مقالات وآراء

الاستعداد ليوم الرحيل !!!!

عبد المنعم على التوم

كل الشعب السودانى يشاهد مجزرة الاقتصاد السودانى  و يلتفت يمينا و شمالا على الوعود البراقة التى أشاعوها بين الناس بأن رفع الدعم عن المحروقات سوف يآتى بأموال تدعم التعليم و الصحة و الشعب السودانى بين محراكة الرحى نرى طحينا و لا نرى عجينا ومازال الشعب صابرا بين المطرقة و السندان !!!
ماذا بعد رفع الدعم الذى سبق  رفع زيادة الكهرباء  !!!جالون البنزين من 27ج الى 544ج  ثم  مرة آخرى الى 570ج!!  سؤال برئ  :هل بدأ الاقتصاد السودانى فى التحسن ؟!!!هل هناك أى بوادر تحسن  ظهرت او طرأت  فى مجال الصحة أو التعليم ؟!!! ام هى اضغاث احلام وحلول واهية وواهنة كبيت العنكبوت ؟؟!!! يبدو أن هؤلاء الشطار يحتاجون منا لصبر أيوب وعمر نوح ومال قارون …!!! حتى يستطيع الشعب السودانى أن يستبين الامر ويفهم الحاصل شنو وهذا يحتاج الى ثلاثون عجاف آخرى !!!
حسب رأينا المتواضع تحديد ومعرفة العطل يمثل 75% من الحل .. !! وبما نشاهده من افعال ونظريات يقوم بها هؤلاء القوم بعيدة كل البعد عن واقع المشكلة !!!-.. المشكلة  الحقيقية فى معاناة الدولة و الشعب و الاقتصاد هى فى سعر صرف الجنيه السودانى مقابل العملات الاجنبية – و السياسات  القائمة وعدم إحترام عملة الدولة الرسمية وخروج دورة رأس المال العامل خارج منظومة الدولة الاقتصادية وتسليمه لقمة سائغة  لمنظومة الرأسمالية العالمية ثم يتبع ذلك  خروج السلع الاستراتيجية من الصادرات السودانية وصيرورة قبضتها فى يد الافراد مما أفقد البلاد مردوداتها  من النقد الأجنبى وصارت الدولة تحت رحمة السوق الموازى سوف  لم و لن تتمكن الدولة أو الحكومة الحالية  فى السيطرة على إستقرار أسعار الصرف فى ظل السياسات التى يتبعها ويتبناها الطاقم الاقتصادى فى الظروف الراهنة  و إنما تنذر هذه  السياسات بتعميق الجرح الاقتصادى السودانى  !!!!–
السيد وزير المالية السابق والسيدة وزير المالية المكلف وجهان لعملة واحدة وكلاهما ينتمان لمدرسة البنك الدولى و النظم الرأسمالية الغربية  التى تعتمد على ثراء الافراد و النخب وهو نظام سماه بعض علماء الاقتصاد بالجيوبولتيكا العالمية وهو ما يعنى بإختصار دعم المصالح الجيوسياسية العالمية  وهو نظام يؤمن بالخصخصة ويؤمن بخروج الدولة ويؤمن بتحرير وتعويم  حركة العملات العالمية  والجلوس فى مساطب المتفرجين وترك عملة الدولة الرسمية تحت رحمة العملات الاجنبية ،  وما عليها  سوى فرض الضرائب  و الجمارك وزيادة الرسوم  ورفع مايسمى بالدعم وتحميل المواطنين ما لا طاقة لهم به حيث أن جميع أجور المواطنين سوى قطاع عام او خاص فى حالة ضعف مستمر بسبب هذه السياسات الفاشلة التى تعمل  ضد المواطن  وضد عملة البلد الوطنية لصالح أجندة الدول الاجنبية  و الاستهوان و الاستخفاف بعملة الدولة الرسمية وهذا فى تقديرى المتواضع دعم لسيطرة  العملات الاجنبية على الجنيه السودانى و هذه أبشع صور الاستعمار الاقتصادى الحديث و الوصاية الدولية بعينيها المثقوبتين  !!!
