سيما خلال عهدي معاوية وعبد الملك، تقدم معلومات مختلفة على نحو جوهري عن المعطيات المنقوصة والمشوهة والأسطورية التي يقدمها المنهج التعليمي السوداني.
[email protected]
لله درك، لم تقل الا الحقيقة، لكنهم لتدني سقفهم العقلي لا يستوعبون ما تقول
كلامك مظبوط ولكن ليكن غرض تدريس النظريات التي ذكرتها هو دراسة الفرضيات التي تقوم عليها وليس الخلاصات أو نتائجها النظرية والتي قد تتغير مستقبلاً، فالمهم هو النظر العلمي للأشياء والأمور بما في ذلك التاريخ وتفسير أحداثه بكافة المعطيات العلمية وعدم إضفاء أية قدسية لأي شيء واخضاعه للنظر العلمي.
انا اختلف تماما مع كاتب المقال في التفاصيل التي ذكرها و في نظرته لتطوير المناهج ,
\في جانب المواد العلمية و الرياضيات نحن لا نحتاج حقيقة الى تدريس نظرية الانفجار الكبير بالرغم من صحتها و أهميتها العلمية و لا نظرية داروين التي ثبت بطلانها.
لماذا ارى عدم حاجتنا لتدريس تلك النظريات ؟
لأن ما نحتاجه في مجتمعنا هو النهوض بالتقنية و التصنيع و بالتالي نحن نحتاج الى التركيز على الجوانب العملية في التعليم و هذه تتطلب في المستوى قبل الجامعي التركيز على الرياضايات و اساسيات الفيزباء و الكيمياء و الأحياء الجانب التجريبي و في المستوى الجامعي يتخصص كل طالب في مجاله و يدرس فقط مواد الثقافة العامة و المهارات اللغوية خارج مجال تخصصه.