الأدب وصنع السياسات المشابهة

أحببت كثيرا الأدب الإنجليزي والغربي بشكل عام كنت مدمناً لقصص شارلز ديكنز احبب رواية أوليفر تويست بشكل جنوني حتى أنني ذات إجازة قرأتها مرتين كنت مولع بتصوير ديكنز للحياة الإنجليزية الصارمة التي يتحكم فيها البرتوكول على الجميع وتصويره لفتيان الشوارع الأذكياء الأقوياء وللملاجئ وللحياة المادية الصرفة التي كانت تسيطر على المجتمع الإنجليزي حيث لا يعرفون للروحانية طريق إلا يوم الأحد أو عندما يخطئ شخص ما ويذهب ليطهر نفسه من الخطايا بدفعه مبلغ زهيد في الكنيسة .. دلفت بشغف كبير نحو الأدب الفرنسي قرأت لموليير روايته الخالدة ترتوف الذي برع موليير في تأليفه لهذه المسرحية التي تصف حال الفرنسيين والطبقة النبيلة التي تعتد بديانتها المسيحية حيث يأتي دور ترتوف القسيس الذي يلعب دور المؤمن الزاهد إلا أن موليير قد دس في هذه الشخصية فلسفة حياة كاملة ومجتمع كامل متدين تدين شكلي ظاهري .. قرأت لشكسبير ودانتي والبير كامو وصامويل بيكيت رائعته في انتظار قودو في أدب العبث واللا معقول ..
كل هذه ربما تكون تصوير وجودي حق لما قامت عليه بعد ذلك السياسة الغربية وهي تتحكم في مصير السياسات العالمية سوى كانت كفاعل رئيس في الغالب كسياسات تتسم بالعبث واللا معقول أو كوصي اساسي خاصة في سياسات العالم الثالث وما يحدث الآن في فضاءات السياسة التي نراها الآن في العالم العربي والإسلامي خاصة السودان التي وإن قمنا بتفكيك ممنهج لهذه السياسات لوجدنا جل هذه الآداب مقاربة لأدب العبث ومحاكية له .
إن المقاربة لهذه الآداب واسقاطها على واقع السياسة أمر محتوم يجب أن يتطرق إليه علماء العلوم السياسية حتى يتم التنبؤ بما يحدث بعد ذلك محاولة منهم لإعطاء حلول لمشاكل واقعية حقيقية في السياسات التي اصبحت لها مطابخ مخصصة تصنع فيها وتتحكم فيها وتسير بها العملية على نطاق الفضاء السياسي العام ..
طارق هارون
[email protected]