كل هذه السياسات المطروحة اليوم قد تمت تجربتها و فشلت فشلا ذريعا ليس فى السودان فقط و لكن فى معظم دول العالم الثالث التى طبقت فيها وهى وصفات أصبحت معروفة ومعلومة  تضعف عملة الدولة  وتفقر الشعب ويمكن أن يكون العراق اليوم  خير مثال لتلك السياسات  بالرغم من ثراء العراق النفطى وخصوبة  الارض  هناك و الآثار العظيمة التى تشهد على حضارة و عظمة العراق وما يحدث فى العراق هو نفس السيناريو الذى سوف يحدث فى السودان  !!!
منسوبى البنك الدولى من أبناء جلدتنا وهم يحملون الشهادات العلمية الرفيعة والتى آتوا بها من جامعات الولايات المتحدة الامريكية معقل الرأسماليه فى العالم  وحسب ماتعلموه من خبرات ومهارات  فى أروقة البنك الدولى   يؤمنون إيمانا قاطعا بأن حل المشكلة الاقتصادية  السودانية هى الانصياع لشروط صندوق النقد الدولى سعيا وراء ما  يجود عليهم الصندوق من اموال عبر القروض ذات الارباح المركبة والتى سوف ترهن موارد السودان  لأجيال وعقود قادمة وسوف يكتوى  بنارها شعب اليوم و شعب المستقبل الذى سوف يتحمل عبء النظريات الفاشلة !!!!
فى فبرائر 1992 عندما قام الطاقم الاقتصادي فى ذلك الوقت بخصخصة شركات المساهمة العامة التى كانت تقوم بتوفير النقد الاجنبى للحكومة السودانية عن طريق تسويق  صادرات السلع الاستراتيجية فى الاسواق العالمية !!!وقامت بترك الامر للقطاع الخاص حتى ينوب عن الحكومة السودانية والشعب السودانى المنتج  لجميع السلع المرغوبه فى الاسواق العالمية مثل الحبوب الزيتية و القطن ..والصمغ و الماشية ….ألخ وكان هذا الاجراء هو نصائح  خبراء صندوق النقد الدولى وما يسمى بالدعم المؤسسى  وكانت نصائحهم الكارثية :(الدولة لا تعمل بالتجارة وترك التجارة للقطاع الخاص وعلى الدولة حفظ الامن و النظام كما تفعل الدول الكبرى !!) فالأمر كله هو تقليد و محاكاة للنظام الرأسمالى البغيض الذى يسعى جاهدا بتحطيم إقتصاديات دول العالم الثالث حتى يسهل نهب مواردها بأقل التكاليف المتاحة عن طريق هدم سعر الصرف وطغيان العملات الاجنبية على عملة الدولة الرسمية .!!!عن طريق عدة محاور :-
المحور الاول :
1/ إفقار الحكومة وتحييد نشاطها التجارى المتعلق بالصادرات كمنبع أساسى للعملات الاجنبية وحتى لا تتمكن الحكومة من بناء إحتياطيات من النقد الاجنبى تمكنها من السيطرة على سعر صرف العملات الاجنبية مقابل العملة المحلية وفى سبيل ذلك يسعى الخبراء الاجانب (الخواجات) بتقديم النصح و المشورة للطاقم الاقتصادى العامل فى الدولة ومعظمهم كما ذكرنا آنفا ،  هم من النخب التى كانت تعمل فى البنك الدولى وتدعم النظام الرأسمالى أخصائى الخصخصة و القروض المركبة !!!
