مقالات وآراء سياسية

التفريق بين الحزب السياسي والعمل العسكري

د. فاروق أحمد أدم

بالرغم من أن هذا يعد من البديهيات التي ينظمها الدستور والقانون إلا أن الواقع العملي يشهد الكثير من التداخل الذي يتطلب الوضوح في الرؤي وإستنباط المعالجات التي تخاطب الصعوبات التي تفرزها تجليات الواقع المعاش، الذي في كثير من الأحيان يحمل الأحزاب إلي اللجوء لحمل السلاح لتدافع عن وجودها وأطروحاتها، ولكننا نلاحظ بعد إنجلاء الأزمة التي تقود إلي حمل السلاح لايتجه الناس إلى إيجاد تدابير واضحة لتنقية الأحزاب من أثار حمل السلاح فنجد الحزب مثلاً مجموعات مسلحة تتولى حراسة دور الأحزاب وتأمين القيادات والإشراف علي المؤتمرات والمناشط التي تقوم بها الأحزاب بدل أجهزة الدولة المعنية علي النحو الذي يشئ إلي أزمة الثقة بين الأجهزة الرسمية والأحزاب السياسية، وإلى أن تتوفر الثقة المطلوبة فلا توجد ضمانات لوجود أحزاب لا تتكئ على أجنحة مسلحة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، الأمر الذي يشكل موجباً جديداً يدعم أهمية الوصول إلي المشروع الوطني والدستور الدائم الذي يكفل الممارسة الديمقراطية الحقيقية والتفريق الواضح بين العمل الحزبي السياسي والعمل العسكري لأن الخلط بينهما، بإي وجه من الوجوه، لا يؤدي الا لمزيد من الصراع والإضطراب الذي لم يعد يحتمله الوطن.

من طرف أخر تشهد البلاد تجربة الحركات المسلحة والتي عندما تتوصل للسلام المتفاوض عليه تجري الترتيبات الأمنية لحملة السلاح حتى يتسني تحويل الحركات المسلحة إلي أحزاب، إلا أن التجربة قد أكدت أن الأمر ليس بهذه السهوله، وأنها في حاجة إلي التدبر والتأمل والعمل الجاد لإيجاد المعالجات التي تساعد إنتقال الحركات المسلحة إلي أحزاب حقيقية.

هناك أيضاً مجموعات تمارس العمل السياسي من منطلق الوجود العسكري ولا تحظى بقاعدة سياسية معروفة وبالتالي تواجهها مشكلتان: ممارسة العمل السياسي بقاعدة العمل العسكري وهو أمر يخالف الدستور والقانون، ولا تتوفر الخطوات العملية لتخلي تلك المجموعات من السلاح لتتحول إلي العمل المدني. وفي كل الأحوال أن التفريق بين الأحزاب السياسية والعمل العسكري تبقى واحدة من الضروريات اللازمة حتى تنعم الساحة الوطنية بالسلام والديمقراطية والإستقرار.

د. فاروق أحمد أدم
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..