أخبار الرياضة

غياب الإحصائيات حول الأسر الفقيرة.. تحد كبير أمام برنامج “ثمرات”

بدأت الحكومة بتحويلات نقدية مباشرة لـ80 ألف أسرة فقيرة، وهو رقم يعكس مدى الصعوبات التي تنتظر السلطات في الوصول إلى نحو 30 مليون نسمة مصنفين فقراء يجب أن يصلهم برنامج “ثمرات” لدعم الأسر.

ويستهدف البرنامج المدعوم من شركاء السودان “مانحون” في مرحلته الأولى 4 ولايات هي الخرطوم وجنوب دارفور والبحر الأحمر وكسلا، باعتبارها الأكثر فقرا وتعدادا سكانيا، على أن تشمل مراحله الأخرى 14 ولاية أخرى.

وجاء إطلاق برنامج “ثمرات” بعد سياسات اقتصادية قاسية أعلنتها الحكومة الأحد الماضي بتخفيض قيمة الجنيه السوداني بنسبة 85%، وتوحيد سعر الصرف ضمن إصلاحات يطلبها المانحون الأجانب وصندوق النقد الدولي.

وبدأت الحكومة منذ أغسطس/آب 2019 تنفيذا تجريبيا لبرنامج الدعم المباشر كبديل للدعم السلعي للوقود والخبز والكهرباء بعد رفع الدعم الحكومي عن هذه السلع والخدمات.

خطة عمياء

دشنت الحكومة السودانية برنامج “ثمرات” على عجل تحت من ضغط الاتحاد الأوروبي الذي حثها الاثنين الماضي على الإسراع في إطلاق برنامج دعم الأسر، لتخفيف آثار الإصلاحات الاقتصادية على السكان.

وعلى إثر ذلك حل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وعدد من وزراء حكومته الأربعاء الماضي ضيوفا على محلية جبل الأولياء في أقصى جنوب العاصمة الخرطوم لتدشين البرنامج من هناك حيث يستشري الفقر.

وتأخرت الحكومة في إطلاق البرنامج تلبية لشروط حددها المانحون بشكل مسبق تتعلق برفع الدعم الحكومي عن السلع وتوحيد سعر صرف العملة الوطنية في السوق الموازي والمصارف، وما إن تم توحيد سعر الصرف حتى بدأت تدفقات المانحين لبرنامج “ثمرات”.

لكن الحكومة وبعد تحقق هذه الشروط القاسية تواجه مشكلة عدم وجود معلومات وإحصائيات خاصة بالفقراء، وهو ما يجعلها تتحرك كعمياء في حقل من المتاريس.

ويحمّل عز الدين الصافي رئيس مفوضية الأمان الاجتماعي والتكافل وخفض الفقر التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية مسؤولية غياب الإحصائيات للنظام السابق الذي -بحسب تعبيره- كان يعمد إلى حجب نسب الفقر الكبيرة لاستشعاره بخطر الفقر.

مشكلة الهويات

تبدو مشكلة الرقم الوطني “الهوية” أكبر مشكلة تواجه برنامج “ثمرات”، باعتبار أنها الشرط الرئيسي لنيل الدعم المحدد بنحو 5 دولارات للفرد الواحد.

ويرهن رئيس مفوضية الأمان الاجتماعي والتكافل وخفض الفقر تسلم التحويلات النقدية بالرقم الوطني، مما يتطلب من كل المواطنين في جميع الولايات التسجيل.

وأعلن أن برنامج التحويلات النقدية المباشرة إلى 80 ألف أسرة ضمن برنامج “ثمرات” بدأ اليوم الأحد، لأسر في ولايات الخرطوم والبحر الأحمر وكسلا وجنوب دارفور.

بدوره، يؤكد الخبير الاقتصادي عادل عبد المنعم أن مشكلة بطاقات الهوية ستكون معضلة تواجه “ثمرات”، لأن السودان بلد شاسع، والاقتصاد فيه غير منظم، ومعظم المواطنين بلا بطاقات هوية.

ويبين أن التكلفة الإدارية للبرنامج من أجل الحصول على المعلومات والوصول إلى الشرائح المستهدفة -التي في الأغلب لا تملك حسابات بنكية- كبيرة.

ويقول عبد المنعم للجزيرة نت إنه يمكن تطوير الاتصال بالفقراء مستقبلا بإحصائيات موثوقة ومدروسة، مع دفع مبالغ أكبر واعتبار برنامج “ثمرات” مشروعا تجريبيا.

ولا يرى مشكلة في تطبيق البرنامج في المدن أولا، لأن الفقر فيها أكبر من الريف.

