أخبار السودان

صدقي كبلو : الحكومة اختارت أن تنفذ برنامجاً اقتصادياً غير متفق عليه

أجازت الحكومة الانتقالية في السودان مؤخراً موازنة العام المالي 2021م رغم الاعتراضات عليها من قبل الخبراء الاقتصاديين وقوى الثورة السودانية، وقد تبرأت اللجنة الاقتصادية لتحالف قوى الحرية والتغيير -الحاضنة السياسية للحكومة- من الموازنة والبرنامج الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة المتهمة بالخضوع لروشتة صندوق النقد الدولي رغم مخاطرها، في وقت تشهد البلاد هذه الأيام احتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والوقود، (مداميك) جلست إلى الخبير الاقتصادي د. صدقي كبلو، وطرحت عليه عدداً من الأسئلة حول الواقع الاقتصادي وكان الحوار التالي:

* كيف ترى البرنامج الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة الانتقالية حالياً؟

-المجموعة الاقتصادية التي تنفذ روشتة صندوق النقد الدولي في السودان ستفاقم مشاكل الاقتصاد، وسيؤدي هذا الأمر للعديد من الأزمات، وهي تطبق موازنة العام الجديد 2021، حيث لم تلتزم الدولة بالبرنامج الاقتصادي البديل الذي طرحته قوى الحرية والتغيير، والذي قدم لوزير المالية السابق وعقد على ضوئه المؤتمر الاقتصادي. الحكومة خذلتنا، ولم تنفذ البرنامج البديل، والبرنامج الاقتصادي، بل اختارت أن تنفذ برنامجاً غير متفق عليه لتطبيق روشتة صندوق النقد الدولي وإخفاء الحقائق.

* ما هو الأثر المتوقع للبرنامج الحالي برأيك؟

-البرنامج الذي تنفذه الحكومة حالياً سوف يزيد تدهور قيمة العملة الوطنية، ويرفع معدلات التضخم إلى مدى غير معلوم في ظل إصرار القائمين على أمر الاقتصاد تنفيذ روشتة صندوق النقد، وواضح أن السياسات الاقتصادية التي تنفذ حالياً زادت من معاناة المواطن جراء الغلاء المتفاقم، وعدم حصوله على احتياجاته الأساسية من الخدمات والسلع الضرورية، والتي زادت أسعارها بصورة غير مسبوقة. لابد للحكومة أن تضع معالجات فورية قبل فوات الأوان، بجانب أهمية إنشاء هيئة وطنية اقتصادية لإدارة المؤسسات الاقتصادية.

* هناك حديث أن بقايا النظام السابق مازالوا يسيطرون على الاقتصاد، ما رأيك في ذلك؟

-نعم، الطفيلية الإسلامية ما زالت تهيمن على الاقتصاد القومي، وعلى أهم صادرات الدولة مثل تصدير الحبوب الزيتية والذهب والصمغ العربي والأقطان، كما أن الطبقة الطفيلية وجيوب النظام السابق يسيطرون الآن على سوق الوارد، ويغرقون الأسواق ببضائع هامشية لا يستفيد الاقتصاد ولا المواطن منها شيئاً.

* هل قدمتم نصائح للحكومة من أجل السيطرة على الوضع؟

-طلبنا من الدولة أن تضع يدها على تجارة الصادر وتوقف النشاط الطفيلي ليكون لديها موارد نقد أجنبي من حصيلة عائد الصادر، حيث إن الاستيراد الذي تقوم به محفظة السلع الاستراتيجية حالياً تسيطر عليه الطبقة الطفيلية، وأدى لتدهور قيمة العملة الوطنية، وأحدث مشاكل حقيقية وزاد سعر الدولار والتضخم. الآن الاقتصاد يعاني من عائدات صادراته، وفقدان الأسواق الخارجية، فضلاً عن تنامي مشاكل التهريب. يجب على الدولة وضع إجراءات فورية لاستعادة الميزان التجاري، لأن (الكوميسا) سمحت لمصر أن تغمر السودان ببضائع وسلع غير ضرورية تستنزف موارده. وأجدد الدعوة لإيقاف الصرف البذخي، وإيقاف استيراد السلع غير الضرورية.

* النظام المصرفي متهم بالفشل في مواكبة الانفتاح العالمي، كيف يمكن معالجة ذلك؟

-لابد من اتخاذ إجراءات عاجلة لإصلاح النظام المصرفي، على أن يتم دمج البنوك لزيادة رأس المال، وقيام مؤسسات مصرفية تستوعب مرحلة الاندماج مع الاقتصاد العالمي، فضلاً عن العودة للنظام المصرفي التقليدي من خلال قيام نافذتين، لأن النظام الإسلامي لا يتناسب مع القطاعات الصناعية والإنتاجية.

* كثر الحديث عن تبديل العملة، كيف ترى هذا الإجراء؟

-هناك ضرورة لتبديل العملة وفرض ضريبة على مالكي الثروات النقدية من الطبقة الطفيلية، لأنهم أكبر المضاربين في أسواق العملات، هذه الضريبة ستخفف من قدرتهم على المضاربة. كما أن تبديل العملة سيعالج المشاكل الناجمة عن التزوير الكبير للعملة، فضلاً عن معالجة مشاكل تنامي الكتلة النقدية، لأن هذا الأمر زاد مشاكل التضخم وتراجع الأداء الاقتصادي.

*هل أعطيت الزراعة ما تستحق أم أنها ما تزال مظلومة؟

-لابد من إعطاء أسبقية لإصلاح الزراعة ومعالجة مشاكل الري، وهناك نجاحات حدثت في الموسم الشتوي في 2019. لو تم الاهتمام بزراعة القمح لحققنا اكتفاء ذاتياً، ومن المهم أيضاً تقليل الوارادت لخفض الطلب على موارد النقد الأجنبي، ومعالجة مشاكل تدهور سعر الصرف. وأود أن أشيد بالدور الذي قام به القطاع الصناعي الذي لم يتوقف عن الإنتاج رغم كم المشاكل التي واجهته، وعلى الدولة الاهتمام بالصناعات التحويلية ومنحها مزايا لتتمكن من القيام بالدور المطلوب منها.

*تخطط وزارة الطاقة لاستخدام السكك الحديدة في نقل الوقود، ما رأيك في ذلك؟

-أثني على اهتمام الدولة باستخدام السكة حديد لنقل الوقود. هذا الأمر سيعالج الكثير من المشاكل، ويقلل الصرف على الوقود لإصلاح مشاكل الترحيل في كل الولايات والمناطق الحضرية.

حوار – عواطف محجوب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..