مقالات وآراء سياسية

الشيوعي..ياتن الجفلن..ووينن الواقفات ؟

معمر حسن محمد نور

في التقسيم الأيديولوجي الحاد ، كانت إجابة الدكتور عبد الله علي إبراهيم على تساؤل أديبنا الراحل الطيب صالح الشهير ( من أين أتى هؤلاء ؟) أن التساؤل عن مجهول ربما يليق بالأديب أما تفسيره العلمي وفقاً لخلفيته وتجربيه تفيد بأن هؤلاء كانوا موجودين بيننا يمثلون الثورة المضادة عقب كل ثورة وأن الانقاذ كنظام يمثل قمة تجليات الثورة المضادة.
هذا الموقف الأيديولوجي ، ربما عبر عنه السكرتير السياسي للحزب الشيوعي بقوله رغم كل ما أصاب المعسكر الاشتراكي على المستوى الدولي والحزب بعد يوليو 71، أنه ما زال مؤمناً بأن الماركسية ما زالت قادرة على الإجابة على إشكالات الدولة السودانية.وربما كان هذا الموقف المغاير لمن يرون ضرورة التغيير بالتواؤم مع حالة القطبية الواحدة والتعامل مع واقع اقتصاد السوق هو عامل الخلاف بين الحزب ومن غادره وللمفارقة ، أصبحوا من مستشاري رئيس الوزراء مع عدم إغفال الخلفية الأيديولوجية لرئيس الوزراء نفسه مع كامل إيمانه بالاندماج في الاقتصاد الحر.
ربما كان من أكثر الرهانات التي كسبها الحزب بالتمسك بهذه الرؤية ، قيام الثورة نفسها حين رأى غيرها عكس ذلك لسنين طويلة من العمل ضد الانقاذ.
إلا أن الثورة وإن نجحت في إسقاط النظام ، إلا أن ما تلى إسقاط النظام لم يجر على هوى الحزب الشيوعي ما انتهى به مؤخراً إلى إعلان رفضه المشاركة في كل هياكل الفترة الانتقالية بما فيها المجلس التشريعي الذي كان يحرص على التأكيد على نيل حقه من المقاعد.لكن تبني سياسات رفع الدعم من الحكومة وللمفارقة ممن اختلفوا مع الحزب بالإيمان به لم يترك للحزب فرصة للإستمرار في دعم الحكومة . رغم وصم الحكومة بالشيوعية من قبل تيارات الاسلامويين في نفس إطار الفرز الأيديولوجي الحاد.
ويحق لنا السؤال : أما وقد هزم توجهه بالإبقاء على سياسة الدعم عملياً ، فما الذي يمكن أن يتحرك الحزب في مجاله في البناء على كسبه رهان إسقاط النظام ؟ ربما يكون الحديث عن إسقاط الوثيقة الدستورية والمكون العسكري وكل الحكومة ، تقف في وجهه قناعة الكثيرين من الثوار بضرورة الاندماج في الاقتصاد العالمي للإفادة من نجاح الحكومة في الملف الخارجي . لكن المؤكد أن الحزب سوف يسعى لتأكيد رؤيته بالطرق على ما يصيب العمال والمزارعين وتبني قضاياهم وهو مجاله الذي كون به أرضيته في ظل الحكومات الديمقراطية.لكن ما يعنينا أكثر هنا ، هو ما فوق ذلك وفقاً للمشترك مع دعاة التحرير الكامل للإقتصاد. وهنا لا بد من الرجوع فيه إلى تصريحات وزير المالية المقال ابراهيم البدوي .فرغم أنه والحزب في اتجاهين متناقضين ، إلا أن له تصريحاً مهماً بإفادته بأنه لا خلاف على كل ما طرحته اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير بتأثير الحزب الواضح فيه. فهو يرى أن الإفادة من الأموال المستردة من رموز الانقاذ عبر لجنة إزالة التمكين وولاية المالية على الشركات العسكرية وتبديل العملة وفرض الضرائب على شركات الاتصالات والضرائب التصاعدية ، يرى أن كل ذلك لا خلاف عليه . ولكن ، وحسب رؤيته ، فإن الخلل الهيكلي هو الأولى في المعالجة برفع الدعم . إذن فإن العمل على هذه القضايا وتحقيقها ، يعتبر هدفاً مشروعاً للعمل فيه باتفاق الفرقاء .فهل ينشط الحزب في هذا المجال أم يربط نفسه في إسقاط الحكومة ؟ الحزب وحده هو القادر على الإجابة على هذا السؤال.

معمر حسن محمد نور

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..