مقالات وآراء سياسية

الثورة السودانية اطماع الدول والدولة العميقة …….

اكرم ابراهيم البكري

إذا تكرر الحدث مرة فهو مأساة، أما إذا تكرر مرتين وأكثر فهو مهزلة
تقول تجارب التأريخ أن توطيد دعائم النظام الجديد الديمقراطي، إثر الانتصار على القوى الرجعية الحاكمة، أصعب بكثير من إسقاط الدكتاتورية الحاكمة
بالرغم من كثرة الحديث الإعلامي عن تحديات ما اصطلح على تسميته بالثورة المضادة والخوف من فزاعات الكيزان وقوي المؤتمر الوطني الا ان التحدي الأكبر الذي يعرقل سريان الثورة في السودان يأتي من الخارج.
لقد كانت التوجهات الاقتصادية للحكومة ورفع اسم السودان من القائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب وملف العمليات الإرهابية الانتقالية بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك هي موضوع نقاش وجدل حاد مع الدول الاوربية والولايات المتحدة الأمريكية وايضاً مع المؤسسات المانحة وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وفي نفس السياق احتل المستقبل الاقتصادي للسودان بعد الثورة مكانة بارزة في خطاب اغلب القوي المناهضة للثورة بدافع افشال المنظومة الانتقالية بوضع العراقيل امامها بمسانده الشق العسكري المشارك.
وفى هذه الاثناء كانت هنالك جبهة جديدة تواجه الفترة الانتقالية ممثلة في استمرار التحالف العربي وعلى راسه دولة مصر وتأتى الامارات ثم المملكة العربية السعودية في محاولاتهم المستميتة للتحكم في مسار الثورة عن طريق التوظيف السياسي للأدوات الاقتصادية.
وحتى تلك المحاولات التي دعاء اليها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لإنقاذ الاقتصاد السوداني وتشكيل مؤتمر للمانحين من الدول الغربية كانت الوعود للمنح المالية للسودان تهدف إلى تقييد مسار الثورة السودانية بحيث تظل في إطار الفهم الغربي العام للانتقال المنظم نحو الديمقراطية ، فالملاحظة الأهم تكون في خطاب اغلب ممثلين تلك الدول عن ضرورة الانتقال المنظم للديمقراطية في السودان ومن خلف تلك التوجهات بفهم الانتقال المنظم تكون استخبارات كثير من الدول والتي تتحرك بحرية كاملة داخل الأراضي السودانية وعلى راسها مصر يكون تفسير المقصد للمصطلح هو الانتقال الموجه للثورة السودانية بحيث لا تخرج عن المسار المقبول غربياً .
يمكننا القول بان القوي الإقليمية والدولية لديها محاولات تهدف إلى تقييد مسار الثورة في السودان بحيث يظل في إطار فهمهم العام للانتقال المنظم نحو الديمقراطية بحيث يتم إعادة تشكيل النخبة الجديدة ويتم استبعاد العناصر الأكثر تشدداً وتطرفاً فى الفهم الوطني ويدمج المخطط نخب من المنظومة القديمة مع الصاعدين الجدد ومن خلال هذا المزج تتبلور جهود المؤسسات الدولية المانحة لدعم وتكريس برنامج التحول النيوليبرالي للاقتصاد السوداني
وفى الغالب فان عرقلة سريان التحول في السودان يكون بسرقة الثورة السودانية كما سرقت اغلب الثورات المناهضة للديكتاتوريات والشمولية، والمخطط الذي يسير الان سوف يفضي الى وجود بعض مظاهر الديمقراطية الليبرالية لكنها تخضع لهيمنه العسكر الموالين للاستخبارات الخارجية متحالفين مع بعض النخب الانتهازية ورجال الاعمال من المنظومة السابقة
ان سوء الظن في الفصيل العسكري المشارك في الانتقالية كبير ولكن يكون السؤال لماذا تحرص حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الانتقالية على المضي قدما في التعامل مع مؤسسات الدول المانحة في الوقت الذي نري فيه ثروات السودان من الذهب والنفط والزراعة والثروة الحيوانية تستطيع ان تغطي نفقات كامل الدولة، وتسد النقص في التزاماتها.

اكرم ابراهيم البكري

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..