الصحافة والتحرر من قوانيين متعددة المسميات

مهمٌ جداً أن يجد مشروع قانون الصحافة والمطبوعات لعام (2012) الاهتمام الخاص من الصحفيين والمعنيين بأمر الحريات العامة، والسعي لانتزاع حق الصحافة في الحرية التي تشكل الدينمو المحرك لكافة أشكال العمل الصحافي والحق في التعبير، وإلا يعني ضمنياً التخلي عن حرية الصحافة في مرحلة تفرض على الصحافة أن تلعب دوراً جوهرياً في التغيير المطلوب وفقاً لإرادة الشعب السوداني، لأن شد الوثاق على الصحافة سيؤدي إلى ارتفاع درجة الاحتقان والبحث عن أساليب للتعبير عن الواقع خاصة، وأن البلاد تمر بظروف معقدة، ومنعطفات.. وأية محاولة لإبراز المزيد من ظواهر القسوة على الصحافة عبر مشروع القانون يعني الإبقاء على تجميد الحريات العامة، وبالتالي تستمر الصحافة في حالة الأسر داخل قفص (معذبي الأرض)، بأمر من القمم المسيطرة التي تتجاهل الواقع من حولها، الواقع الذي يفرض ضرورة اتخاذ إجراءات مطردة تعزز من قوة دور الصحافة. قضية حرية الصحافة وتحريرها من قانون الأمن والجنائي ظل قضية مطلباً صحفياً، وكثر الطرق عليه بشدة ، بخلق حراك حقوقي من أجله ولكن لا حياة لمن تنادي.
حرية الكلمة، والحرية الفكرية وامتلاك المعلومة، حقوق ربانية، واستثمار أخلاقي يحقق التماسك في خلايا المجتمع حينما يجد كل فرد مساحة من الحرية لطرح أفكاره، ونقد الواقع، وتقديم رؤى تطرح الإصلاح أوالتغيير نحو أوضاع ديمقراطية تشهد على إرساء دعائم الحكم الراشد الذي يحدد معالم التعامل الدولي مع البلدان حتى في دعمها للتنمية وإعفاء الديون، وما لم يفتح المجال لحرية الصحافة سيشتد الصراع والاحتقان الداخلي ويشهد تطوراً مزعجاً للحزب الحاكم على مستوى الدوائر الدولية والمؤسسات الحقوقية التي لم تبرئ الحكومة بعد من التضيق والخنق، والإقصاء الذي يمارس على الصحافة والصحفيين، والقهر بقوانين متعددة المسميات.. نعم ليس من المنطق أن تتعثر الصحافة السودانية في طرقات الحياة السودانية بمزاجية البشر التي تنحرف بالصحافة عن جوهرها وتصبح دفاً للراقصين على أنغام السلطة، ويبدو واضحاً أن السعي المستمر لمنع الصحافة من القيام بدورها أحدث تشوهات في كبيرة، فغاب التوازن في معطياتها. إذ برز من يحدثون من الضجيج ما تحدثه البراميل الفارغة. وتكاثر هؤلاء على الساحة الصحفية قطعاً أسهم في إغلاق منافذ حرية الصحافة بالمزاحمة المتعمدة.
لا خيار أمام صحفي الحزب الحاكم إلا التواضع مع قبيلة الصحفيين الديمقراطين على قانون يحفظ للصحافة حقوقها وحريتها ويحميها من الانتهاكات عبر القانون، وإلا ستسمر الصحافة السودانية في مرتبة متأخرة في القائمة أوضاع الصحافة عالمياً.

بلا انحناء
فاطمة غزالي
[email][email protected][/email] الجريدة

تعليق واحد

  1. لندع القوانين المقيدة للحريات جانباً فهذا عنوان كبير للصحافة الحقيقية. ولكن ما رأيك بما يحدث داخل أروقة الصحف وإدراتها بطريقة (أمسك لي وبقطع ليك). حدثني صحفي (أصبح شهيرا الآن) أن صحيفته انتدبته لتغطية احتفالات الفاتح من سبتمبر بليبيا أثر دعوة تلقتها تلك الصحيفة.التذاكر كانت مجانا بالطبع، ولكن عندما سأل صديقنا المنتدب لتغطية الحدث ذكر له رئيس التحرير الخطير (أصبح مليارديرا الآن) أنه الحكومة الليببية سوف تتكفل بالنفقات بل وسوف يصرفون نثرية يومية لكل صحفي. حمل صديقنا حقائبه وسافر (زعيط معيط) يعني بلا فلوس. عند وصوله اكتشف أنه لا توجد نثريات ولا يحزنون لذا فقد أصبح سجين بداخل الفندق. في اللوبي قابل صحفياً مغربياً، وتحدثوا في موضوع النثريات. فقال الصحفي المغربي: إن صحيفتي تحوطت للأمر لذا فقد نقدوني مبلغ 1000 دولار أمريكي لتغطية نثرياتي خلال ثلاثة أيام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    هذه واحدة من عشرات القصص التي تعكس الطريقة التي تدار بها الصحف السودانية. لا يمكن لشخص عشوائي أن يطالب بالحرية. الحرية تعني النظام. رتبوا صحفكم من الداخل وطالبوا بحقوقكم في تلك الصحف ثم تعالوا بعد ذلك يا (شاطرين) للمطالبة بحرية الكلمة والنشر.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..