مقالات وآراء

وأثق إِنَّا على ذلك لَقَادِرُونَ.

عبدالعزيز عبدالباسط

مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة والعمل هو مقياس حيوية الأمم والشعوب وبه يمكنهم التغلب على الصعاب والمحن التي مرت بهم ليصلوا الي بر الأمان بطريقة تمكنهم من الرقي والسير نحو افق المستقبل الافضل والامر يتطلب الجدية والصدق ومشاركة الجميع في البناء والتطوير وبذل الجهد والعرق وعدم الركون الي الراحة والاسترخاء..
النوايا الصادقة وحدها لا تكفي ما لم تكن مقرونه بإنجازات ملموسة من المسئولين في الدولة وذلك بالخروج من مكاتبهم المكيفة إلى الشوارع والميادين والاستماع إلى مشكلات المواطنين في ولاياتهم ومدنهم وقراهم وذلك ليس أمر  يشكرون عليه إنما هو واجب ملح من أجل التصدي للمشاكل التي أقعدت هذا الوطن بسبب الممارسات السلبية السابقة وهي ممارسات لا مجال للعودة إليها.
لقد دفع المواطن السوداني  فاتورة غالية خلال سنوات الفساد والاستبداد وتحمل كم هائل من الصعاب والمحن التي مرت به وهي كثيرة ومتعددة فمنذ استقلال السودان عاني المواطن كثيرا بسبب الانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي والحروب الأهلية والنزاعات القبلية وانعدام الامن والحصار الاقتصادي وامتدت معاناته لسنوات خسر فيها السودان الوطن العزيز الكثير من أبنائه بسبب القتل والنزوح والهجرة القسرية نتيجة تلك النزاعات وكل ذلك أثر على طبائع وعادات وسلوكيات المجتمع كله لكن نحمد الله فقد بينت لنا تلك الأزمات أصالة معدن هذا الشعب في التكافل والشهامة والمروءة التي لم تفارقه ورافقته عند قيام ثورة ديسمبر المجيدة أيام الاعتصام أمام القيادة العامة حين رسم هذا الشعب السوداني العظيم وقدم للعالم أروع ملحمة في التكافل بابتكاره لصندوق (عندك خت ما عندك شيل) وبتوزيعهم المواد الغذائية بينهم في أعظم شهر صوم شهده السودان في تاريخه الحديث وقد بين هذا الشعب للعالم أروع مشاهد التآخي والتآزر حين احتضن أبنائه بعضهم بعضا في صورة لم تشهد لها شعوب العالم مثيلا وتمكنوا من إسقاط طاغية دفعت شعوب غيرنا ثمنا باهظا لإسقاط أمثالهم.
اليوم تنفسنا الصعداء ونحن نري ثمرة جهدنا في التغيير قد تحققت وإن التغييرات التي حدثت بعد الثورة المجيدة فيها مؤشرات حسنة وصادقة لبناء الوطن الذي نحلم به وسوف نجتهد لنعيده الي الطريق الصحيح وكما اقتلعنا الانقاذ سننجح في تغيير ذهنيات الموظفين الفاسدين من بقاياها تغيير جذري مثلما هو مأمول وإن عجزنا عن تغيير سلوكياتهم المريضة سنقوم بتغيير الشخوص أنفسهم، وهو أمر لا رجعة فيه..
يجب ان يتحلى الوزراء والولاة الجدد وكل مسؤولي المحليات وكل الموظفين بالنوايا المخلصة والخلق الحسن وعليهم أن يكدوا ويجتهدوا الاجتهاد المأمول وفاء لدماء شهداءنا الأبرار، ووفاء لأسرهم الكريمة حتي لا يظن آباء الشهداء ان تضحيات أبنائهم ذهبت ادراج الرياح..
نحن مع التمسك بشعارات ثورتنا الخالدة لكن معها ما زلنا نحتاج إلى إحياء قيم ذلك التكافل والتآخي فيما بيننا وهذا الأمر يأتي من خلال عمل جاد تقوم به مؤسسات إعلامية حكومية وغير حكومية يجب ان نتمسك أكثر بإحياء تلك القيم النبيلة التي حدثت أيام الثورة نريد أن يظل المعروف فيما بيننا قائما ونريده أن يستمر الي ما لا نهاية نريد لهذا النهر العذب الطاهر أن يستمر في تدفقه ونريد أن نهزم كل الأزمات وفي مقدمتها الفساد يجب أن نظل إخوة وأصدقاء يمتد حبل المودة بيننا، ويجب أن يوازر بعضنا بعضا، وأن يبدأ كل واحد منا بنفسه في رفض الجشع والتحلي بالخلق الكريم وإحياء قيم التكافل والتراحم بيننا، حينها سوف نتجاوز الصعاب ونصنع المعجزات ونتجاوز كل أزماتنا ومصاعبنا والمسئولية تقع علي عاتق الأكاديميين والنخب ورجال الدين والموظفين والإعلام والمثقفين بمخاطبة الجماهير والتأثير فيهم وأثق إِنَّا على ذلك لَقَادِرُونَ..
..المدرسة والمدرس أولا..
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..