مقالات سياسية

دارفور وأنا !

*تناولت خلال الايام الماضية موضوع (احتلال) قوات (مناوى) للحديقة الدولية في وسط الخرطوم، معبراً عن احتجاجي الصارخ باعتبار أن المدن للمدنيين، وأن المكان الطبيعي للعسكريين هو الثكنات والمعسكرات بعيداً عن المدن وهو النظام السليم المعمول به في كل دول العالم الحر، وسأظل أكتب وانتقد الوجود العسكري داخل المدن ولن أسكت عن ذلك، بغض النظر عن انتماء هذه القوات والمكان الذي تأتي منه، الغرب أو الشمال أو الوسط أو الجنوب، ولن تخيفني الاساءات والاتهامات!

*أحمد الله إنني كنت أول من دافع عن أهل دارفور مما عرضني للأذى البالغ خلال العهد البائد، ولست نادماً على ذلك، وسأظل أدافع عنهم إن شاء الله الى ان ينالوا حقوقهم كاملة وتتحقق العدالة والسلام الحقيقي لهم ولكل مواطني السودان، وليس السلام المزيف الذي لا يحقق سوى مصلحة قلة انتهازية على حساب أهل المصلحة الحقيقية.

*صحيح ان الخرطوم ظلت تحتضن لفترة طويلة من الزمن عددا من الثكنات العسكرية قبل ترحيل معظمها الى خارج العاصمة قبل بضع سنوات، ولم يتبق منها سوى القيادة العامة للجيش بعدد محدود من القوات الرمزية، بالإضافة الى جنود هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن وقوات الدعم السريع، وهو وضع خاطئ، كثيراً ما انتقدته خلال العهد البائد، ولا يجب ان يكون مبرراً لدخول قوات أخرى مهما كان الدافع!

*كما انتقدت المظاهر العسكرية مثل وجود المدرعات والعربات المدججة بالسلاح أمام الجسور والمنشآت العامة مثل بنك السودان، باعتبار انها تعطي انطباعاً لدى المواطن والزائر بانعدام الامن في البلاد وإلا لم تكن هنالك حاجة لوضع الدبابات والمدرعات والعربات المدججة والجند أمام مداخل الجسور والمنشآت، وما لذلك من أثر سلبي على كل شيء بدءاً من الاحساس بالأمان والاطمئنان وحتى مجالات السياسة والاقتصاد وكل شيء آخر.

*لا يمكن لزائر او سائح او مستثمر أو أي شخص آخر أن يغامر بالزيارة او العمل في دولة ينعدم فيها الأمن والأمان، وتتناقل أجهزة الاعلام صور المدرعات والعربات المدججة وهي تقف على مداخل الكباري وأمام المنشآت العامة في عاصمتها، وتحتل القوات المدججة ميادينها العامة وحدائقها، فمثل هذه الدولة لا بد ان تكون في حالة حرب او تهددها الحرب، أو ينعدم فيها الأمن، فما الذي يرغمه على زيارتها دعك من استثمار أمواله فيها!

*ومن حق المواطن أن يشعر بالأمان في المدينة ويعمل ويتحرك ويتجول بحرية بعيداً عن الوجود العسكري والمظاهر العسكرية التي تحد من حرية الناس وتدخل الخوف في النفوس حتى لو لم تعترض طريقه، فالأمن إحساس، وليس وجوداً عسكرياً، وكلما زادت المظاهر العسكرية كلما قل الاحساس بالأمن وزاد الخوف في النفوس، وليس العكس كما يظن الكثيرون!

*الأمن يُحس ولا يُرى، وهي جملة مشهورة يتناقلها المدرسون والطلاب في كليات ومعاهد الشرطة، وإذا اردت أن تقتل الأمن في النفوس وتشيع الخوف فاملأ الساحات والميادين والطرق بالمظاهر العسكرية، والعكس صحيح لذلك استعاضت الكثير من الدول بالوجود الأمني الصامت عن المظاهر العسكرية وعن الزي العسكري بالأزياء المدنية، وتخفيض درجة التسليح وعدم حمل السلاح بشكل ظاهر للعيان ..إلخ وعدم استخدامه الا في حالات الضرورة القصوى وغيرها من الوسائل التي تقلل من المظاهر العسكرية في المدن ومجتمعات المدنيين لما لها من آثار سلبية كثيرة وكبيرة، دعك من الانتشار الكثيف في الطرق واحتلال الحدائق والمنتزهات بالمدافع والعربات المصفحة !

