مقالات وآراء

إدمان الفشل هي متلازمة سودانية 100%:-

تقول المأثورة (ليس العيب في أن تسقط و تهوي إلى أسفل السافلين ولكن العيب في أن تصر على عدم النهوض كلما هويت إلى اسفل السافلين)

وهذا ينطبق على المقولة الفلسفية (إذا وقعت في الخطأ نفسه هذه مهزلة وإذا وقعت فيه مرتين تعتبر مسخرة) كما يمكن أن نفسر ما سبق كمن يعيد التجربة بنفس الطريقة و نفس الأدوات وينتظر نتيجة مختلفة .

هذا ما تمارسه النخب السياسية السودانية الفاشلة منذ أول محاولة للتحول الديمقراطي من 1953 عندما إعترف المستعمرين بحق السودان في تقرير مصيره بين الوحدة مع مصر تحت التاج الفاروقي أو الإستقلال بدولتهم كاملة السيادة وهذه الخيارات اﻹعتباطية من المستعمر لا أجد ما أقوله فيها غير الذي يقدم مشورة للغريق بين إنقاذه أو تركه للغرق حتى الموت ثم يجلس على الجرف ليفاوض قائلا أي الخيارين إخترت لا محال ستحصد الندم .
مع العلم ان الشعوب السودانية تقاوم الاستعمار في ممارساتها وسلوكياتها سوى كان بالرفض عند صمتها وعدم تعاونها معه والابتعاد عن كل يمد له، أو بالتعبير الرمزي بالشعر و المثل أو التمرد و المقاومة عبر العنف المباشر، منذ 1818 حتى خروجه الأول عبر ثورة عنيفة جدآ في 1885 عرفت بالثورة المهدية و خروجه الثاني من دون عنف في 1955 فيما عرف بالاستقلال، هكذ تشكل السودان بجغرافيته القديمة قبل أن ينفصل إلى دولتين شمال وجنوب بسبب عجز النخب في خلق مشروع دولة وطنية، يللم شتاته في هوية الدولة الوطنية الحديثة.

بالرغم من نجاح مقاومة الشعوب السودانية للمستعمرين الخاريجيين لنيل حريتها وكرامتها وجدت نفسها مواصلة في مقاومتها ضد وكلاء المستعمرين الداخليين منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، و على استعداد للمضي قدما إلى مالا نهاية من أجل الحرية والسلام والعدالة، وخاضت في سبيلهم أطول حرب أهلية في أفريقيا و العالم في تاريخنا الحديث. التي ارتكبت فيها النخب أفظع الجرائم ضد الإنسانية، من ابادات جماعية مستخدمين فيها الدولة، راح ضحيتها قرابة الخمسة مليون قتيلا وملايين النازحين واللاجئين .

لذلك لا احد يستطيع المزايدة بأسم الوطنية دون الاخرين لأن جده ساهم أكثر من أجداد الآخرين تاريخيا. أو هو نفسه ناضل أكثر من من غيره كما نراه من مزايدة منذ انتفاضة ديسمبر ضد حكومة الجبهة الإسلامية بين من شاركوا في المقاومة مدنيا وعسكريا ومن قاوموا مدنيا فقط.
ولكي أكون أكثر وضوحا مع الذين تعالت أصواتهم أن المدنية والانتفاضة السلمية هي من أسقطت نظام الجبهة الإسلامية وما على الحركات المسلحة أو شاركوا عبر المقاومة المدنية والمسلحة إلا أن يضوع السلاح جنبا دون شرط ويعودوا الى إدراجهم .

أولا هذا الكلام غير صحيح لعدة أسباب سوى كانت تاريخية أو ظرفية في دينميكية لطبيعة الصراع السوداني ومنها على سبيل المثال.
1- ديسمبر ليست أول انتفاضة في تاريخ السودان الحديث التي قامت بها الشعوب السودانية بل سبقتها أكتوبر 1964 ومارس أبريل 1985 و جميعها نتاج لمشاركة النضال المسلح والمدني الذي اسقطا نظام عبود ونميري كما شاهد جيلنا وشهده على مدى الثلاثين عام الأكثر بئسا في نهاية العقدين الاخيرين من القرن العشرون و العقدين الأولين من القرن الواحد والعشرين لذلك ليس من المنطق في شيء إقصاء الآخرين من حقهم التاريخي الذي سيفخر به احفادهم واجيالهم.
وإلا أي محاولة إقصاء تعيدنا للدائرة الشريرة التي افشلت كل تجاربنا السياسية في التحول الديمقراطي منذ 1953 إلى يومنا هذا خمسة مرات و انتفاضة ديسمبر 2018 إذا افشلت ستصبح السادسة وبهذا سيكون الفشل متلازمة سودانية 100 %

إسماعيل سليمان

Ismail Suleyman
[email protected]
Lyon
28 / 01 / 2021.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..