مقالات وآراء

هل المسرح السوداني مهيأ لثورة مضادة

 الباقر علي محمد الحسن

الشارع السوداني يعيش أزمات خانقة وغلاء فاحش ومتسارع وندرة في الخبز والوقود والغاز ، هشاشة أمنية زادت من قلق المواطن بصورة مزعجة ، لا طمأنينة على سلامة الروح ولا الأسرة ولا الأبناء في الشارع ولا على الممتلكات، فوضى خلاقة حقيقية تطل برأسها في كل مدن السودان، تكسير ونهب وحرق ، بنفس الطريقة والمنهج تمارس هذه الفوضى  ، غياب تام لسيادة الأمن وبسطه حتى على أحياء العاصمة ناهيك عن المدن العواصم والمدن الكبيرة على طول البلاد وعرضها،   ومعالجات الحكومة الإنتقالية لم ترق لمستوى الأزمات وتعقيداتها  ، لأن صميم الحلول التي تتكرم بها الحكومة  تزيد وتفاقم  من المعاناة ، الأزمات تنشطر لأزمات أكثر تعقيدا ، والإستجابة لهذه الصعوبات التي يعايشها المواطن في كل مناحي حياته ، دفعت بالكثيرين للخروج عن صمتهم وإبداء تململهم من الوضع الحالي، وحالة الإحباط  هي التي تسيطر على كل المشاعر ، القرارات التي تصدرها الجهات الرسمية والتي  من المفترض أن تحدث إنفراجة ما ،  يتبعها تصاعد غير مسبوق في الأسعار في ظل محدودية الدخل لدى السواد الأعظم من الشعب السوداني والذي تبدل به الحال الى جوعى ومتسولين .وكثيرون يحرق احشاءهم الحقد والغل الطبقي الذي يفرق ولا يسد.
المظاهرات هي وسيلة تعبير عن حالة الرفض لوضع ما أي كان، لكن ما يجري في الشارع شئ مختلف  ،مرتزقة تراهم أمامك يعبثون ويعبثون بلا أخلاق ولا وازع من ضمير  ولكن حين تستخدم المظاهرات  كوسيلة لحرق ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتهديد لأرواح الناس  ، تتحول المسألة لفوضى ممنهجة يتم تخطى فيها لمساحة الحرية الخاصة الى مساحة حرية الآخرين وهذا يقودنا لأحد المعنيين ، إما أن الدولة فقدت هيبتها تماما في ظل غياب لأجهزتها الأمنية  ، وإما أن ثورة الجياع بذأت تنذر بشاراتها الأولى وفي الحالين أن الدولة بدأت تعيش حالة الإنزلاق للهاوية ، والمحصلة هي  حالة من الصراع بين القوي والضعيف ، وصراع بين الفقير والقادر ، وتختلط المعاني والتعاريف ، بين الضحية والجاني وبين المغتصب والمغتصب ، وبين الحارس والمحروس ، وتتلاشى الحدود الفاصلة بين الخير والشر وبين الحلال والحرام ، وترخص النفوس والأرواح في الحصول على الحد الأدنى من رغيف خبز جاف ، وبذلك تسقط الحدود وتسقط القوانين ، ويفتقد الأمن والأمان ركيزة الدولة وواجبها الأول
إن الصراعات التي تشهدها الدولة لم تكن بسبب وزير أتى أو وزير ذهب ، لم تكن بسبب وجود حمدوك أو ذهابه ، القضية أكبر ، نحن لم نشخص الداء أصلا ولم نقف عنده ، الذي يقف بيمين المريض ، يفتقد للحس الشفيف ، يفتقد الإحساس في الأطراف التي يستشعر بها النبض والألم ، لا سماعة يمتلك، ولا بفراسة يتصف   ، وفي أذنيه وقر لا يجيد السمع إذا إسترق السمع ،فكيف يكون دوننا التشخيص وكيف لنا وصف الدواء والعلاج والعلة لن تمهل طويلا برغم السؤال بالنجاة و خالص الدعاء .
على مجلس السيادة بمقاماته العلية ومجلس الوزراء بقاماته السامية وهم يمثلون المجلس التشريعي في هذه  الفترة الإنتقالية والتي لا نعلم الى متى تبذأ المرحلة القادمة ، على المجلسين الإيعاز والأمر للجهات العدلية أن تستصدر القوانين والتشريعات الحازمة والرادعة ،
التي تحفظ للبلاد مواردها من النهب والسرقة والتهريب على أن يقع كل مرتكبي تلك الجرائم تحت طائلة قانون  الخيانة العظمى والتي ترقى عقوبتها للإعدام .
إستصدار التشريعات التي تحرم تجارة العملة وتداولها خارج القنوات الرسمية  وعدم السماح بنقلها الى الخارج إلا عن طريق القنوات البنكية والمصرفية  العاملة تحت مظلة بنك السودان  .
تحريم العمل المعدني الأهلي وتحريم عمل الشركات الأجنبية العاملة في مجال التعدين والتي تقوم بتهريب الثروات الوطنية الى خارج البلاد دون أن ترفد خزينة الدولة بعائدات الصادر  وبذلك تفقد الدولة والأجيال القادمة  أهم ثرواتهم الوطنية .
أن يتم إستصدار قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه العبث  ، تشويها لصورة الدولة وهيبتها داخل البلاد وخارج البلاد وأن يتم متابعة ومراقبة الأيدي التي تثير الفتن وتعمل على فتق النسيج الإجتماعي
على أن يتم تقديمهم للعدالة وأن تصدر بحقهم إحكاما عاجلة غير آجلة بهدف ضبط إيقاع الشارع .
وبادئ ذي بدء أن توجه كل الوزارات التي لها علاقة بالزراعة وإستصلاح الأراضي والحيواني  بالخروج الى مناطق الإنتاج الزراعي والحيواني وأن تقف تلك الوزارات بكل المتخصصين فيها في ميادين العمل لتقديم كافة التسهيلات والمعينات لزيادة المساحات المزروعة إفقيا وزيادة العائد الأنتاجي رأسيا ، على أن يحقق الناتج المتطلب الداخلي وأن يتم تصدير الفائض.
سنتابع في المقال القادم وفي نفس الإطار المهام المرجوة من مجلس الوزراء الذي تم تشكيله تحت مظلة السلام ،[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..