حملة ضد قيادات الإسلاميين في السودان وتحذيرات من الانزلاق نحو الفوضى

أثارت الحملة التي أطلقتها السلطات السودانية ضد قيادات القوى الإسلامية ردود فعل واسعة في الشارع السوداني، حذر بعضها من أن تقود البلد إلى “الانزلاق في الفوضى”.
وظل السودان تحت قيادة الإسلاميين منذ عام 1989 حين انقلب الرئيس المخلوع عمر البشير على السلطة المنتخبة آنذاك بقيادة الراحل الصادق المهدي.
والخميس، أصدرت لجنة تصفية حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا، أوامر اعتقال واسعة طالت عددا من قيادات الإسلاميين في الخرطوم والولايات، على خلفية احتجاجات عنيفة تشهدها البلاد، بحسب وكالة رويترز.
ومن بين من طالتهم أوامر الاعتقال نائب البشير السابق، حسبو عبد الرحمن، والقيادي في الحزب حسين خوجلي، والعميد المتقاعد الموالي للإسلاميين محمد إبراهيم، الملقب بـ “ود إبراهيم”، ومدير شركة “زادنا” السابق أحمد الشايقي، فضلا عن آخرين قالت تقارير محلية إنهم اضطروا للاختباء، تفاديا للاعتقال، كما ذكرت وسائل إعلام محلية.
“حرب اقتصادية”
ويقول ناشطون وبعض المسؤولين إن تلك الاحتجاجات “مفتعلة” لإفساد جهود رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لتحسين الأوضاع.
ووصف متحدث باسم “لجنة تصفية المؤتمر الوطني” الوضع بأنه “حرب اقتصادية” على حكومة حمدوك التي تكافح مع ارتفاع الأسعار ونقص الوقود والخبز، وفق رويترز.
“آن الأوان لمحاسبة الإخوان”
وتقود السودان حاليا سلطة انتقالية يقودها عسكر، ومدنيون كانوا جزءا أساسيا من الانتفاضة التي أطاحت بالبشير في أبريل 2019، بعد ظروف اقتصادية طاحنة.
وعلى الرغم من مرور قرابة عامين على أسقاط نظام البشير، لا تزال الأوضاع الاقتصادية في البلاد سيئة.
وتقدر أرقام حكومية أن أكثر من نصف سكان السودان، يعيشون تحت خط الفقر، حسب وكالة الانباء الفرنسية.
ويقول الناشط السياسي أيمن تابر إن الحملة الأخيرة ضد الإسلاميين “خطوة إيجابية رغم أنها تأخرت كثيرا.. لقد آن الآوان لمحاسبة الإخوان على كل الجرائم التي ارتكبوها على مدار ثلاثين عاما في السودان”. هي عمر حكومة البشير السابقة.
وأضاف تابر لموقع الحرة “إذا تم إصلاح المنظومة الأمنية والعدلية، فالحملة قادرة على وقف آلة النشاط التخريبي للأمن والاقتصاد”.
المجلس التشريعي
وتنص الوثيقة الدستورية التي تم بموجبها تكوين السلطة الانتقالية في أغسطس 2019، على انشاء مجالس سيادة ووزراء، وتشريعي، بيد أن المجلس التشريعي لم يحسم أمره حتى الآن.
الخبير الاستراتيجي محمد الطيب قال إن الحملة التي بدأت ضد الإسلاميين “جيدة”، لكن “المشكلة الحقيقية الآن هي أن الإسلامويين أصبحوا شركاء في الحكم ضمن اتفاق السلام”.
وتلك إشارة واضحة إلى اتفاق جوبا للسلام الذي أبرم في أكتوبر الماضي وتم بموجبه إشراك مجموعات إسلامية في الحكم من بينها حركة العدل والمساواة المقربة من حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الراحل حسن الترابي.
وأضاف الطيب بقوله لموقع الحرة “الحملة لن تنجح من دون إجراء إصلاحات على رأسها تشكيل المجلس التشريعي لمحاسبة الناس بعيدا عن المجاملات والمحاصصات “.
“مزيد من الفوضى”
وشكل حمدوك الذي أدت حكومته الجديدة اليمين، الأربعاء، مجموعة عمل من الوزراء، لمراقبة الوضع بعد الاحتجاجات.
ويرى مراقبون أن الإسلاميين “واقع لا يمكن استبعاده عن المشهد السياسي في السودان، ولديهم مجموعات كانت مناهضة جدا لنظام البشير” السابق.
وحذر المحلل السياسي عثمان عبد الرحمن “من انزلاق السودان إلى مزيد من الفوضى في حال مواصلة الضغوط على الإسلاميين”.
“ليس لديهم ما يقدمونه”
وشهدت عدة مناطق في السودان مؤخرا، مثل شمال كردفان، أعمال عنف واسعة وسط دعوات لإعلان حال الطوارئ فيها.
وقال عبد الرحمن لموقع الحرة “هناك متغيرات، ليس على مستوى الداخلي فحسب، بل حتى على المستوى الإقليمي، ستخدم الإسلاميين”.
بيد أن الناشط أيمن تابر قال إن “الإسلاميين لا يملكون أي شي يقدمونه، ولا يمثلون أي تهديد، وهم أذكى من مواجهة الحكومة والشارع في هذا الوقت”.
واقتلعت ثورة شعبية اندلعت في ديسمبر 2018 نظام الرئيس السابق عمر البشير، بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.
وقد لعبت قوى مدنية من بينها لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير دورا بارزا في الثورة، وحذرت من أنها ستقف بالمرصاد لكل من يحاول عرقلة التحول الديمقراطي في السودان.
الحرة