المحور الثانى :-
هو إلهاء الشعب فى مواضيع تتعلق بمعاش الناس  كأزمة الخبز و الدواء والمحروقات ،علما بأنه ليس هناك مبرر لذلك و لكن هى فى حقيقتها سياسة التجويع لفرض الاجندة وتمرير سياسات رفع الدعم عن الخبز و المحروقات وزيادة فاتورة الكهرباء بحجة توفير المحروقات لتشغيل الكهرباء   وإذا قمنا بوضع المقارنات بين سعر الدقيق فى الاسواق العالمية وسعر الذهب او الماشية او الصمغ العربى أو أى ىسلعة ينتجها السودان لأصابك الذهول أيها القارئ الكريم ، فالطن من الذهب يعادل 55مليون دولار فى الاسواق العالمية والطن من المحروقات 350 دولار  و الطن من القمح يتراوح بين 250- 280دولار فقط !!(عن أى دعم يتحدثون!!! )
المحور الثالث:-
خلق و تأجيج الفتن العنصرية و الدينية كما يحدث فى دارفور و الشرق وفى قلب عاصمة السودان وإشعال الفتن وإشغال الناس فى قضايا إنصرافية وجدل بيزنطى (أيهما خلق أولا البيضة أم الدجاجة!!! ) أو كما حدث مع دكتور القراى فى لوحة الرسام العالمى ما يكل أنجلو الموجودة أصلا على الشبكة العنكبوتية ويعلمها ويعرفها جميع مستخدمى هذه الشبكة الملعونة المجنونة  وكل طالب علم فى هذا الزمان !!! (زمن الدسدسة و الغتغيت إنتهى الى الابد !!!)( وهكذا  يريدوننا كالنعام فى  دفن  الرأس!!!)
المحور الرابع :-
تنصيب نافذين فى مواقع إتخاذ القرار ليس لديهم خبرات عملية واقعية  فى الموقع المناط به  ، يكفى ان تكون هناك شهادات علمية غربية  رفيعة و الافضلية للشهادات الامريكية !!!علما بأن هناك من الامثال السودانية التى ورثناها من أجدادنا  تقول (أسأل الدارى و لا تسأل القارئ!!)  ومثل آخر يقول (أسأل مجرب و لا تسأل طبيب !!!)( التجربة خير برهان !!!) ورغما عن أنف كل الشعب السودانى نحن لا نستفيد لامن التجربة و لا من البرهان!!)
المحور الخامس :-
بعد رفع الدعم وزيادة الكهرباء وزيادة جميع الرسوم الخدمية بالدولة وإضعاف و إهانة الجنية السودانى ، هناك سيناريوهات لم تكتمل بعد !!! وحتى تكتمل الصورة فى العلاج الوهمى للاقتصاد السودانى ننتظر الآتى:-
1/ تعويم قيمة الجنيه السودانى !!
2/ رفع قيمة الدولار الجمركى (يعنى زيادة الجمارك على جميع السلع)!!
3/ زيادات الضرائب فى القيمة المضافة وضرائب ارباح الاعمال !!!
4/منح السودان قرضا ربويا مركبا من إحدى الدول الغربية الغنية لسداد متأخرات صندوق النقد الدولى حتى يتمكن صندوق النقد الدولى من فتح صفحة جديدة مع السودان تأهله  لمنح القروض الجديدة ونبدأ من أول السطر !!!
بعد إكتمال هذا البرنامج تأتى  الشركات الغربية و الاسرائيلية بالتنقيب عن المعادن و الزراعة و الثروة الحيوانية و تتحول قروض صندوق النقد الدولى عبر هذه الشركات  الى البنوك الغربية لتوزيع الغنائم  ونهب الدولة كما يحدث فى إستثمارات الراجحى و إستثمارات شركة أمطار  فى الولاية الشمالية !!!
ويأتى رجال الدين و يحملون كل هذا القصور  ، والخلل الإدارى فى الدولة  ويقولون بأن البنات سافرات عاريات وهذا من غضب الرب جل فى علاه.!!
الشعب السودانى موعود بتدهور سعر صرف للعملة الوطنية غير مسبوقة  وموعود إيضا بغلاء على جميع السلع  المستوردة و المحلية ما أنزل اللـه بها من سلطان وسوف تستمر ظاهرة ثراء النخب وتجريد الشعب من المحيط و المخيط وينطبق علينا القول المأثور (عبر المحيط على العصافير صعب !!!)
وهكذا لا يمكن أن يستمر هذا الوضع على ما هو مخطط له فى ظل هذا الفشل الذى يحكى عن نفسه !!!، وعلى عملاء صندوق النقد الدولى حزم حقائبهم و الاستعداد ليوم الرحيل على الطائرة المتجهة الى مذبلة التاريخ !!!

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..