أرقام أساسية

ووفقا لمدير مركز الراصد للدراسات السياسية والإستراتيجية الفاتح عثمان محجوب، فإن برنامج “ثمرات” تصل تكلفته إلى 1.8 مليار دولار، وهو ممول بالكامل من شركاء السودان، مثل أميركا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي.

ويشير محجوب في حديث للجزيرة نت إلى أنه سيتم توزيع مبلغ 5 دولارات شهريا لحوالي 80% من سكان السودان، أي أن هذا البرنامج سيستفيد منه حوالي 30 مليون مواطن.

ويوضح أنه بناء على ذلك فإن أسرة من 6 أفراد ستنال 30 دولارا شهريا، وهو مبلغ سيساهم في تخفيف حدة الفقر، وسيساعد المواطنين على شراء حاجياتهم الأساسية.

ويضيف أن هذه المبالغ ستنهي حالة الركود الاقتصادي الحالي التي دخل فيها الاقتصاد السوداني بعد وصول التضخم إلى 305% الشهر الماضي.

تحدي الاستمرار

وفي ظل التزام البنك الدولي ومانحين آخرين للمرحلة الأولى من برنامج “ثمرات” بمبلغ 400 مليون دولار، وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 330 مليون دولار والولايات المتحدة 700 مليون دولار سيكون على الحكومة السودانية البحث عن موارد أخرى لدعم الفقراء بعد 18 شهرا.

ويقول الخبير الاقتصادي أحمد الشيخ في حديث للجزيرة نت إن الاستمرارية بالفعل ستشكل تحديا للبرنامج، لأن الحكومة يجب أن تكون لديها إجابات عن أسئلة ملحة، مثل: هل سيستمر الدعم الخارجي؟ وإذا توقف من أين تحصل على موارد لاستمرار “ثمرات”؟

وينصح الشيخ الحكومة الانتقالية بالعمل على موارد ذاتية قبل انتهاء الـ18 شهرا، ويقترح تخصيص نسبة من الأموال التي كانت تدفع لدعم المحروقات.

بدوره، يفيد مدير مركز الراصد للدراسات السياسية والإستراتيجية الفاتح عثمان محجوب بأن البرنامج بحجمه الحالي الذي سيتم تطبيقه هذا العام لن يتواصل إن توقف شركاء السودان عن دفع المبالغ ذاتها العام القادم.

ويرى محجوب أن وزارة المالية يمكن أن تواصل توزيع الأموال لعدد أقل وربما بمبالغ أقل إن توقف الدعم الدولي لـ”ثمرات”.

بين التمويل وثمرات

ويفضل الخبير الاقتصادي أحمد الشيخ عمليات التمويل الأصغر التي تبناها النظام السابق لإعانة الفقراء على برنامج “ثمرات” من باب المثل القائل “لا تعطني سمكة، بل علمني كيف اصطاد”، بحسب تعبيره.

ويقول إن ثمة أخطاء صاحبت التمويل الأصغر يمكن معالجتها، مثل الضمانات المعقدة التي تطالب بها المصارف الغني والفقير، كما أن البنوك لم تلتزم بتخصيص 12% من مواردها للتمويل الأصغر واكتفت بـ3 و4% فقط.

من جهته، مدير مركز الراصد الفاتح عثمان محجوب يرى أن برنامج “ثمرات” يساعد على تخفيف المعاناة عن الفئات الضعيفة، مع تحقيق ترشيد في الاستهلاك للسلع التي كانت مدعومة سابقا، وبالتالي تقل فاتورة الاستيراد.

ويبين محجوب أن من أهم متطلبات تمويل “ثمرات” إلغاء الدعم عن الوقود كليا وعن الكهرباء والخبز جزئيا، وهو ما تم إنجازه أولا، ثم تطبيق توحيد سعر الصرف للجنيه، لتحسين قدرة النظام المصرفي للتعامل مع النظام المصرفي الدولي وجعل السودان قادرا على التعامل مع حركة أموال المستثمرين منه وإليه.

ولا يرى أن “ثمرات” سيكون عبئا على الموازنة، لأنه ممول بالكامل من شركاء السودان والوكالة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، بل سيساهم في تحسين القوة الشرائية ويحرك الاقتصاد ويقلل حدة الفقر وأزمة المعيشة.

كما يستبعد الخبير الاقتصادي عادل عبد المنعم أن يتسبب “ثمرات” في مفاقمة التضخم، لأن المبالغ صغيرة وتأتي بالعملة الصعبة، وبالتالي يمكنها احتواء التضخم.

وبشأن طرائق الدفع، قال وزير الاتصالات والتحول الرقمي هاشم عبد الرسول لدى تدشين البرنامج إن رب الأسرة يمكنه تلقي الدعم من المحفظة الإلكترونية عبر شركات الاتصالات والحسابات البنكية والصرافات الآلية أو الدفع المباشر.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..