
ظاهرة استغلال الدين الخاطئ ليست بجديدة علينا.
فهو أقصر الطرق الموصلة للغايات السياسية.
فحتي الأوربيون استغلوا الدين فكانت حملاتهم الاستعمارية التوسعية نحو الشرق العربي تحت رايات الصليب المسيحي.
وكذلك الكيزان فقد حكموا السودان ثلاثون عاما باستغلالهم الدين الخاطئ دون تطبيق للشريعة الاسلامية او الحدود.
وفي عهدهم وصل الفساد مداه فكان سرقة كل مقدرات الشعب.
وفي عهدهم كذلك وصل القتل مداه فكانت ابادات دارفور.
وحينما رأي الكيزان أن الفساد والقتل قد دبوا كل نفس وكل بيت وكل هيئة وكل مؤسسة عزموا أن يخدعوا الناس من جديد بتغيير شكلي فاتخذوا كتاب الله بيد وسنة نبيه باليد الأخرى.
ليعودوا علي صهوة جواد “الإسلام السياسي” الذي بدأ تاريخه عام ٣٧ هجرية في معركة صفين و بالصراع الذي نشب بين معاوية بن أبي سفيان و علي بن أبي طالب ورفع المصاحف على السنة الرماح.
فهاهم الآن نراهم يحشرون الوعظ الديني الذي يصب في مصالحهم في كل لقاءاتهم الشعبيه اقناعا للناس وقد اخذوا من القرآن ما يوافق اهوائهم.
وكانوا دوما يكثرون من ذكر الابتلاءات الإلهية تبريرا وهروبا من فشلهم الذي كان.
وكانوا يصورون للناس أن من يحاربهم هم الكفار والملاحدة وإعداء الدين.
و كأن الأمر جله ابتلاءات الهية .
وكانوا يقولون إنّ هذه الابتلاءات والمخططات ستتواصل ضد السودان ولن يترك السودان في شأنه ما دام يتمسك بالإسلام والجهاد،
ومن قبل طالب حسبو محمد عبد الرحمن نائب المخلوع إن المشاكل التي يمر بها السودان هي ايضا ابتلاءات من الله، مطالبا الشعب السوداني بالتضرع إلى الله،
رغم إن المسلمين هم أكثر الأمم تلقيا للمساعدات الدولية بسبب الكوارث التي ظلت تحل بهم من حين لآخر ليأتي رجال الدين لينسبوا الأمر للابتلاءات الإلهية دون غيرها.
يقول أحد فلاسفة إيطاليا وهو “كانيتي:” خلال بعض الفترات تظهر حالات يصعب معها التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف وما دامت هذه الحالة لم تجد نقطة مغايرة تستند عليها فان الإنسانية سوف تتمادى في عملية الهدم” عملية الهدم هذه يقول كانيتي تستهدف هدم كل ماهو جميل
وهذا ما كان يفعله الكيزان.
ويقول الفيلسوف الفرنسي جورج باتاي وبعد عودته من زيارة لمغارة لاسكو لاحظ أن سكان هذه المغارة قاموا برسم صور الحيوانات فقط ولم يقوموا برسم صور الإنسان فتساءل ما السر وراء ذلك؟ ثم أجاب: إن أولئك كانوا يتهيئون للانفصال عن حيوانيتهم من جهة ومن جهة ثانية لم يكن باستطاعتهم القيام بتعبيرات من مستوى عال عن مستواهم لأن انسانيتهم لم تتحقق بعد… وربما لهذه الأسباب فالدنيا مليئة بالضحايا والإرهاب لأن فينا وحتي الآن من هم محتفظون بحيوانيتهم.
وحقا فلقد كانت جحافل الكيزان العسكرية أكثر حيوانية من الحيوانات المتوحشة ذاتها
لذا فمن العقل أن لا ننتظر منهم خيرا وقد فشلوا ثلاثون عاما.
وقد صدق ‘عزة علي بيكوفيتش’ فقد حضر يوما متأخرا إلى المسجد وجلس في الصفوف الأخيرة، فقال له بعض المصلين بأن يتقدم، فالتفت إليهم قائلا: “هكذا تصنعون طواغيتكم“.
الآن ومن جديد ها هم يرصون صفوفهم وقد حملوا اسنة رماحهم من جديد ليرفعوا عليها المصاحف في فصل جديد لاستغلال الدين.
ولكن لا اظن انهم سينجحون هذه المرة.
الشعب السوداني شعب واعي ولا يلدغ من جحر مرتين.