الكودة والإنقاذ والفجر الجديد

الجرائم التي إرتكبتها عصابة الإنقاذ والأخطاء التي اقترفتها كل الحكومات السابقة منذ فجر الاستقلال فى حق الشعوب السودانية قد أدت إلى شرخ إجتماعي كبير و نتائج كارثية وتراكمية بدأت تظهر ملامحها فى فجر جديد تتكافىء فيه الفرص بين الجميع بالتساوي في وطن واحد دون أن يكون هناك حق إمتياز لبعض الأفراد على الآخرين لأسباب تاريخية أو دينية او ثقافية او إثنية.
كل الحكومات التي مرت على حكم السودان تعاملت مع شعبنا باعتبارها نخلة، يقذفونها بالحجارة و يقطفون ثمارها. فأدمن هؤلاء أكل الثمار الجاهز والمحصول الرطب والذي لا يكلفهم سوي رمي الحجر. فاتقنوا فنون رمي الحجارة واكل مال السحت وما أسهل ذلك!! . فعميت بصيرتهم وماتت قلوبهم و تبلد احساسهم. فتناسوا أن النخل علي الرغم من كرمها وحسن جمالها وعلوءها عن الأحقاد، إلا أن لها خاصية الصمود و المقاومة من اجل البقاء و حق الحياة حتي مع الطبيعة القدرية القاهرة دعك من هذا الإنسان المحدود القدرات وقليل الإمكانيات .
يعتبر ميلاد الفجر الجديد نقلة نوعية في مسيرة الثورة السودانية من اًجل وقف طاحونة الموت والإبادة الجماعية فى جميع اًرجاء البلاد وإنهاء سياسات الدمار السياسي و الاجتماعي والاقتصادي. وإستعادة الحرية والكرامة والنهوض بالبلاد من براثن الفشل و الضياع الي مستقبلٍ مشرق و غدٍ أفضل
لقد احدث هذا الميثاق زلزالاً سياسياً فى عمق المجتمع السوداني وصدىً إقليمياً ودولياً، وترتبت عليها متغيرات سياسية هامة، من أهم معالمها انتقال السلطة من المركز التقليديّ حيث البيوتات الطائفية والاحزاب الدينية و النخب الصفوية إلى مراكز الثقل الجغرافي ليتحرك بذالك مركز القرار السياسي ليتماهى مع مركز التمركز الديموغرافي.
يعتبر العالم الدكتور يوسف الكودة من الأفذاذ والقلائل من علماء الدين الذين لم تسطع حكومة الانقاذ ان تدنسهم بمال السحت الذي يسرق من خزينة الدولة ويصرف علي علماء السوء لتنفيذ مخطاطاتها الإجرامية، وكذلك لم يخضع لسياسات القمع والإرهاب التي يمارسها مع خصومه المعارضين. فان دل هذا إنما يدل علي معدن الرجل ونقائه، فالذهب لا تذيده النارُ إلا متانةً ولا الطرّق إلا لمعاناً.
فالدكتور يوسف الكودة عالم متبحر في أصول الدين ومتخصص فى علوم الفقه ويعتبر من المجددين المعاصرين الذين يبنون آرائهم الفقهية بميزان من العقلانية والواقع المعاصر بالاستناد الي الكتاب والسنة ليواكب روح العصر و عجلة التقدم. فوق هذا وذاك يتمتع الرجل بالذكاء الفطري وسعة الأفق ورحابة الصدر مما جعل له شعبية كبيرة فى وسط الشباب المثقفين و الطلاب الباحثين الذين ضاق بهم فتاوي التكفيريين وآراء المتشددين وكثرة المتنطعين الذين لا يتجاوز فهمهم علم النكاح وفرائض الوضوء والغسل، يملأون الدنيا ضجيجا ويكفُّرون الناس في أمور تافهة و آراء لا يدركون مراميها أو مقاصدها الشرعية و بذلك إستطاع الكـوده إجتياز حاجز التشدد والتطرف والغلوء والممارسات الدينية الخاطئة الذي غرق فيه الكثيرين من العلماء المتشددين.
فقد نهل الدكتـور الكودة من بحور العلم درجات واًتخذ الشريعةً فكراً ومنهجاً، وأسّـس حزباً وسطـاً. يكاد يتبع مسيرة التجربة الاردوغانية التركية التي لا تستغل الدين للوصول إلى السلطة او مطية لتحقيق اهداف دنيوية.
لقد نهضت تركيا من دولة نامية و متخلفه الي مصاف الدول الكُبري اقتصادياً والعُظمى اجتماعياً وسياسياً. واًصبح حزب العدالة التركي نموذجاً يُهتدى به على الصعيدين الإقليمي و الدولي في مسألة علاقة الدين بالدولة ودور الدين في الحياة العامة، في الوقت الذي أتخذ فيه الانقاذيين الدين سـلماً للوصول إلى السلطة و مطيةً لتحقيق أهداف دنيوية و أتحذوا الشريعة ستاراً لحجاب الفساد وسلاحاً لضرب الخصوم. ففصلوا الدين عن الحياة العامة واستغلوه في السياسة في سابقة غير معهودة.
التحية للدكتور الكودة وآخرون في هذه الخطوة الشجاعة فى زمن كثر فيه الجبن والنفاق من قبل كثيرين من قياداتنا الحزبية و التقليدية اما خوفاً من بطش النظام او حبا في فتات ما تجود به عصابة الإنقاذ، صاغرين فى ذُلٍ وهوانٍ تاركين سـفينة الوطن تتجه نحو مزالق الهُوة والضياع ليغرق الجميع فى النهاية لولا ميثاق الفجر الجديد الذي أحيا الأمل في مسـيرة الثورة الســودانية بالتفاف كافة القوي السياسية والمدنية والثورية بكل مساراتها في بوتقة واحدة ، كالرماح إذا اجتمعت تأبى أن تتكسر وإذا تفرقت افترستها عصابات الإنقاذ احاداً.

يوسف عمر بشير
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والله با اخ يوسف أصبت كبد الحقيقة المرة التى لايستسيقها من تربوا على اكل التمر الجاهز ونحن من زمن ود حبوبه ما عندنا مشاكل مع الاسلام وميثاق الفجر الجديد هو حقيقة التغيير الى المساواة الحقيقية بين بياع الترمس وود البلد وان ارادوها حرب مسلمين وكفار لا بأس بذلك فاما نحن ( بقية الشعب السودانى ) او الصفوة من القبيلين وثلة المتأسلمين المنتقاة لا بأس فى ذلك والله سبحانه وتعالى يعلم من هو المؤمن الحق من المنافق الحق .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..