مقالات وآراء

التحويل عبر البنوك واجب، و ليس عاطفة وطنية عابرة.. 

خليل محمد سليمان

لم نسمع بسويدي تغنى بأنه لو لم يكن سويدياً لتمنى ان يكون سويدياً، و قس علي ذلك كل العالم المتحضر الذي يعيش معنا في ذات الكوكب، و لم نسمع بأمريكي تغنى لجيش بلاده الاعظم في العالم، و الذي يمكنه ان يتحرك بعدته، و عتاده لأجل مواطن واحد، بجيشنا يا جيش الهنا.
لم نسمع بومواطن حتي في الدول المتخلفة التي نسبقها بآلاف السنين الضوئية إحتفى لأنه تعامل بالقانون، و قام بالواجب، كما نفعل هذه الايام.
لم نسمع بفنان، او شاعر يتم توظيفه لأجل دغدغة مشاعر البسطاء للإلهاء، و القيادة العمياء، التي تخاطب العواطف بعيداً عن الحقوق، و الواجبات، ليصبح الفن، و الادب آلات سياسية تسهم في التخلف، و الإنحطاط.
تصنع الديكتاتوريات، و الشموليات الآلة الإعلامية الإحتفائية لأجل التغطية علي الاخطاء، و مداراة التقصير، و الفشل، بل الاسوأ غياب المحاسبة، و إعمال العدالة.
و الثابت ان القائد لا يُخطئ، و الزعيم سيظل خالداً، و يُصبح قبره حاضراً له منبر، و صوت، حين تحكم المقابر.
بعد الحرب العالمية الثانية خضعنا لأسوأ معسكر حيث الإعتماد علي العامل النفسي، و العاطفي لدي الشعوب في مخاطبة القضايا من الحرب، الي رغيف العيش، و لا توجد منطقة في الوسط، فإما الخيانة، و الشيطنة، و العمالة او الإستسلام، و الرقص، و الهتاف لأجل إرضاء الزعيم، و الملهم القائد.
لذلك تقزمت كل حركتنا لننتظر الزعيم المخلص، و كل آلات النفخ، و التطبيل في اتم الجاهزية.
لابد من مخاطبة هذا الخلل النفسي بواسطة الدراسات، و البحوث.. ما من دولة قامت او حضارة دون ان تخاطب قضايا المجتمع ليتعافى من امراض العاطفة بلا هدى.
الاكيد ايّ فعل تحكمه العاطفة إن بلغ ذروته يبدأ في التآكل، و الإندثار.
اما إرتباط الاشياء بالمنطق الذي يُبنى علي الحقوق، و الواجبات سيظل راسخاً، و تعززه الفطرة الإنسانية السليمة التي تنشد التطور، و التقدم كإستحقاق، و ليس هبة تُنتظر لتأتي من رحم المجهول بلا عمل.
الحالة العاطفية الجياشة التي نحن بصددها هذه الايام، و تعويم الجنيه، و ضرورة تحويل الاموال، و كل التعاملات عبر البنوك، و المنافذ الرسمية هي واجب، و ليس فضل، او مقياس للوطنية من عدمها، و هذا هو اساس الحياة المدنية المحترمة التي يستحقها الوطن، و المواطن بلا إحتفاء، او تكريم لطرف.
دفع الضرائب واجب، و ليس مقياس للوطنية، فإن لم تقم بهذا الواجب تُعد مُجرم ستذهب الي السجون في البلاد التي تعرف و تفرق بين الواجب، و الوطن.
بذات القدر تحويل اموالك عبر اي جهة اخرى يُعد جريمة يجب ان تُعاقب عليها لطالما لم تعد هناك مبررات للمخالفة، و إنتهاك القانون.
هنا يجب ان تُستغل هذه الحالة للتوعية بالواجبات بعيداً عن العواطف، و علي الحكومة إعمال القانون بالتوازي، و تفعيله بصورة صارمة دون ايّ تهاون، او خوف، و ان يقف الجميع امام منصاته بالتساوي تفصلهم مسافة واحدة.
في حال المعارضة او الموالاة فعلي الجميع الإلتزام بالقانون، و مخالفة القانون جريمة تستحق العقاب، و إن قمت بواجبك لا يعني انك بطلاً قومياً تستحق، التكريم، و الشكر، و الثناء، ليصبح الوطن اسير لجهلنا، و يدفع ثمن امراضنا النفسية الموروثة، و المتراكمة منذ حقب عفنة لا نزال ندور في فلكها، و مداراتها المظلمة.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..