إختيار رئيس لتنفيذ مهمة محددة

تختار الشعوب حكامها لتحقيق طموحاتها في الحرية والأمن والعيش الكريم. عندما يتحقق السلام والإستقرار تدور عجلة الابتكار والإنتاج بإطمئنان. حينها يمكن تحقيق الرفاهية والتقدم. لكن أحيانا وفي ظروف محددة يختار الشعب حاكما لتحقيق هدف واحد ضخم. قد يختار الشعب قائد تنفيذ مهمة واحدة. تختلف هذه المهام بحسب ظروف الشعوب وطموحاتها. قد تكون المهمة تحقيق الاستقلال أو إصلاح الإقتصاد أو إحلال السلام أو تحقيق النهضة. . عندما طالبت جمهوريات الاتحاد السوفيتي بالإنفصال. أختارت روسيا رجل أمن شاب و قوي للحفاظ على الكيان الروسي.
في هذه الجمهوريات المنفصلة مؤسسات كبرى و أسلحة دمار ومصانع ضخمة ومواد خام وبنية تحتية و ميزانيات و مخازن . اختارت روسيا بوتين ليحافظ عليها موحدة ترث قوة الإتحاد السوفيتي رغم إنفصال العديد من جمهورياته. نجح الرئيس الروسي في مهمته وأعاد لبلاده الندية مع أمريكا . انتخبت تركيا أردوغان المسلم القوي ليعيد لها أمجاد الامبراطورية العثمانية الكبرى. ورغم الجدل المثار حول زعامته إلا أنه حول تركيا من دولة عادية تستجدي الانضمام للإتحاد الأوربي إلى دولة كبرى لها كلمتها الحاسمة في كل الإقليم . . أصبحت أمريكا وأوروبا تضع لتركيا ألف حساب. اختارت ماليزيا مهاتير فحقق لها نهضة غير مسبوقة. والأمثلة عديدة. لكن الأمر يصبح خطيرا عندما يختار بعض من الناس شخص ما للحفاظ على مصالح قلة من الأغنياء وضد الشعب.
قبل سنوات عديدة انتخبت أمريكا بوش الأب بتأثير قوي لأثرياء الجمهوريين واللوبي اليهودي. مهمته كانت الحد من قوة العراق المتنامية. الجيش العراقي الحديث آنذاك دعمته أمريكا لايقاف الزحف الإيراني. لكن بعد إنهاء الحرب مع إيران أمسى العراق القوي يمثل تهديدا لأمن لإسرائيل . مهمة بوش الأب كانت تدمير العراق الغني. نفذ بوش المهمة بحشد تحالف إستغل قصر نظر القيادة العراقية وحميتها وغرورها . لاحقا وبعد سنوات انتخب نفس اللوبي ونفس الحزب الجمهوري بوش الإبن ليكمل ما بدأه أبوه. ثم تكرر ذلك بتلميع ودعم ترامب لتحقيق اهداف إسرائيلية تحت غطاء إصلاح الإقتصاد الأمريكي . ترامب نقل السفارة الامريكية للقدس واعترف بها عاصمة لإسرائيل وهو أمر مر عليه العديد من الرؤساء الأمريكيين بحكمة وارتكبه ترامب بحماقة.
زاد من خروقاته بتوقيع قرار في امريكا على بعد آلاف الأميال يمنح إسرائيل أراضي الفلسطينيين وفوقها هضبة الجولان السورية . إنتخب عقلاء امريكا أوباما الذي سحب أكثر من مائة وخمسين ألف جندي من العراق وسحب أيضا الجنود من أفغانستان. وهي جيوش أمريكية كان وجودها يعزز الشعور الشعور بالأمن لإسرائيل. لهذا لم يكن اوباما الرئيس الامريكي المفضل لاسرائيل. لم يستفيد حكام السودان حينذاك أو العرب من أوباما الديمقراطي . لم يفهموا لحظتها أنه خاطب الشرق الأوسط من القاهرة وليس من تل أبيب. لاحقا وضع العرب رهانهم على ترامب الجمهوري . استنزف هذا اموالهم وشق صفهم . كان من الواضح أنه لا يحب المسلمين. في السودان وبعد إنتصار الثورة حدد الثوار أهداف معينة. محاسبة رموز النظام السابق. إصلاح ما خربه النظام السابق. إنعاش الإقتصاد وتحقيق السلام والتنمية. هذه مهام ضخمة يصعب إنجازها فيي عدة اشهر بسلطة إنتقالية. خاصة اذا كانت هذه السلطة تواجه تعطيل قوي من مراكز قوى النظام السابق. لكن يبدو أن البعض وضع أحلام كبرى على الحكومة. نريد السلام والحلول السحرية العاجلة للضايقة المعيشية و تقوية الجنيه والنهوض بالاقتصاد السوداني فورا ومحاسبة رمور النظام السابق وتصليح سريع لما خربه النظام البائد في ثلاثين سنة. وإيجاد الوظائف رفع اسم السودان من لائحة الدول الداعمة للإرهاب. وسداد العاجل من الدين الخارجي و.. و..
ما رأيكم أن نحدد للحكومة القادمة مهمة واحدة فقط. القضاء على مراكز نفوذ النظام البائد بتغيير العملة.
أيا كانت تكلفت طباعة العملة فإنها لن تكون أكثر من الضرر الذي يسببه تزويرها واستخدامها لضرب ثورة الشعب.
منير التريكي