*سأظل أكتب الى ان تتحرر الخرطوم وكل مدن السودان من الوجود العسكري والمظاهر العسكرية إن شاء الله، فالمدن للمدنيين ومَن أراد دخولها من العسكريين، فليدخلها كمدني مظهراً وجوهراً وسلوكاً وتصرفا، سواء كان من الشمال او الجنوب او الشرق أو الغرب، أما العسكر والزي العسكري والمدافع والاسلحة والعربات المدججة فمكانها الثكنات وميادين القتال بعيدا عن المدنيين!

*مرحباً بكل أهل دارفور والسودان في عاصمتهم ، وسأظل أدافع عن دارفور وحقوق أهلها حتى لو كلفني ذلك حياتي، ولكنني لا لعسكرة الخرطوم والمدن واحتلال الحدائق والميادين بواسطة العسكريين وحرمان المدنيين منها، مهما كان الدافع !

الجريدة

‫7 تعليقات

  1. أنت عندما تناولت موضوع دخول قوات مناوي , سميته احتلالا !
    و بدلا من أن تنتقد الجهات االتي وقعت ااتفاقية السلام و لم تتوفر مكانا لهذه القوات , جعلت الامر احتلالا !!!

    1. نعم هذا احتلالا ولما لا؟ قوات ومدرعات داخل العاصمة مالسببب؟ قالو ترتيبات سلام اي ترتيبات سلام؟ ومن هم جاؤ لكي يحفظو له السلام ؟ هل في داخل الخرطوم في حرب؟ يكفي الشرطة في داخل العاصمة؟ هذا استعراض واشك في انو هذه القوات قواته بل انه اتي بهم من ليبيا من المرتزقة ليستعرض بهم؟ لااحد منهم يملك قوات ماعدا عبدالواحد؟ شكرا زهير وقمت بكشف هؤلاء المرتزقة وشكرا لتضامك مع اهل دارفور ونحن في دارفورنعرفهم جيدا هؤلاء المرتزقة الانتهازين اللذين يتاجرون بقضيتنا؟؟؟

  2. يا دكتور زهير اكتب ما يمليه عليك ضميرك ومبادئك ولا تلتفت لتلك الاصزات النشاذ هناك وهناك , فالعدالة لا تتجزأ فمن يوصفك بالعنصرية والصفوية شخص جاهل او صاحب غرض.انا دارفوري اصيل لكن ضد تواجد اي مليشيات مسلحة داخل المدن ساوء الخرطوم ام غيرها من المدن واي كانت هذه القوات بما فيهم الجنجويد الذين يسمونهم زورا وبهاتا بالدعم السريع الذين يزرعون الرعب والخوف في نفوس الاطفال والنساء والمدنيين العزل..اضع صوتي فوق صوتك يجب اخراج كل المسلحين من داخل كل المدن

  3. أين مقالاتك عن هيئة العمليات وهي تتوسط البلد لعشرات السنين؟؟ أين؟ في أي صحيفة؟ الرجاء مدنا بتاريخ المقال.

  4. وجود القيادة العامة للجيش في نص الخرطوم يعتبر إشكال كبير ويجب ان يحل بأسرع ما يكون

  5. الزميل الصحفى زهير السراج ( ابو رماح)
    تحية و تجلة
    ادب الخلاف الفكرى و شرف الخصومة السياسية تجعلنا نشيد بكل حرف سطره يراعك و لكن …اختلفى معك فقط فى مفردة ( احتلال) فاحتلال هذه دوما صفة للمستعمر ..و الكوماندوز منى قد نختلف او نتق معه فى طرحه و لكن الحق يقال هو سودانى اصيل…
    ففى ظل الجو العام الذى لا يخلو من الاستقطاب العنصرى الحاد ينبغى لنا كاعلاميين انتقاء كلماتنا ومفرداتنا بشدة
    صحيح ربما هنالك بعض المرتزقة من قبائل التماس بقوات منى او بكل حركات الكفاح المسلح و لكن كما تعلم ان السودان يحيط به عدة دول و بالتالى هنالك قبائل تماس..مثلا نحن النوبيين الدناقلة ابناء عمومتنا بكوم امبو يالقرب من اسوان قرى التهجير يتحدثون نفس لهجتنا المحلية و ملامحهح هى نفس ملامحنا النوبية السمراء و هكذا بشرق السودان نجد التداخل بين مجموعات البجة مع مجموعات اخرى بداخل الحدود الارترية و هكذا بغرب السودان مجموعات الزغاوة تجدها بغرب السودان و بشرق تشاد…
    تحياتى و وشكرى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..