مقالات وآراء سياسية

ما حدثك مثل خبير

طيفور البيلي
“شوية فضفضة”
كنت اظن ؛ ويا لخطأ ظني ، ان عبارة “ما حدثك مثل خبير” انما هي إشارة الى ان الخبير هو من يتسم بالعلم والخبرة المعتمدة والموثقة والمصداقية ، وبالتالي لا قول يعلو على قوله في شأن يرتبط بمجال خبرته فعلاً لا اعتباطا ، كما ان صفة “خبير ” ليست صفة يمنحها هو لنفسه دون سند او شهادة ذات اعتماد ومصداقية .. كنت اظن ذلك .. الى ان انفك فينا عبر مختلف شاشات الفضائيات سيل من الخبراء ، وكان ذلك تحديداً ابان الثورة ضد حكم الإنقاذ في ٢٠١٨ – ٢٠١٩ ، وامتداداً الى انقلاب البرهان .. ويتزايد عددهم كل يوم ، فهذا خبير استراتيجي ، وذاك خبير أمنى وعسكري ، وذلك خبير حربي وسياسي ، الخ .. ولا ندري من الذي منحهم وصف خبير ، وعلى أي أساس حازوه لانفسهم بأنفسهم .. الشاهد في الامر ، وانه بعد استماعي واستمع العالم كله لهؤلاء واحداً تلو الاخر عبر القنوات الفضائية ، فقد أدركت ان المقصود بما حدثك مثل خبير ربما كان المقصود بها انه لا يحدثك بـ “العجب العجاب” الا مثل هؤلاء الخبراء ، فانت لا تملك الا ان يسقط فكك الى الأسفل وينفغر فاهك وينفطر قلبك وانت تستمع الى ما يقولون. ولابد ان لاحظ الجميع السمات المشتركة بينهم : جميعهم يقفون مدافعين عن الانقلابات والسلطات الغاشمة سواء البشير وطغمته ، او البرهان وشلته ؛ انهم جميعاً يكذبون بلا خجل او وجل، وفي افضل الأحوال يقومون بلي عنق الحقيقة وخلط الحقيقي بما هو كذب صراح ؛ انهم جميعاً يتسمون بضعف اللغة والتعبير وضعف المنطق ويجيدون المغالطة بالباطل دون الحق ؛ وانهم جميعاً سريعوا الغضب ويعلو صوتهم وتتجهم اساريرهم اذا ما كان المذيع المحاور لهم شفتاً حريفاً ومطلعاً وقام بحصارهم في ركن من اركان النقاش مبرزاً خطل منطقهم وتناقضاتهم ؛ وانهم جميعاً يتطلعون بتطبيلهم هذا الى مناصب ومكاسب يحلمون بها ،، ولذلك ظهر كبيرهم “الذي تعرفون” منذ يومين على احدى القنوات بعمامة ناصعة البياض تنافس في تميزها عمامة احد مشاهير الفنانين ، وجلباب ابيض بذٌل وقت طويل في مكوته ، وعزز ذلك بعصا ذات مقبض مطعم بالصدف او ما شابه ، ومن الواضح ان كل ذلك استعداداً لتولي المنصب الموعود ؛ وربما تقليداً لما فعله حفتر بخلع اللباس العسكري وارتداء بذلة مدنية لابد ان صانعها ارماني استعدادا لتولى الرئاسة ..
خلاصة القول ، ان على الخبراء “الحقيقيون” ان يبحثوا لانفسهم عن title وتسمية أخرى ، فلدى الشعب الان حساسية  متزايدة من كل من يقدم نفسه بوصفه خبير كذا او كذا ،  وينظر إليهم باعتبارهم من الأخسرين أعمالا..
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..