ظلت تنادي به الدولة منذ الأربعينيات: (الفدرالية).. نظام حكم البلاد

لما أقرت الحكومات في أنحاء المعمورة باعتماد نظام “الحكم الفدرالي”، من أهم أنظمة حُكمِ الدول، أولت وقتئذٍ الدولة السودانية اهتماماً بهذا النظام وظلت تنادي به منذ أربعينيات القرن الماضي؛ هذا ما أكده الرئيس المناوب لحركة العدل والمساواة السودانية مسؤول إقليم دارفور بالحركة، مولانا أحمد آدم بخيت، في المؤتمر الصحفي الذي عُقد ” الأربعاء” بالخُرطوم، واشار الي أن الأنظمة الشمولية، وتعدد الدساتير المؤقتة والتي بلغت ( 7) دساتير وتغلب أنظمة الحكم في البلاد؛ عاق تطبيق النظام الديمقراطي في الدولة السودانية، وأكد أن أكثر من 40% من سكان دول العام يتمتعون بالنظام الفدرالي، مُشدداً علي ضرورة مراعاة الكثافة السكانية في توزيع الموارد بين أقاليم البلاد الستةِ المقترحة التي أقرتها اتفاقية “جوبا” لسلام السودان.
الخُرطوم: حيدر إدريس
استقرار الدولة
وقال بخيت، إن نظام الحكم الفدرالي يعتبر مطباً قديماً متجدداً وظلت جماهير الشعب السوداني تطالب به قُبيل الاستقلال، مشيراً إلى أن النظام الأساسي لحركة العدل والمساواة السودانية؛ يُوليه أهمية قصوى وظل مطلباً بارزاً في نظام الحركة، منوهاً إلى أن غياب نظام الحكم الفدرالي أدى إلى عدم استقرار الدولة السودانية، موضحاً أن الدولة السودانية مرت بأكثر من (7) دساتير مؤقتة، بجانب مشاريع دساتير متعددة، وصولاً إلى الوثيقة الدستورية، مؤكداً أن السودان ظل متخلفاً عن مصاف الدول التي نالت استقلالها بالتزامن معه، مضيفاً أن السودان شهد عدداً من الحكومات الوطنية الديمقراطية بجانب الأنظمة العسكرية التي اعتلت علي السطلة عبر الانقلابات العسكرية والتي وصفت حينها بـ”بالدائرة الخبيثة، وتابع: “نظام ديمقراطي يحكم لبضعة سنوات يعقبه حكم شمولي”. وأضاف: “تلك العلميات تسببت في حروب أهلية طاحنة أدت لانفصال جنوب السودان فضلاً عن الصراعات الداخلية في أقاليم البلاد”. مبيناً أن عدم الاستقرار هذا الذي تشهده الدولة السودانية أدى إلي تتخذ حركة العدل والمساواة منهجاً تخاطب مسببات الاستقرار وكيف أن يستقر السودان.
معيار الكثافة
وأكد بخيت أن دستور حركة العدل والمساواة اهتم بنظام الحكم الفدرالي؛ والذي أوضحت فيه الحركة ضرورة التأسيس لنظام حكم اتحادي فدرالي يصلح لكل إقليمٍ من أقاليم البلاد الستة المُقترحة وهي “العاصمة القومية، ودارفور والإقليم الشرقي والاوسط، بالإضافة الي الإقليم الشمالي”، واوضح أن الحركة رأت أن يَحكُم كل اقليم من هذه الأقاليم نفسه أى أن تخصص له سلطات دستورية واضحة؛ الى جانب تخصيص عادل للموارد في ظل الحكومة والسودان الموحد مع الإعتماد علي الكثافة السكانية.
وأردف: ” شددنا على أن يكون معيار الكثافة السكانية معياراً أساسياً في قسمة السلطة والثروة”. لافتاً أن النظام الاساسي للحركة يدعوا الي العناية بتمثيل الاقليم في كل مستويات الحكم الاتحادي عبر مشروعها الفدرالي شريطة أن تكون معاير شفافة وواضحة.
صلاحيات الإقليم
وأشار إلى أن اتفاقية السلام التي تم التوقيع عليها بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح؛ ومن خلال برتوكول قسم السلطة والثروة أتفق الطرفان علي استعادة نظام الحكم الإقليمي الفدرالي، مبيناً أن جزءًا كبيراً من نظرية نظام الحكم الفدرالي وجدت قبولاً في أجهزة الدولة ممثلاً في وزارة الحكم الاتحادي وفي مقدمة تلك الأجهزة دوائر المنظمات السياسية، مؤكداً أن الحركة تولى هذا الأمر اهتماماً كبيراً وصولاً لمؤتمر نظام الحكم الذي تم إقراره في اتفاقية جوبا.
ولفت بخيت إلى أن مؤتمر “نظام الحكم” القادم سيكون من أهم أولوياته التقرير في نظام حكم البلاد، موضحاً أن الهدف الأساسي من المؤتمر مراجعة التقسيم الاداري للأقاليم ومستويات الحكم، وهياكل وصلاحيات واختصاصات تلك الاقاليم، ومضى قائلاً: “إلى حين قيام المؤتمر فإن الحركة تعتني بتحضير نظرية نظام الحكم الاقليمي الفدرالي وذلك عبر الحوارات المتواصلة مع القوى السياسية والنخب السياسية والادارية التي تعمل في نظام الحكم المحلي والاتحادي”.
رغبةٌ للفدرالية
وأوضح بخيت: “ثمة تعريف متفق عليه للحكم الفدرالي”. بيد أنه أكد أن هنالك إجماع علي أن الفدرالية تعني باللغة اللاتينية “اتحادي”، وأكد أن المطالبات التي تكررت فيما يلي أختيار نظام الفدرالية منذ اربعينيات القرن المنصرم تطرح استفهاماً متمثلاً في مدى استعداد الدولة السودانية تطبيقه بمساحاتها الشاسعة، وأضاف: “السودان معروفٌ بتنوعه وتعدده الإثني والمناخي واللغوي”.
وأردف: “معلومٌ أن الحكومات المتعاقبة لم تُدِر هذا التنوع باقتدار وطريقة معقولة بدليل إفراز العديد من الحروب الأهلية في السودان”. وزاد: “الحروب الأهلية معلومة وليدها الكثير من الافرازات ولا يسع المجال الي الخوض فيها “. وأكد أن العالم بأكمله فيه رغبة متزايدة ومتطورة وملحوظة ورغبة لنظام الحكم الفدرالي، مُضيفاً أن اكثر من (25) دولة في العالم تمثل 40% من سكان العالم تهتم بالنظام الفدرالي، مبيناً أن شعوب تلك الدول التمست الفائدة المتوقع من هذا النظام الأمر الذي جعلها تهتم بذلك النظام من الحكم، لافتاً إلى ثمة تكتلات اقليمية واضحة خاصة الاتحاد الافريقي الاتحاد الاوروبي وغيرها وكل هذه تمثل شكلاً من أشكال الفدرالية.
الحُريةُ السياسية
وقال إن النظام الفدرالي لم يكن مجرد نظام حكم فحسب بل إنه عمليات تفاوض مستمرة وفنٌ لمعالجة الصراعات في الدولة الواحدة ومنهجه يقوم علي التسوية واستيعاب الآخر فضلاً عن المرونة، وزاد: “إن الدواعي والاهداف التي جعلت الحكومة تسعى نحو الاهتمام بالنظام الاتحادي أو الفدرالي نابعة من أنها تعمل من أجل المشاركة السياسية والتطلع الي المزيد من الخدمات وتقصير الظل الاداري”. وتابع: “أيضاً من أهم الاهداف التي جعلت الحكومة تسعى الى تطبيق النظام الفدرالي أنها تعمل بجد للعدالة في تقسيم السلطة والثروة وتمكِّن المجموعات الضعيفة والاقليات من المشاركة وإتاحة الفرصة لها في النطاق المحلي”. وأردف:” هذا النظام يعمل من أجل فرد مساحة للمجموعات المحلية الصغيرة لدعم قواسم الوحدة الوطنية”. وأضاف: “الكثير من الناس يرون أن الفدرالية خصم على الوحدة الوطنية لكنها تعزز هذه الوحدة”. وقال بخيت: “الحكم الاتحادي يتيح قدراً كبيراً من الحرية السياسية والادارية من خلال المؤسسات التي تنشأ بين المركز والاقاليم والتي تضم ممثلي الوحدات إلى جانب أنها تعطي فرصة للحكومة القومية مساحة للنظر في السياسة الخارجية وأمر الدفاع وتترك للأقاليم مهمة القيام بالخدمات”.
سياسات مالية
وشدد على أهمية المشاركة الفعلية من قبل المواطنين، موضحاً أن اهداف الحكم الفيدرالي تتمثل في انه يسمح لأقاليم السودان الستة بحكم ذاتي، وأكد ان اتفاق جوبا يؤسس لاستقرار الحكم الاقليمي الفيدرالي، مشيرا الى قيام مؤتمر يهدف الى مراجعة التقسيم للأقاليم والهياكل الادارية واختصاصاتها كما يمكِّن الكيانات الصغيرة من المشاركة ويتيح قدراً معقولاً من الحرية كما يعطي الحكومة فرصة للنظر في العلاقات الخارجية. قاطعاً بضرورة وضع سياسات مالية واضحة على كل مستويات الدولة، لافتاً إلى أنه لا توجد فيدرالية سياسية بدون فيدرالية مالية، مطالباً بإيجاد تشريعات توضح المسائل المالية وضرورة أن تأخذ تلك المسائل في الاعتبار، خاصة وأن النظام البائد اعترف بالفيدرالية في العام 1991 لكنها أصبحت عاجزة عن بتطبيقها.
المواكب